أثرت الأوضاع السياسية والأمنية التي تعرفها مالي على دول المنطقة والجزائر على وجه الخصوص، حيث أدت الحركة الواسعة لنقل السلاح من ليبيا والنيجر وصولا إلى شمال مالي، إلى تغذية الخلافات القائمة بين حكومة باماكو والقادة العسكريون وحركة تحرير الأزواد من جهة، وساهمت في انتشار العمليات الإرهابية ضد المدنيين من جهة أخرى. ورغم الإحترازات الأمنية المشددة التي اتخذتها السلطات العليا في الجزائر ضد أي خطر قد ينجم عن الحروب الجارية في مالي و ليبيا، إلا أن الوضع ساهم بما لا يدع مجالا للشك في انتشار الاستخبارات الأجنبية على مشارف حدود الجزائر الجنوبية. ويطرح حادث المرور الذي تعرض له أمس 3 عسكريون أمريكيون و3 عسكريون مغاربة، كانوا على متن سيارة واحدة بنهر النيجر، تساؤلات عديدة حول خلفية التواجد المغربي بمالي، وكذا عن الأسباب التي قد تجمع الأطراف العسكرية الأمريكية والمغربية في سيارة واحدة في منطقة تعرف توترا حادا حاليا، و ما علاقة المغرب بما يدور في حدود الجزائر الجنوبية، وكذا بتدهور الوضع في شمال مالي وظهور حركة الازواد وفكرة الاستقلال عن مالي. وحسب ما أكده المسؤول في الدفاع المدني في مالي، علي دياكيتي، أمس، فإن "ثلاثة عسكريين أمريكيين وثلاثة مغاربة كانوا في سيارة واحدة قتلوا في حادث سير في باماكو". وأوضح أن الحادث وقع على احد جسور المدينة حيث خرجت السيارة عن الجسر وسقطت في نهر النيجر، مضيفا أن جثث القتلى الستة تم انتشالها من النهر. وتحاول الاستخبارات الغربية إيجاد الوسيلة المناسبة لبسط النفوذ الأجنبي بدول شمال إفريقيا، وإيجاد الشرعية للتدخل في الجزائر على وجه الخصوص، من خلال إحاطتها عبر حدودها بأزمات دول الجوار ومحاولة خلق انعكاسات لها على الواقع الداخلي للبلاد، بمساعدة دول عربية خاصة بعض دول الخليج ونظام المخزن. وتعتبر قضية الدبلوماسيين المختطفين بمالي، حسب الخبراء في شؤون السياسة مجرد محاولة لإجبار الجزائر على التدخل العسكري في مالي، وجعلها ضمن معادلة التقسيم المسطرة وفق أجندات أمريكية- أوروبية، ويعد الموقف الدبلوماسي الثابت للجزائر، بعدم التدخل في شؤون الدول الأخرى، أمرا خارج دائرة السيطرة الفرنسية والأميركية، ومن بين المقومات التي تدفع إلى محاولة زعزعة استقرارها والسعي إلى إحاطتها ومحاصرتها عبر حدودها مع ليبيا ومالي، خاصة وأن منطقة الساحل الإفريقي تعرف عمليات إنزال عسكري فرنسي وأمريكي كثيف بشمال مالي. وإن كان هذا الطرح يميل إلى اللا واقعية في نظر بعض الجهات التي تراه تحليلا مبالغا فيه، إلا أن كرونولوجيا الأحداث في شمال إفريقيا، تدفع إلى التفكير في أهداف الغرب من التواجد الدائم في منطقة الساحل، وعن دورهم الحقيقي في تطورات الأحداث، وحقيقة سعيهم للزج باسم الجزائر في شؤون دول أخرى.