أثرت القرارات الاقتصادية التي انتهجتها الحكومة المصرية في الشهور الأخيرة علي صناعة النشر وسوق الكتاب بشكل كبير. ارتفاع سعر الدولار، تعويم الجنيه المصري، فضلاً عن زيادة في أسعار الورق وأدوات الطباعة، كلها عوامل تشي بمعرض كتاب يخشي الجميع عليه من مشكلات قد تلبسه حلةً لا تظهره بالمظهر المطلوب. تفاوتت قيمة الإيجارات للمتر الواحد داخل أرض المعارض هذا العام عن سابقه، تبعًا للمساحة والمكان وبعض الخدمات الأخري. مثلاً: كان الناشر المصري في العام الماضي يستطيع استئجار مساحة 9 أمتار في صالة العرض (الفئة أ) بسعر 4150 جنيهًا، ولكن المبلغ ارتفع ليصل هذا العام إلي 4565 جنيهًا (بخلاف الخدمات الأخري من نظافة وإضاءة). في صالات البيع (الفئة ب) كان يمكن للناشر المصري أن يدفع 6400 جنيه نظير استئجار مساحة 18 متراً، فارتفع المبلغ هذا العام ليصبح 7040 جنيهًا. أما بالنسبة للعرض المكشوف فقد ارتفع فيه سعر المتر من325 جنيهًا بالنسبة للكتاب العربي العام الماضي، ليصل إلي 360 جنيهًا لمعرض 2017، أما سعر المتر للكتاب الأجنبي فقد ارتفع من 415 جنيهًا العام الماضي ليصل إلي 460 جنيهًا لعام 2017 . »دور النشر الخاصة ليست طرفًا في المشكلة، كذلك الهيئة العامة للكتاب، التي تتولي تنظيم المعرض بشكل تطوعي لا يهدف للربح» بحسب كلام طارق الجمال، مدير إدارة المعارض بالهيئة المصرية العامة للكتاب الذي أشار إلي أن الهيئة وعلي رأسها الدكتور هيثم الحاج علي لا تملك شيئًا، حيث أن إدارة أرض المعارض قامت برفع تكلفة الإيجار علي هيئة الكتاب بنسبة تزيد 20٪ عن العام السابق، ولم تقم الهيئة بإضافة هذه النسبة علي تكاليف الإيجارات لدور النشر، بل أضافت نسبة 10٪ فقط وتحملت هي النسبة الباقية، تخفيفًا عن دور النشر، وذلك بخلاف الناشرين الأجانب الذين يدفعون بالدولار ولم تفرض عليهم زيادات في قيمة الإيجارات. يتابع الجمال: «هناك أزمة ولسنا طرفًا فيها. المشكلة واضحة وعلي الجهات المعنية أن تتحرك. وزارة الثقافة أو وزارة المالية لديهما صلاحية التدخل لتقديم دعم أو تخفيض نفقات بشكل أو بآخر، أما الهيئة فلا دخل لها والضرر يقع عليها كما يقع علي الجميع، وفي النهاية كلنا شركاء في الأزمة نتأثر بالسلب ولكن بدرجات متفاوتة». سامح عنتر النحاس، مدير شركة النحاس للاستيراد والتصدير، والتي تلعب دورًا هامًا في شحن الكتاب المصري إلي معارض الكتاب بالخارج، يري أن دور النشر وشركات الشحن طرفان في أزمة واحدة ولا انفصال بينهما لأن أحدهما لا يمكنه العمل بمعزل عن الآخر، لأنه بدون الدور الذي تلعبه شركات الشحن في نقل الكتاب المصري لمعارض الكتاب بالخارج، سيواجه الكتاب صعوبة في الانتشار وقد يفرض عليه حصار داخل مصر، مما سيأتي بالضرر علي ناشريه. يوضح مدير شركة النحاس للنشر: «الأزمة الاقتصادية الأخيرة أثرت بشكل كبير علينا وعلي جميع العاملين بمجال الشحن. لابد من تدخل الحكومة لإيجاد حل لأن ارتفاع الدولار وتعويم الجنيه أربكا الحسابات وأصابا قطاعات كثيرة بالعجز عن التخطيط، كنا نحن أحد هذه القطاعات». لا تتكلف نفقات شحن طرد من الكتب إلي معرض الشارقة للكتاب مثلاً مبلغًا كبيرًا، والأهم هو أن شركة الشحن تحاسب الناشر بالجنيه المصري وليس بالعملة الصعبة، ورغم ذلك فإن ارتفاع الأسعار أدي إلي ارتفاع التكلفة بالجنيه المصري فبعد أن خططنا للحصول علي 37 جنيهًا فقط لشحن الطرد الواحد إلي معرض جدة للكتاب هذا العام، وصل المبلغ إلي 82 جنيهًا وهي التكلفة الفعلية التي جاءت نتيجة منطقية للسياسات الاقتصادية الأخيرة، وتغيير بعض السياسات مع الحكومة السعودية. ولكن عند التفاوض لشحن المرتجع من الكتب فإن الأمر يختلف. يقول النحاس: «كي نقوم بعمليات شحن المرتجع، فإن الطرد الواحد تتكلف 13 دولارًا. الأزمة هي أن التكاليف بالدولار لا تتغير ولكن قيمة الجنيه هي التي تتغير، وهنا تكمن المشكلة، فأنا لم أغير أسعاري هذا العام وتركتها كما هي: 13 دولارًا لشحن الطرد المرتجع، ومع صعوبة الحصول علي الدولار من البنوك، صار الأمر صعبًا».