للسائلة أخت حاصلة علي ليسانس الحقوق، وعلي مستوًي كبير من الجمال، وتوافد الخُطَّاب عليها يطلبون الارتباط بها، ولكنها كانت تشعر بإعياء شديد كلما تقدَّم أحدٌ لخِطبتها، ولا تستقر حالتها الصحية إلا بعد رفضه، واستمرت حالتها علي ذلك أكثر من أربع سنوات، وذهبت إلي أحد العَرَّافين الذي أخبرها أنه معمول لها عمل بوقف الحال، وأعطاها بعض الأشياء لفك السِّحر، وكان الخُطَّابُ يرَونَها خارج المنزل فيُعجبون بها، ولكنهم يأتون إلي المنزل ولا يعودون مرة ثانية، ومرت الأيام والسنون علي هذا الحال والسائلة تخشي علي أختها من تدهور حالتها النفسية وتخشي علي نفسها وعلي أولادها من الجن؛ لأن أختها أخبرتها بأن الجِنَّ يهاجمونها ليلًا وهي متيقظة. وتطلب السائلة رأي الدين في السحر والسحرة، وكيف تتقي شرهم؟ وما هو العلاج لهذه المشكلة؟ س. ف. ع الجيزة ذَكر اللهُ السحرَ في أكثر من موضع في القرآن الكريم، كما ورد ذكره في السُنَّة المطهَّرة، وثبت أن النبي صلي الله عليه وآله وسلم صنع له لبيدُ بن الأعصم سحرًا، يقول الله تعالي: (وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَي مُلْكِ سُلَيْمَانَ) إلي قوله تعالي : (وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللهِ). وقال صلي الله عليه وآله وسلم: »اجتنبوا السبع الموبقات» رواه البخاري، وعَدَّ منها السحر، ولقد ذكر العلماء أن جمهور المسلمين علي إثبات السِّحر، وأن له حقيقة كحقيقة غيره من الأشياء الثابتة، وكون السحر له حقيقة ثابتة لا يعني كونه مؤثرًا بذاته ولكن التأثير هو لله تعالي وحده؛ لقوله تعالي:(وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ الله). فقد نفي الله -عز وجل- عن السحر التأثير الذاتي ومفعوله، ونتيجته منوطة بإذن الله تعالي، ولا تتجاوز حقيقته حدودًا معينة، ولا يمكن أن يتوصل إلي قلب الحقائق وتبديل جواهر الأشياء. ولقد وصف الله سحر سحرة فرعون بأنه تخييل في قوله تعالي: (فإذا حبالهم وعصيهم يخيل إليه من سحرهم انها تسعي) أي أن الحبال لم تنقلب في الحقيقة إلي ثعابين، وإنما خُيِّل ذلك للمشاهدين، ومن الآيات الكريمة نفهم أن الشياطين هم الذين يعلِّمون الناس السحر، وأن تعلم السحر ضارٌّ وليس بنافع، ويَحرُم علي الإنسان أن يتعلم السِّحر أو الشعوذة لخداع الناس أو إضلالهم أو فتنتهم أو التأثير السيئ فيهم، كما يَحرُم علي الإنسان أن يعتقد أن العراف أو المشعوذ أو الساحر هو الذي ينفعه أو يضره؛ يقول رسول الله صلي الله عليه وآله وسلم: »مَنْ أَتَي عَرَّافًا أَوْ كَاهِنًا، فَصَدَّقَهُ بِمَا يَقُولُ، فَقَدْ كَفَرَ بِمَا أُنْزِلَ عَلَي مُحَمَّدٍ صَلَّي اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ» رواه أبو داود والطبراني. وبناء علي ما ذُكر: فإنه يجب الاعتقاد بأن كل شيء بقضاء الله تعالي، ولا يقع في ملكه تعالي إلا ما يريده، فيجب الإيمان بأن الله فعال لما يريد، والنفع والضرر من عنده، وتفويض الأمر لله، والرضا بما قضي به، ولو كان ثمة من يوثَق به في رفع هذا المرض فلا بأس به. وننصح السائلة وأختها أن تقوي صلتها بالله، وأن تكون دائمًا في ذكر الله وذلك بالصلاة وقراءة القرآن والاستغفار، وعدم اللجوء إلي الدجالين والمشعوذين فإن ذلك انحراف عن الطريق المستقيم.