ظل أبناء الرؤساء السابقين خاصة عبدالناصر والسادات غير معروفين لعامة الشعب إلا من خلال بعض الصور العائلية مع والديهم، وعلي سبيل المثال لم نعرف المرحوم خالد عبدالناصر إلا بعد وفاة والده وتحديدا بعد اتهامه مع محمود نور الدين فيما عرف بتنظيم ثورة مصر، ولم تعرف ساحة البيزنس جمال السادات إلا بعد استشهاد والده بسنوات طويلة، كذلك استغرق ظهور كل من علاء وجمال مبارك ما يزيد علي 10 سنوات بعد تولي والدهما الرئيس السابق حكم مصر،ولم يرتكب مبارك خطيئته الكبري إلا بعد ذلك بسنوات حينما حاول تصوير ابنه جمال ليقوم بدور في المشهد السياسي عن طريق أمانة السياسات لكنه حتي لحظة خلعه لم يجعله يودع مسئولاً كبيراً كانت زيارته لرئاسة الجمهورية تحديدا! وما نشر عن ذهاب أحمد ابن الرئيس المنتخب محمد مرسي إلي مطار القاهرة الدولي وتحديدا صالة كبار الزوار لمقابلة راشد الغنوشي رئيس حزب النهضة المنتخب للإخوان المسلمين ليعطيه هدية كان الرئيس أو رئاسة الجمهورية نسوا أن يقدمانها للغنوشي أثناء زيارته التي استمرت لأيام في ضيافة رئيس الجمهورية وجماعة الاخوان المسلمين التي ينتمي إليها بتونس، الأمر قد يبدو بسيطا لكنه ينبيء بإشكالات عديدة أولها سوء التنظيم والارتباك الذي صار هو السمة المميزة لرئاسة الجمهورية في عهد مرسي، هذا الارتباك الذي بدأ مع رمز اسلامي ومصري كبير هو فضيلة الدكتور أحمد الطيب شيخ الجامع الأزهر حين لم يجد له مكاناً بين كبار الزوار في جامعة القاهرة أثناء حفل تنصيب رئيس الجمهورية المنتخب فأثر الانسحاب حفاظا لكرامة أعرق مؤسسة تعليمية ودينية في مصر والعالم العربي والإسلامي، ولو كانت هناك نخوة علمية وغيرة علي الأزهر الشريف لقامت المظاهرات ولم تقعد ضد ما حدث! الأمر الثاني أننا أصبحنا أمام خطابات متناقضة ممن ينتمون إلي الجماعة وإن لم يكن تنظيميا فبالإرث الوالدي، وقبل ذلك بأيام صرح ابن الرئيس مرسي لإحدي الفضائيات بأنه مواطن مصري ولا ينتهي لجماعة الاخوان المسلمين وليس أيضا عضوا بحزب الحرية والعدالة، الكلام جميل، ومادام كان رهاننا علي الأفعال لا علي جميل الأقوال والانخداع ببريقها الزائف، فإنه حتي الآن لم يفسر لنا أحد بأي صفة ذهب ابن الرئيس إلي المطار ودخل صالة كبار الزوار وأهدي هدية نيابة عن الرئيس إلي ضيف رسمي؟ باستهجان موضوعي واجه الاعلامي خيري رمضان علي قناة »سي بي سي« هذه الواقعة وطالب العاملين بمؤسسة الرئاسة بالشفافية وعدم الوقوع في أخطاء من سبقوهم، فلمن لا يعرف أن أهم الأسباب التي جاءت بالرئيس مرسي إلي قصر العروبة هي تصرفات من هذا النوع لم يلتفت إليها الرئيس السابق فهل سيستمر ابن مرسي في طريق سار عليه جمال مبارك حتي وصل الآن إلي سجن طرة؟! عملاً بماقاله محللون قدامي أننا أمة خرجت من التاريخ لأنها لم تع دروسه؟! علي هذا الحال يبدو - بل هو ما يحدث - أن الرئيس مرسي لو أراد أن يشق طريقاً يميزه شخصياً ويعيد إلي مصر صورتها الأبهي لابد أن يتخلص مما يكمن وراء كلمتين بسيطتين رددهما في أول خطاباته، وربما كانت نواياه طيبة يقصد منها المحبة والتواصل مع الشعب حين قال »أهلي وعشيرتي« إلا أن ما يحدث من تصرفات بعض أعضاء جماعة الاخوان وتدخلهم في كثير من الأمور خاصة من ترتيب من سيكون ضمن مرسي الرئيس ومن لا يكون علي سبيل المثال يؤكد ذلك أن الرئيس كان يقصد بالأهل والعشيرة معناهما المباشر ولعله من قبيل المراهقة السياسية أن يطالب بعض السياسيين - أو من يدعون ذلك - الرئيس مرسي بالانسلاخ عن جماعة الإخوان والاستقالة من حزب الحرية والعدالة باختصار لأنه رئيس كل المصريين الآن، ولا يخفي علي أحد أن هذا الأمر ليس باليسير علي رجل قضي عمره منتمياً للجماعة التي رشحته ثم ساندته ودعمته في حملاته الانتخابية منذ كان منافساً علي مقعد البرلمان حتي دخوله قصر الرئاسة ولا تزال ترسانتها المالية والإعلامية حتي وصل الأمر إلي أن الرئيس صار مسئولية المقربين من أعضائها، أظن أن الرئيس يستطيع أن يكون لاعبا سياسيا ماهرا لو أمكنه الفصل بين انتماء صغير للجماعة وانتماء أكبر هو للوطن.. أظنه يستطيع لأنه قبل كل انتماء هو مواطن مصري شرقاوي أبا عن جد خاصة أنه قال: نحن نبني الآن الدولة المدنية الدستورية الحديثة.. ولعل ذلك الهدف لن يتأتي له النجاح إلا بالتجرد عن كل انتماء إلا الانتماء لمصر.. ومصر وحدها.