ترعرعوا ما بين جنائز المقابر وشوارع الجنائز احتضنوا تراب قبورها كزاد لكسب عيشهم ببعض الدراهم,تسلقوا مصعد الحياة بكد عرقهم لرشفهم الماء على القبور وعيناهم ترتجي من السماء ان يزيل الله غيوم مكابدتهم في منازل المقابر. هم اولاد القبور وكمراسلة ل"جريدة الاسماعلية برس" تحدثت مع أحد هؤلاء الاولاد والذي ارتمت جروحهم مابين القبور,وصفعتهم الالام حتى النفور بحمل قنيناتهم لسد رمق فقرهم وبؤس حالهم. يتحدث محمد طفل لايتجاوز ثماني سنوات عن مسار كده وجهده في مقبرة الغفران وهي احدى المقابر في مدينة الدار البيضاء التى صارت ملاذه اليومي بثورة قنيناته التي تعلن الحرب كل يوم لكسب عيشه. محمد لم يزر مقاعد المدارس قط رغم صغر سنه لفقر اسرته المدقع ، لذا خرج مابين شوارع القبور كرجل كهل مرت به سنين الدهور , صوته يجهش كخرير المياه بجروح التعازي في حمله لقنينات ماء من حجم خمس ليترات والشمس تحرقه في جسده الصغير الذي يصرخ في ومض انفاسه الملتهبة بحريق الزمن القاهر ليرحل في منتصف النهار بكسب قوت يومه الذي لايتجاوز 30و40 درهم في اليوم الواحد. ثمن بخس لم يلملم معاناة محمد وهو يطعن بخنجر الالام مابين القبور لكي يرى روحه تشيع كجنازة في فقر قتل احشائه بجنون. ترقرق عيناه لكي يتحدث كريم صديقه وهو ايضا من اولاد القبور بصوت دافئ ووجه شاحب كصقيع الثلوج عما تختلج نبضات قلبه من دقات وهو يسقي القبور ينتفض جسده الدي صار انيس الاموات ورفيق تراب الاحزان. غاذر كريم صفوف الدراسة في سن التاسعة بعدما ان توفي والده لكي يرحل الى دار البقاء ليصفع مع اخوته الصغار ووالدته بكف البؤس والفقر ليخرج لكي يحمل قنينات الماء في المقابر ويطفو كقارب يستغيث الدراهم فؤاده صار من تراب يدفن على الاحجار ويرتجي من الله ان يرزقه الكسب الحلال. يجهشون بكاء المعاناة ويسرقون صمت الاحزان لانهم ابطال صغار في مقابر تحتضنهم بمياه الالام.