فاز الكاتب الياباني الأشهر والمرشح الدائم لنوبل "هاروكي موراكامي" بجائزة هانز كريستيان أندرسن، وبذلك انضم إلي عدد من الكتاب المرموقين الذين سبقوه إليها مثل سلمان رشدي، إليزابيث اللندي، جي كي رولينج، وباولو كويللو. وقد مُنح تمثال برونزي و500 ألف كرون دنماركي، قام بتسلمهما في احتفال بمدينة أودنس الدنماركية بعد عام من إعلان فوزه بالجائزة، وقد جاءت في حيثيات فوز موراكامي: "نثره الأدبي قادر علي تجسيد رؤية عالمية، وسرده الساحر يضع أعماله في مصاف كتابات هانز كريستيان أندرسون، وقدرته فائقة علي خلط السرد الكلاسيكي مع ثقافة البوب والتقاليد اليابانية، بالإضافة إلي أن تخيلاته الواقعية، ومناظراته الفلسفية تؤهله لأن يصبح وريثا لتراث أندرسن" . مثل أندرسن؛ يتحدي هاروكي موراكامي الأفكار النمطية المألوفة للقراء حول الهوية، والأصل العرقي، أيا كان نوعه، مبتكرا في رواياته مزيجا من الألوان لكل من الشخصيات الخيالية والواقعية، وبذلك يحقق التوازن الجميل بين الفكاهة والتشبث بالحياة والحزن. موراكامي، البالغ من العمر 67 عاما؛ له أكثر من عشر روايات والعديد من القصص القصيرة، والمقالات، وقد تمت ترجمة معظم أعماله إلي أكثر من 40 لغة. من أشهر رواياته "الخشب النرويجي" الصادرة سنة 1987، و"إنجاز وقائع الطير" سنة 1995 . في كلمته التي ألقاها بحفل تسلمه الجائزة؛ حذر موراكامي من إقصاء الغرباء أو المهاجرين قائلا: "بغض النظر عن مدي ارتفاع حاجز الإبقاء علي المتسللين خارجا، وبغض النظر عن مدي تشددنا في إبعاد الغرباء، وبغض النظر عن المدي الذي وصلنا إليه في إعادة كتابة التاريخ بحيث يصبح مناسبا لنا، فنحن في نهاية المطاف نلحق الضرر ونعمل علي إيذاء أنفسنا". لم يحدد موراكامي ما يعنيه بالغرباء، إلا أنه قد يقصد معاداة المهاجرين في أوروبا و أماكن أخري من العالم. وتحت عنوان "معني الظلال"؛ أكد موراكامي علي أن المجتمعات والدول لديها ظلال عليها مواجهتها، مسترشدا برواية أندرسن "الظل" التي تروي حكاية رجل تخلص من ظله، ثم اتخذ هذا الظل تدريجيا هيئة إنسان ومن ثم يصبح عليه قتل صاحبه القديم، حيث وصفها موراكامي بأنها رواية "كئيبة ويائسة" قائلا: "مثلما يملك الناس جميعا ظلال، فلكل مجتمع وبلد أيضا ظلال، وإذا كانت هناك جوانب مشرقة ومضيئة، فسوف يكون هناك بالتأكيد جانب موازي مظلم، وإن كان إيجابيا، تجد هناك آخر سلبي علي الجانب المقابل"، وأضاف: "في بعض الأحيان نتجنب النظر إلي تلك الجوانب السلبية، بل ونحاول القضاء علي تلك الجوانب قسرا. لكن بالنظر إلي تمثال صلب ثلاثي الأبعاد، سنجد أنه يحتاج لوجود ظل له، وبالمثل؛ إذا تخلص الشخص من الظلال ينتهي به الأمر ليصبح وهما مسطحا، فالضوء الذي لا ينتج عنه ظلا ليس ضوءا حقيقيا، لذا علينا تعلم الصبر علي العيش مع الظلال، ومراقبة الظلام الكامن داخلنا بعناية، أحيانا يكون علينا مواجهة جانبنا المظلم داخل نفق مظلم". استغل موراكامي فرصة إلقائه تلك الكلمة لشرح الكيفية التي يكتب بها، فصرح لجمهوره أنه لا يخطط مسبقا لحبكته الروائية، بل يبدأ بمشهد أو فكرة، وأضاف: "عندما أكتب أترك ذلك المشهد أو تلك الفكرة تمضي قدما من تلقاء نفسها، بدلا من شغل ذهني بالتفكير". واستطرد : "النقاد مثل كثير من القراء؛ يميلون إلي قراءة القصص بطريقة تحليلية، لقد تدربوا في المدارس أو في المجتمع، أن تلك هي المنهجية الصحيحة للقراءة، الناس تحلل، وتنقد نصوص، من وجهة نظر أكاديمية، ومن منظور اجتماعي، أو من وجهة نظر التحليل النفسي". وأضاف مستدركا: "إذا حاول الروائي بناء القصة من الناحية التحليلية، تضيع الحيوية الكامنة في الرواية، لأن التواصل الوجداني بين الكاتب والقارئ لن ينشأ، لذا غالبا الروايات التي يطري عليها النقاد لا تلقي إقبالا من القراء، لأن العمل الذي يراه النقاد ممتاز تحليليا، يفشل في كسب التعاطف الطبيعي والمشاركة الوجدانية من القراء".