9 مرشحين حتى اليوم الرابع.. هدوء في سباق الترشح لمجلس النواب بالبحر الأحمر    برعاية السيسي.. انطلاق فعاليات أسبوع القاهرة للمياه في نسخته الثامنة اليوم    أسعار الفراخ اليوم في العالي.. وتحذير من قفزات جديدة قادمة    محمد معيط: 2.67 مليار دولار لمصر من صندوق النقد بعد المراجعتين الخامسة والسادسة    وزير العمل يلتقي نظيره السوداني لتفعيل التعاون في الملفات المُشتركة    أسعار الذهب تعاود ارتفاعها وتسجل 5400 جنيها لعيار 21 والأوقية 4018 دولار    وزير جيش الاحتلال: التحدي الأكبر لنا سيكون تدمير جميع أنفاق حماس في غزة بشكل مباشر    تطبيق عملي لاتفاق شرم الشيخ.. عبور أكثر من 400 شاحنة مساعدات عبر معبر رفح    محمود بدر: مصر تقف بالمرصاد للمخططات الإسرائيلية في غزة والوطن العربي    نبيل فهمي: الوضع العربي الحالي غير مرض لأي طرف.. وعلينا استعادة المبادرة عبر التطوير والبناء والهوية    حماس: نرحب بالتحرك المصري لجمع الفصائل.. ونحن أحوج ما نكون للمصالحة    غدا.. انطلاق قمة شرم الشيخ لإنهاء حرب غزة برئاسة السيسي وترامب    صحف إسبانية: قمة شرم الشيخ تعيد التأكيد على دور مصر المحورى فى أزمة غزة    الهوكي، منتخب مصر يواجه نيجيريا في كأس الأمم الأفريقية بالإسماعيلية    طقس اليوم: مائل للحرارة نهارا معتدل ليلا.. والعظمى بالقاهرة 28    التحقيقات تكشف: لا توجد طفايات حريق بمخزن قطع غيار السيارات المحترق في السلام    بتهمة نشر أخبار كاذبة والإنضمام لجماعة إرهابية.. محاكمة 56 متهمًا اليوم    انخفاض درجات الحرارة بشمال سيناء.. والعريش 28 درجة    رسميًا.. موعد صرف مرتبات شهر أكتوبر 2025 للمعلمين وجدول الحد الأدنى للأجور    ترشيح هذه الفنانة للوقوف أمام محمد فراج في أب ولكن    أبرز لقطات العرض الخاص فيلم "أوسكار - عودة الماموث "    إصابة بايدن رئيس أمريكا السابق بالسرطان وبدء تلقيه العلاج الإشعاعي    إصابة خمسة أشخاص في تحطم مروحية في ولاية كاليفورنيا الأمريكية    «زي النهارده».. اغتيال الدكتور رفعت المحجوب 12 أكتوبر 1990    اشتباكات عنيفة على الحدود الأفغانية الباكستانية    التصريح بدفن جثة سائق «توك توك» لقي مصرعه طعنًا بشبرا الخيمة    محافظ الغربية يتفقد احتفالات مولد «السيد البدوي» بطنطا    45 دقيقة متوسط تأخيرات القطارات على خط «طنطا - دمياط».. الأحد 12 أكتوبر    تفاصيل ظهور «رونالدينيو» في كليب عالمي لمحمد رمضان    مسلسل «لينك» الحلقة 1.. سيد رجب يتعرض لسرقة أمواله عبر رابط مجهول    موعد بدء التوقيت الشتوي في مصر 2025 رسميًا.. متى يتم تأخير الساعة؟    موعد عرض مسلسل المؤسس أورهان الحلقة الأولى على قناة atv التركية.. والقنوات العربية الناقلة وترددها    بهدف زيدان.. العراق يفوز على إندونيسيا ويخوض مواجهة نارية أمام السعودية    أحمد حسن: أبو ريدة طالبنا بالتتويج بكأس العرب بسبب العائد المادي    نهاية عصابة «مخدرات الوراق».. المشدد 6 سنوات لأربعة عاطلين    نتيجة اختلال عجلة القيادة.. حادث مؤسف لوفد دبلوماسي قطري قبل شرم الشيخ ووفاة 3 وإصابة 3    حقوق عين شمس تُكرم رئيس هيئة قضايا الدولة بمناسبة اليوبيل الماسي    صحة دمياط: متابعة دورية للحوامل وخدمات متكاملة داخل الوحدات الصحية    ملخص ونتيجة مباراة إسبانيا ضد جورجيا بتصفيات كأس العالم 2026    رسميًا.. مواعيد صرف مرتبات أكتوبر 2025 للمعلمين والأشهر المتبقية من العام وجدول الحد الأدني للأجور    وزير الأوقاف فى الندوة التثقيفية بالإسماعيلية: الوعى أساس بناء الوطن    سراج عبدالفتاح: «الزراعي المصري» يستهدف زيادة حصته بالتوسع في التجزئة المصرفية    تركيا تكتسح بلغاريا بسداسية مدوية وتواصل التألق في تصفيات كأس العالم الأوروبية    «مخيتريان»: «مورينيو» وصفني بالحقير.. و«إنزاجي» منحني ثقة مفرطة    حالة من الحيرة لكن لأمر جيد.. حظ برج العقرب اليوم 12 أكتوبر    18 معلومة عن مي فاروق: الرئيس السيسي كرمها و«تأخير» حرمها من المشاركة بمسلسل شهير وخضعت ل«عملية تكميم»    خالد عجاج ينهار باكيًا على الهواء أثناء غناء «الست دي أمي» (فيديو)    خالد جلال: جون إدوارد ناجح مع الزمالك.. وتقييم فيريرا بعد الدور الأول    نجم الأهلي السابق: توروب سيعيد الانضباط للأحمر.. ومدافع الزمالك «جريء»    4 خطوات ل تخزين الأنسولين بأمان بعد أزمة والدة مصطفى كامل: الصلاحية تختلف من منتج لآخر وتخلص منه حال ظهور «عكارة»    لو خلصت تشطيب.. خطوات تنظيف السيراميك من الأسمنت دون إتلافه    أمر محوري.. أهم المشروبات لدعم صحة الكبد وتنظيفه من السموم    أوقاف الفيوم تكرم الأطفال المشاركين في البرنامج التثقيفي بمسجد المنشية الغربي    رئيس جامعة الأزهر يوضح الفرق بين العهد والوعد في حديث سيد الاستغفار    عالم أزهري يوضح حكم تمني العيش البسيط من أجل محبة الله ورسوله    عالم أزهري يوضح أحكام صلاة الكسوف والخسوف وأدب الخلاف الفقهي    تقديم 64 مرشحًا بأسيوط بأوراق ترشحهم في انتخابات النواب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم السبت 11-10-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مصر بين الهرطقة والماجنا كارتا .. بقلم : عبد الرازق أحمد الشاعر
نشر في الإسماعيلية برس يوم 09 - 09 - 2012

شهدت الفترة الممتدة بين منتصف القرن الثاني عشر ونهايات القرن الثالث عشر الميلاديين مخاضا مجتمعيا في أوروبا يشبه إلى حد كبير ما تمر به بلادنا الباحثة عن الذات اليوم. فقد تشكلت نواة التمرد على الإقطاع الفكري والسياسي والاجتماعي، وبدأت الخارطة الأوروبية في الانتماء إلى هوية واحدة تشقها الحدود وجوازات السفر إبان تلك الفترة، وتقاسمت الجامعة السلطة مع البابا والإمبراطور. ومع سقوط الإقطاع الزراعي تشكلت مجتمعات حديثة طامحة إلى الحرية وحقوق المواطنة. كما شهدت تلك الفترة صعود وأفول الحروب الصليبية وتشكل تجمعات البروليتاريا التي مهدت لظهور باقي الحركات الإنسانية في القارة الفتية.
غير أن الملفت للنظر أن تلك الفترة التي شهدت مدا سياسيا رائعا تجسد في وثيقة الماجنا كارتا والتي تعد أولى الوثائق الإنجليزية التي تحارب الاستبداد وتناهض السلطة المطلقة وتدعو إلى محاسبة الحاكم وتخضعه للقانون المجتمعي الذي يخضع له السوقة والدهماء، إلا أنها شهدت تراجعا في الحريات الدينية واستبداد رجال الدين الكاثوليك، وإخضاعهم كل من خالف عقيدتهم أو فكرهم لمحاكم التفتيش التي امتد لهيبها ليطال المسلمين الأسبان الذين رفضوا التخلي عن ديانتهم بعد سقوط دولتهم وذهاب مجدهم فيما بعد.
المؤكد أن الجامعة الفرنسية التي حملت لواء الثورة على الاستبداد السياسي وهتفت بسقوط الهيمنة الإمبراطورية على شئون البلاد قد ساهمت إلى حد كبير في شيوع المد التكفيري وذيوع التطرف الديني الذي أودع مقاليد الفكر الغربي في يد حفنة من الكهنة المنتفعين الذين استخدموا شعار الهرطقة سلاحا في وجه الثائرين على السلطان الكنسي غير المقدس وغير النزيه. ولأن الثوار كانوا ينظرون إلى التاريخ بعين واحدة، فقد انصب جام غضبهم على الحاكم المستبد، وجبنوا عن الخروج على سلطان القساوسة الذين ادعوا فيما بعد أنهم يمتلكون صكوك غفران تدخل من يشاءون في رحمة الله وتخرج من يريدون من جنته.
واستمر الأمر قرونا عدة، حتى بدأ المفكرون وخريجوا الجامعات وطبقة البروليتاريا بالتململ والضيق من إسراف الكهنة في استخدام صلاحياتهم المغتصبة والحكم بما لم ينزل الله، فثاروا في وجه كهنوتهم غير المقدس، وبدا دور الدين في أوروبا في التراجع لتحل محله الفلسفات اللادينية وتشيع الهرطقة، ويدرس الفكر الإلحادي في كافة الجامعات ويشهر من فوق كافة المنابر الثقافية هناك.
ولأننا لا زلنا حائرين في صياغة الماجنا كارتا المصرية، ونبذل قصارى وعينا في التمرد على هيمنة الحاكم الفرد محاولين إخضاع الإقطاعيين من السياسيين والرأسماليين في بلادنا لقانون موحد يضع مقاعدهم مع مقاعد طبقات الشعب الكادحة على طاولة واحدة أمام قاض عادل أشعر بالخزي. فمن العار أن نعيد اليوم بعد مرور مئات الأعوام صياغة الماجنا كارتا لنثبت أننا لم نتقدم على مقياس البشرية أنملة واحدة، وأننا نرتكب نفس الحماقات التاريخية وأن التاريخ لا يعيد نفسه إلا في بلادنا المغلوبة على تخلفها.
المخيف في الأمر نشوء حركات دينية رجعية بالتوازي مع تحررنا السياسي تطالبنا بالعودة إلى العصور الوسطى من الفكر اللاهوتي لتستمد بعض القوة من ضعف الفكر الديني وغياب الوعي الإسلامي الذي رافق عهد الانحطاط الثقافي في كافة المجالات. وخطورة تلك الجماعات تنشأ من كونها تخلط في أحكامها بين اليقيني والظني، وبين الثابت والمتحرك من أصول الفكر الإسلامي، وتجتهد في أمور السياسة محاولة تأصيل اجتهاداتها بنصوص قرآنية أو أحاديث نبوية، متجاهلة تقديم النبي صلى الله عليه وسلم رأي أصحابه على رأيه في أمور الدنيا لأنهم أعلم (من النبي) بأمور دنياهم.
ولأن الأتباع كثر، يغتر بعض الدعاة بما لديه من أصوات تهلل، فيتطاول على العباد مسلطا سيف الحق على رقابهم، وكأن الله قد أمره بفحش القول أو البحث في خفايا الناس وكشف سوءاتهم، فيفسد من حيث أراد الإصلاح، والله لا يحب الفساد. فيكون هذا الداعية مدعاة لأولى الأحلام السخيفة وأصحاب الحجج الضعيفة للتجرؤ على الرموز الدينية والتطاول عليها، فيمتد إثمه إلى من سواه. ومن هنا، يجد بعض الموتورين والحاقدين على الإسلام بغيتهم، فينقلون جعبة سهامهم من كتف الراوي إلى كتف الرواية ويبدأ اللمز والغمز فيما يقول صاحبنا وما يفتي به رجال الدين بما استحفظوا من كتاب الله وبما درسوا من آياته. وهكذا تنتقل الحرب من الشخوص إلى النصوص ويتجرأ السفهاء والمتفيقهون على الدين، فيهرفون بما لا يعرفون ويخوضون فيه بأحلامهم ورؤاهم، وهنا تكمن الكارثة.
نحتاج اليوم إلى ماجنا كارتا تنزع عن رئيس الدولة سلطاته المطلقة فلا حاكمية إلا لله، ونحتاج إلى غربلة أفكارنا التقليدية في التعصب للأشخاص والدفاع عن فكرهم دون مراجعته، وبسط أردية مقدسة فوق أكتافهم النحيلة لأننا نضر بديننا من حيث أردنا الدفاع عنه إن فعلنا. نحتاج إلى وعي مجتمعي نصطف خلفه، لا إلى أشخاص يجتهدون بفكرهم فيصيبون ويخطئون فنميل معهم حيث مالوا. ونحتاج أن نكف عن المحاباة فيما يتعلق بأمور السياسة والمجتمع وأن نتوقف عن إقحام النصوص المقدسة في آرائنا غير المقدسة لأن من يقرءون فتاولنا لا يجيدون التفرقة أحيانا بين أمور الدين وأمور الدنيا فيتعصبون للخطأ كما يتعصبون للفضيلة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.