ضبط شخص يدعو لانتخاب مرشح بالمخالفة للقانون في نجع حمادي    ما بعد الذكاء الاصطناعى    قيادي ب"مصر المستقبل": احتجاز عناصر الإخوان بتركيا شهادة استحقاق للدبلوماسية المصرية    أمم أفريقيا 2025| انطلاق مباراة الجزائر وبوركينا فاسو في المجموعة الخامسة    ضبط القائمين على إدارة مصحة غير مرخصة بالبدرشين    عزاء المخرج عمرو بيومي الثلاثاء المقبل    أحفاد الفراعنة فى الشرقية    مدبولي يؤكد استعداد مصر لاستضافة مقر الآلية الأفريقية للشراء المُوحد    محرز يقود هجوم الجزائر ضد بوركينا فاسو فى أمم أفريقيا 2025    إيمان عبد العزيز تنتهي من تسجيل أغنية "إبليس" وتستعد لتصويرها في تركيا    طارق إمام: الكتابة بالنسبة لي اكتشاف لا نهائي لأراض فنية مجهولة أو مهمشة    الأزهر للفتوي: ادعاء معرفة الغيب والتنبؤ بالمستقبل ممارسات تخالف صحيح الدين    أمم أفريقيا 2025| التشكيل الرسمي لمنتخب بوركينا فاسو أمام الجزائر    جامعة بنها تراجع منظومة الجودة والسلامة والصحة المهنية لضمان بيئة عمل آمنة    «مراكز الموت» في المريوطية.. هروب جماعي يفضح مصحات الإدمان المشبوهة    سكرتير مساعد الدقهلية يتفقد المركز التكنولوجي بمدينة دكرنس    الاحتلال الإسرائيلي يغلق بوابة "عطارة" وينصب حاجزا قرب قرية "النبي صالح"    ترامب يعلن توقف القتال الدائر بين تايلاند وكمبوديا مؤقتا: واشنطن أصبحت الأمم المتحدة الحقيقية    تراجع أسواق الخليج وسط تداولات محدودة في موسم العطلات    هذا هو سبب وفاة مطرب المهرجانات دق دق صاحب أغنية إخواتي    نائب محافظ الجيزة يتفقد عددا من المشروعات الخدمية بمركز منشأة القناطر    شوط سلبي أول بين غينيا الاستوائية والسودان في أمم أفريقيا 2025    نجاح أول عملية قلب مفتوح بمستشفى طنطا العام في الغربية    أبرزها عدم إلقاء القمامة في الشوارع.. "الزراعة" تكشف تفاصيل الخطة الوطنية لمواجهة الكلاب الضالة    سقوط عنصرين جنائيين لغسل 100 مليون جنيه من تجارة المخدرات    «اليوم السابع» نصيب الأسد.. تغطية خاصة لاحتفالية جوائز الصحافة المصرية 2025    ميلان يضرب بقوة ويكتسح فيرونا بثلاثية نظيفة في الكالتشيو    محافظ الجيزة يترأس اجتماع اللجنة العامة لحماية الطفولة ويؤكد دعم وحدات الحماية بالمحافظة    محافظ الجيزة يشارك في الاجتماع الشهري لمجلس جامعة القاهرة    إسكان الشيوخ توجه اتهامات للوزارة بشأن ملف التصالح في مخالفات البناء    نقابة المهندسين تحتفي بالمهندس طارق النبراوي وسط نخبة من الشخصيات العامة    أكرم القصاص للأحزاب الجديدة: البناء يبدأ من القاعدة ووسائل التواصل نافذة التغيير    هيئة سلامة الغذاء: 6425 رسالة غذائية مصدرة خلال الأسبوع الماضي    وزير الإسكان: مخطط شامل لتطوير وسط القاهرة والمنطقة المحيطة بالأهرامات    انطلاق أعمال لجنة اختيار قيادات الإدارات التعليمية بالقليوبية    وزارة الداخلية تضبط 4 أشخاص جمعوا بطاقات الناخبين    قضية تهز الرأي العام في أمريكا.. أسرة مراهق تتهم الذكاء الاصطناعي بالتورط في وفاته    رسالة من اللواء عادل عزب مسئول ملف الإخوان الأسبق في الأمن الوطني ل عبد الرحيم علي    من مخزن المصادرات إلى قفص الاتهام.. المؤبد لعامل جمارك بقليوب    صاحب الفضيلة الشيخ / سعد الفقي يكتب عن : شخصية العام!    " نحنُ بالانتظار " ..قصيدة لأميرة الشعر العربى أ.د.أحلام الحسن    هجمات بطائرات مسيرة أوكرانية تجبر مطارين بموسكو على الإغلاق لساعات    الجمعية المصرية للمأثورات الشعبية تحتفل بيوبيلها الفضي.. 25 عامًا من العطاء الثقافي وصون التراث    قيادات الأزهر يتفقدون انطلاق اختبارات المرحلة الثالثة والأخيرة للابتعاث العام 2026م    لتخفيف التشنج والإجهاد اليومي، وصفات طبيعية لعلاج آلام الرقبة والكتفين    دار الإفتاء توضح حكم إخراج الزكاة في صورة بطاطين    أبرز مخرجات الابتكار والتطبيقات التكنولوجية خلال عام 2025    بدون حبوب| أطعمة طبيعية تمد جسمك بالمغنيسيوم يوميا    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم فى سوهاج    هيئة الرعاية الصحية تستعرض إنجازات التأمين الصحي الشامل بمحافظات إقليم القناة    أحمد سامي: تعرضت لضغوطات كبيرة في الاتحاد بسبب الظروف الصعبة    وزير الخارجية: مصر لا يمكن أن تقبل باستمرار القتل والتدمير الممنهج لمقدرات الشعب السوداني    8 أبطال بجنوب سيناء يصعدون للمشاركة في تصفيات أولمبياد المحافظات الحدودية بالوادي الجديد    لافروف: روسيا تعارض استقلال تايوان بأي شكل من الأشكال    الزمالك يخشى مفاجآت كأس مصر في اختبار أمام بلدية المحلة    انطلاق الانتخابات التشريعية في ميانمار    واتكينز بعدما سجل ثنائية في تشيلسي: لم ألعب بأفضل شكل    بعد قضاء مدة العقوبة.. إخلاء سبيل حمو بيكا من قسم شرطة قصر النيل    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



دور رأس المال في حسم الانتخابات .. بقلم : د. عادل عامر
نشر في الإسماعيلية برس يوم 03 - 05 - 2012


آليات تنظيم التمويل السياسي:
يمكن تنظيم دور رأس المال في النشاط السياسي من خلال استخدام مجموعة متنوعة من الآليات والأدوات القانونية التي تقوم بضبط نظام التمويل السياسي، وتتمثل في مجموعة من القواعد التي تتعامل مع التدفق الحتمي للأموال إلي النظام السياسي ومنه، وتوفر الإطار الذي يمكن للأحزاب والمرشحين العمل داخله بشكل قانوني للحصول علي المال اللازم لأنشطتهم وإنفاقه، والذي يستطيع من خلاله المواطنون والمنظمات الإسهام في تمويل هذه الأنشطة.
هذا ويمكن تصنيف الأدوات القانونية لتنظيم أنشطة التمويل السياسي إلي أربع فئات، كما يلي:
1 لوائح مصادر تمويل المرشحين والأحزاب: تشمل هذه الفئة الأدوات المنظمة لتدفق الموارد الاقتصادية في الأنشطة السياسية من خلال التحكم في استخدام مصادر معينة للتمويل أو حظر استخدامها (لوائح سلبية)، أو توفير استخدام مصادر أخري أو الحث علي استخدامها (لوائح إيجابية).
2 لوائح المصروفات السياسية: تضم هذه الفئة القواعد التي تشكل الأسقف العامة للنفقات الانتخابية للأحزاب والمرشحين، بالإضافة إلي الحدود أو المحظورات المطبقة علي استخدام بعض بنود المصروفات المحددة، خاصةً إعلانات الحملة الانتخابية، كما تضم الحدود المفروضة علي مدة استمرار الحملات الانتخابية.
3 لوائح الشفافية المالية: وتغطي جميع المعايير التي تفرض علي الأحزاب والمرشحين والممثلين السياسيين الآخرين، وإبلاغ الهيئات الحكومية عن مصدر مواردهم الاقتصادية واستخدامات هذه الموارد، كما تتضمن هذه المجموعة القواعد التي تحدد ما إذا كانت هذه المعلومات تمت مراجعتها وتم الإفصاح عنها محلياً أم لا. كما تهدف قواعد الشفافية إلي إلقاء الضوء علي مصادر دعم الأحزاب والمرشحين، وعلي التزامهم بالقواعد المنظمة للتمويل السياسي، في حين أن الكشف عن مثل هذه المعلومات قد يكون ذا قيمة حقيقية للديمقراطية، فقواعد الشفافية أيضاً أداة حاسمة ذات صلة كبيرة بنجاح بعض إصلاحات التمويل السياسي مثل حدود المساهمة والمصروفات. وفي العديد من الأحوال، تعتمد فعالية حدود المصروفات كلياً علي وجود نظام قوي للإفصاح عن التمويل السياسي.
4 العقوبات والجزاءات: وتضم هذه الفئة جميع العقوبات المطبقة في حالة حدوث أية مخالفة لأي من الحدود أو الالتزامات الناتجة عن الثلاث قواعد السابق ذكرها، وعلي المستوي الدولي، يُلاحظ أن الغرامات هي العقوبة الشائعة لأية مخالفة لقواعد التمويل السياسي
من المؤكد أن التنظير الاجتماعي المتعلق بالدين يحتاج إلي مراجعة أساسية في عصر أصبحت المعاني تشكل فيه رأسمال، بحيث أصبحنا نتحدث عن رأس المال الثقافي ورأس المال المعرفي ورأس المال الاجتماعي وأخيرا رأس المال الديني،
وهو ما نتعرض له بالتحليل في هذه الدراسة. وإذا كان الدين يعرف باعتباره "نظام متكامل من المعتقدات والمعاملات التي تشكل قاعدة لأسلوب حياة وشعائر ومؤسسات تساعد الأفراد علي أن يدركوا معني لحياتهم من خلال التوجه إلي ما يرونه مقدسا وله قيمة نهائية والالتزام بذلك". غير أننا قبل أنة نتحدث عن الدين كأحد أنماط رأس المال نري ضرورة التعرض لمكانة الدين في المجتمع ، وطبيعة الدور الذي يلعبه الدين في صياغة التفاعلات الاجتماعية أو ما يمكن أن يسمي بوظيفة الدين ، ولكي تحقق ذلك نرى ضرورة طرح مجموعة من التساؤلات الضرورية، منها هل الدين يؤدي وظيفة إيجابية لصالح المجتمع ، ومن ثم فهو يشكل قيمة مضافة له، أم أن الدين يؤدي وظيفة سلبية تعوق حركة المجتمع كما أشارت إلى ذلك بعض نماذج التنظير الاجتماعي.
هل يمكن أن يتم تحديث المجتمع بتحديث التراث وإعادة قراءة نصوص الدين لاستكشاف طبقات المعاني التي تضمن نسبية الواقع فى مطلق النص الديني، وتساعد على قراءة تنوعات الزمان والمكان وحالة الاجتماع فى إطاره، أم التحديث الغربي فسوف يظل الأيقونة المقدسة التى تدور حولها؟.
هل يمكن أن يشكل الدين والمعاني الدينية قيمة مضافة لرأس المال المجتمعي بإمكانها التحول إلى قيم إنسانية واجتماعية واقتصادية وسياسية تساعد الإنسان على مزيد تكييف واقعة لمتطلباته وإرادته؟ هل يمكن أن للمعاني الدينية القدرة على استنفار الفعل الإنساني القادر على تغيير الواقع ومدخلاً إليه، عملاً بقوله تعالى "إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"
هل أن تجعل المعاني الدينية الإنسان فاعلاً ثوريا قادراً على تغيير واقعة وإعادة تشكيلة بما يجعله ملائم لإشباع حاجاته، باعتبار أن الإنسان "خليفة الله فى الأرض عملاً بقوله تعالى "وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم مالا تعلمون الآية 30 من سورة البقرة" ومن ثم عليه أن يعيد بناء واقعة بما يجعله ملائماً لإشباع حاجاته المادية والمعنوية، ومن ثم جديراً بالحياة فيه؟. هل نحتاج إلى مراجعة أفكارنا وتصوراتنا فيما يتعلق بالدين، كأساس للثقافة والحضارة وكذلك كمدخل للتحديث؟ ما نطرحه هو من نوع الأسئلة الكبيرة التى تحتاج لقدر من التأمل الإنساني، يشكل محاولتنا وذلك في محاولة للاقتراب العلمي من قضية العلاقة بين الدين والمجتمع ، حيث تعرضت هذه العلاقة في الفترة الأخيرة لقدر كبير من الجدل حتى أصابها قدر من عدم التحديد الأمر، الذي يفرض علينا التعرض الدين ككل النظم الاجتماعية يعد من المكونات المحورية في بناء المجتمع. وإذا كان المجتمع هو صانع نظمه وعناصره الأساسية بصورة تلقائية من خلال المسيرة التطورية التي قطعها. فإن الدين في بعض تاريخه كان إبداعاً اجتماعيا ، حيث أحتاج الإنسان البدائي إلي تأسيسه انطلاقا من حاجته إلي الأمان ، الذي يمكن أن يتحقق إذا أعتقد بوجود قوة قادرة علي كل المخلوقات المحيطة به ، حتى تفرض العدل والتفاعل المستقر بين مختلف الكائنات في المجتمع البدائي
غير أنه حينما أصبح العقل الإنساني قادراً علي التجريد، جاءته الديانات الكتابية التي يرجع مصدرها إلي خارج هذا العالم الطبيعي، منطلقا من عالم ما وراء الطبيعة. وهو ما يعني أن الدين يشترك مع عناصر ومكونات البناء الاجتماعي الأخرى في خاصية النشأة التلقائية من خلال التفاعل الاجتماعي الحادث في بناء المجتمع. خاصة فيما يتعلق بالأديان البدائية ارتباطا بذلك تختلف الأديان الكتابية المتقدمة فى كونها ليست من إبداع المجتمع ، بل من إبداع القوي الإلهية الكائنة فيما وراء الطبيعة. بالإضافة إلي ذلك فإن الدين يشترك مع النظم الاجتماعية الأخرى في تحرك التدين الإنساني من حالة اللاعقلانية إلي حالة العقلانية. حيث أصبح السلوك الديني كالسلوك الاقتصادي موجها لتحقيق أهداف محددة سواء بالنسبة للمجتمع أو الجماعة أو الفرد.
ومن خلال متابعة التطور الحضاري علي الصعيد العالمي فسوف نجد أن الدين يشكل دائماً قيمة مضافة إلي جانب أنه قاعدة لإنتاج معارف ومنظومات قيم. فمن ناحية نجد أن الدين شكل رافدا من روافد المعرفة الإنسانية الشاملة، فإلي جانب المعرفة الفلسفية التي توصلت إليها الحضارة الإغريقية فقد كان الوحي بالمسيحية مصدراً جديداً للمعرفة من خارج العالم، وإن كان مهتماً بتنظيم الحياة في هذا العالم. وقد أنتجت المعرفة الدينية المسيحية فكراً اجتماعيا في القرن التاسع والقرن الثالث عشر قدمه بعض قساوسة الكنيسة مثل القديس أوغسطين والقديس توما التكويني.
وحينما وقعت الكاثوليكية في بعض الانحرافات الدينية ، قامت حركة الإصلاح الديني التي شكلت ثورة أطلقت عقال التفكير في الدين وفي العلوم الطبيعية، ثم في العلوم الإنسانية ترتيبا علي أفكار عصر التنوير وعبره ، وهو العصر الذي كان متأثرا في غالبة – إن سلبا أو إيجابا – بالمعتقدات والأفكار الدينية. حتى وقع الصدام بين الدين والساسة بسبب الادعاءات المتباينة حول أيهما ينبغي أن يخضع للأخر. بحيث شكل ظهور التأكيد علي العلمانية انتصارا للسياسة والعلم – فى التصور الغربي- علي الدين الذي فرض عليه التراجع إلي حدود الضمير الشخصي.
يؤثر العنف أيضًا على الأمن القومي للمجتمع لأنه يخلق عادة الاجتراء على السلطة، الأمر الذي يفقدها القدرة على الضبط والسيطرة، وهو الباب الخلفي لتآكل الشرعية التي منحت لها، فإذا هي تبادلت عنفًا بعنف، فإن ذلك قد يدفع بعملية العنف المتبادل إلى الدوران بفعل تبادلات العنف المتقابلة، في هذه الأثناء من المنطقي أن تتسع مساحة العنف على حساب تآكل قدرة الضبط، فإن أصبحت الدولة أكثر عنفًا أو قهرًا فإننا نكون بإزاء أحد احتمالين: تزايد مساحة العنف إذا كان البطش أو القهر محدودًا، أو تزايد تراكم التوتر ليصبح عنفًا مؤجلاً إلى إشعار آخر، ينفجر حينما تهتز موازين القوة ولو للحظة، أو حينما يأتيه دعم من الخارج، وتكنولوجيا الاتصال الحديثة ذات فعالية في هذا الصدد. ومن ناحية ثانية فإن انفجار العنف أو تشبع الأرض به قد يحرم الدولة من السلوك الاستراتيجي، الذي قد لا يهتم كثيرًا بالإشباع الفوري لحاجات البشر في الحاضر لصالح بناء مستقبل أكثر قدرة على تحقيق الإشباع، فالدولة القائمة على أرض الواقع "حبلى" كأنما هي تسير على سطح من صفيح ساخن إذا جاز أن نستعير تعبير الكاتب الأمريكي "تيني ويليامز" سلوكها دائمًا تكتيكي، تلهث جاهدة لإشباع بعض الحاجات ولو بشكل ناقص ومظهري حتى تؤجل الانفجار وتكون الدولة حينئذ كمن يهوى دائمًا على منتصف الدرج، لا هي أسست النتيجة بمنطق استراتيجي حتى تؤسس الاستقرار والتحديث لمجتمعاتها، ولا هي اكتفت بمنطق تكتيكي بحت فاقتصرت جهودها على إشباع الحاضر، لقد شغلها هاجس الخوف من تفجر العنف، عن تنمية المجتمع وتطوير قدراته، وفي ذلك إضرار بالغ بالأمن القومي لأن التوقف عن التنمية وهدر الإمكانيات في عالم تتسارع فيه الخطى من الحداثة إلى ما بعد الحداثة يعتبر في حد ذاته هدرًا للقدرات التي يمكن أن تفعل للمساهمة في بناء المستقبل ومن ثم هدرًا للمستقبل.
بالإضافة إلى ذلك فإن انتشار العنف في المجتمع وانشغال الدولة بملاحقته يؤدي إلى رسم صورة من عدم الاستقرار للدولة والمجتمع أمام العالم الخارجي، حيث تبدو الدولة ضعيفة أمام العالم الخارجي ومنشغلة عن مهامها الأساسية في تحديث المجتمع، وقد يحاول البعض الخارجي البحث في أسباب انتشار العنف فيجد أن الدولة تقع عليها مسؤولية كبيرة في ذلك بالعجز عن تعبئتها للموارد من أجل التحديث لإشباع حاجات البشر أو بسبب ممارساتها للقهر والعنف السياسي، الأمر الذي يدفع إلى استبعاد عالمي لمكانة هذه الدولة وأدوارها، كما يؤدي العنف في المجتمع إلى تراجع الاستثمارات الخارجية التي يمكن أن تشارك في عملية التنمية عن المشاركة بحجة عدم الاستقرار الاجتماعي في عالم أصبحت الاستثمارات الخارجية تلعب دورًا رئيسيًا في تنمية المجتمعات، بخاصة مجتمعات العالم الثالث وهو ما يؤدي إلى مزيد من عدم استقرار المجتمع، ومزيد من إبراز عجز الدولة، الأمر الذي يؤدي في النهاية إلى مزيد من التراجع على كافة المستويات وتشويه صورة الدولة أمام العالم الخارجي، وفي ذلك إضرار فادح بالأمن القومي، بل إننا نجد أن استمرار حالة عدم الاستقرار قد تدفع إلى إغراء القوى الخارجية بالإقدام على التدخل في شؤون المجتمع. جريمة الرشوة الانتخابية مثل جريمة الرشوة الوظيفية يتعين أن يتوافر فيها القصد الجنائي ولكن هل يكفي لقيامها تحقق القصد الجنائي العام أم أنه لابد تحقق قصد جنائي خاص؟
إن القصد العام بداءة هو توجه إرادة الجاني صوب ارتكاب فعل أو الامتناع عن فعل يعلم أن القانون يعده جريمة جنائية ويرصد له عقاباً جنائيا، أما القصد الخاص فيشترط فيه فضلاً عن توافر القصد العام ثبوت النية نحو تحقيق هدف معين يحدده القانون
وفي ذلك ذهب رأي إلى أنه يتعين أن تكون لدى الجاني الراشي نية إجرامية خاصة مفهومة على تقديم العطية أو الوعد بها وذلك بقصد التأثير على نتيجة الانتخابات وذلك إما من خلال التصويت لصالح مرشح معين أو الامتناع عن التصويت لمرشح معين وأن يكون المرتشي قد أقدم على جرمه بقبول أو طلب أو أخذ الفائدة بهدف التصويت لمرشح معين متأثراً بما قبله أو أخذه أو طلبه من فائدة أي أن يكون تلقيه للعطية أو الوعد في مقابل ما سيقوم به من عمل أو امتناع للتأثير في نتيجة الانتخاب
بيد أن الرأي الغالب في الفقه اتجه إلى الاكتفاء في هذه الجريمة بتوافر القصد الجنائي العام من علم وإرادة حيث يكفي أن يقصد الناخب في الجريمة أن يتحصل على الفائدة المقدمة في مقابل القيام بالتصويت أو الامتناع عن التصويت، فليس من اللازم إذن وفق هذا الاتجاه الفقهي أن تنصرف إرادة الناخب إلى القيام بالعمل المطلوب فالجريمة تقوم حتى ولو لم يكن المتهم ناوياً أو عازماً القيام بالعمل المطلوب على النحو السابق بيانه.
وبناء عليه فإنه يكفي لوقوع جريمة الرشوة الانتخابية توافر القصد العام من علم وإرادة ولا يلزم توافر قصد جنائي من نوع خاص تتجه فيه إرادة الناخب المرتشي إلى تحقيق نتيجة معينة ذلك لأن الرشوة من جرائم الخطر أي أنها من جرائم النشاط ومعنى هذا أنه يكفي أن يطلب الناخب فائدة مقابل القيام بالتصويت أو الامتناع عن التصويت لمصلحة مرشح معين، أو أن يقوم شخص ما مرشحاً كان أو وكيلاً عنه بإعطاء أو بعرض أو بالتعهد بإعطاء ناخب فائدة لنفسه أو لغيره ليحمله على التصويت على وجه معين أو الامتناع عن التصويت ومن ثم فلا يلزم لوقوع تلك الجريمة تحقق نتيجة معينة.
وقد أيدت هذا الاتجاه واعتنقته محكمة النقض المصرية فيما يتعلق بجريمة الرشوة الوظيفية لقد استغل الاحتلال حاجة الناس إلى المال من اجل قضاء حوائجهم أسوأ استغلال , ترغيبا وترهيبا , راغبا في ثنيهم عن مقاومته , وإخضاعهم لسياساته , وإسقاط بعضهم أن استطاع .
لذلك رأينا الشرفاء- بعد الشريعة التي حرمت أسلوب التعامل بالرشوة- يرفضون هذا النهج . واعتبره القانون من الجرائم الانتخابية التي يحاسب مرتكبها . لما يحمله من مخاطر على الفرد والمجتمع على الأمدين القريب والبعيد. من خلال تزوير إرادة الشعب , وإيصال من هم ليسوا على قدر المسئولية إلى مواقع اتخاذ القرار ,وما سيفرزه ذلك من ضعف الأداء , واستغلال المواقع وإقصاء أهل الاختصاص والكفاءة بمفهومها الشمولي . وإنني أرى أن الأخطر من ذلك كله هو تجسيد مبدأ سطوة رأس المال . وصناعة جيل من الرقيق المسيرين من قِبَل ذوي الثروات .وهذا بحد ذاته هدف احتلالي متمثل بالسعي اى نزع إرادة الشعب أو قطاعات منة وكسر نفسياتهم من خلال عبوديتهم للمال الذي يملكه الاحتلال بكثرة ويتحكم في مفاصله على الأغلب . فما الحصار الاقتصادي المضروب علينا وعمليات تدمير الاقتصاد وإذلال العمال إلا وسيلة من اجل تحقيق ذلك الهدف .
لذلك فان استعمال المال أو الوعود بتقديم المنفعة الشخصية بعد الفوز لفرد أو أكثر, ما هو إلا خدمة للمخطط الاحتلالى شاء الفاعل أم أبى , لان العبرة في الأفعال وليس في الشعارات والنوايا . كما وانه لابد من التأكيد على انه لا يلجأ لمثل هذا الأسلوب الرخيص, إلا ضعيف الأهلية أو فاقدها كونه يعلم أن الناخب لا يريده, وان رصيده بين الناس ضعيف ووعوده غير مقنعة للمجتمع .من هنا وجب على الناخب أن يلفظ من يقوم بذلك ويحاسبه على استهتاره بالناس واعتقاده أن ذممهم وقناعاتهم تشترى بالمال كما يحصل مع الأراذل .وتلك المحاسبة تكون بفضحهم ورفع الشكوى ضدهم وعدم انتخابهم . والأمر ليس متعلقاً بمرشحين محددين أو أتباع لهم, فأي مرشح أو قائمة يستخدم ذلك لا يعتبر أهلا لتحمل المسئولية. وبإمكان من أجبر على وضع ورقة كتبت له من خلال ما يسمى الكرت الدوار- والذي استخدم أكثر من مرة في صورةٍ مذلةٍ للناخب تُشعره انه يباع بالمال ولا توجد ثقة به- أن يُفشل تلك الورقة من خلال تشطيبها قبل وضعها في الصندوق.
وفي الختام أقول إن شعبنا أسمى من أن ينقاد إلى مستخدمي الرشوة الانتخابية. وانه سيُحاسب من يرتكب تلك الخطيئة من خلال صناديق الاقتراع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.