لابد أن أمي الآن في انتظاري تجلس بجوار الهاتف وبجوارها جهاز التسجيل لكي تسمعني أغنية الفنانة فايزة أحمد ست الحبايب يا حبيبة يا أغلي من روحي ودمي يارب يخليك يا أمي ست الحبايب يا حبيبة ، وفي انتظار أن تسمع رنين الهاتف لتسمع صوتي لتهنئتها بعيد الأم. وقبل أن أرفع سماعة الهاتف أعرف مقدما ماذا تقول لي أمي كعادتها في كل عيد ، أنها ستقول لي : "يا ابن اللذينا نسيت أمك في عيد الأم .. وفين هدية عيد الأم أوعى تضحك عليها زي السنة اللي فاتت .. أنا عايزة حلق مخرطة تقيل وسلسلة بمشاء الله وخاتم بفص كبير ، عيزاهم تقال يملوا العين وأفتخر بيهم أمام الجيران عشان يا أبني لما أكون معذورة ومحتاجة ممدش أيدي لحد واستلف لغاية لما ربنا يفرجها أبيع حاجة منهم أعيش ذي الناس اللي عايشه بخير ولادها لأن معاشي ومعاش المرحوم أبوك يا دوب بينصرفوا على ولاد أخوك اليتامى ، وأنا دايما بدعليك ليل نهار ربنا يكفيك شر المخبي في علم الغيب ويحبب فيك خلقة !!!". كم أنت عظيمة يا أمي الآن قد شوقتني لكي أسمع صوتك وكلامك الجميل وأقولك كل سنة وأنت طيبة يا ست الحبايب يا أمي. جرس الهاتف يدق في منزل أمي ربما لازالت نائمة وليست عوايدها في هذه المناسبة رنين الهاتف يدق باستمرار .. يا ألهي !! ماذا حدث لأمي ؟ .. ربما خرجت لزيارة الطبيب ولم تعد. حتى الآن رنين الهاتف يدوي في أذني بدون توقف .. يا ألهي !! ماذا حدث لأمي .. ولم يرد أحد بالمنزل ؟ .. أعرف جيدا أمي لأنها تعيش وحيدة في بيتنا مع ذكريات الماضي الجميل: رنين الهاتف يستمر ولا أحد يرد على هاتف أمي. ربما صوت التسجيل عالي ووالدتي عمرها الآن 93 عاما وأصبح سمعها ضعيف الآن بالرغم أرسلت لها جهاز تليفون حديث للتنبيه بإشارات ضوئية وهي تعرف جيدا أنني على موعد بتهنئتها اليوم بمناسبة عيد الأم. رنين الهاتف يستمر ولا أحد يرد على الهاتف. وتدخل على أبنتي تسألني لكي تعرف من أخاطب علي الهاتف .. قلت لها : أتحدث مع مصر ، النهارده عيد الأم في مصر وأمي في انتظار هذه المكالمة لكي اقول لها كل سنة وأنت طيبة يا أمي. وأخذت أدندن أمام أبنتي بمقطع ست الحبايب يا حبيبة يا اغلي من روحي ودمي. ونظرت أبنتي إلي والدموع تتساقط من عينها وهي تقترب مني وتسحب الهاتف من يدي برفق وهي تحتضني وتقولي لي بحشرجة من البكاء المكتوم أن جدتي رحت إلي السماء منذ سنوات يا أبي !! .. أدعي لها الآن سيصل دعاءك لها كما كانت تدعوا لك دائما. يا الهي لقد نبهتني أبنتي الآن أن أمي قد رحت منذ سنوات ولكن تركت لنا الهاتف به الحرارة ربما أحد يسأل عنها ليتأكد أن بيت أمي لازال به روحها تطوف مع ذكريات الأبناء في عيدها. سامحيني يا أمي ربما فقدت عقلي في عيدك وكنت أشعر أنك على قيد الحياة وفي انتظاري لكي أقول لكي : كل سنة وأنت طيبة يا ست الحبيب.