ذاق الإسرائيليون مرارة التشرد، وإخلاء المنازل، وتبديد الممتلكات، حينما لاذوا بالهروب أمام لهيب الحرائق، وفيما وقفت أجهزة تل أبيب عاجزة عن تحديد هوية الجاني أو حتي السيطرة علي شظي النيران، شرع نتانياهو ووزراؤه في تغطية الفشل، واكتفوا بالوعيد للجهة المسئولة. رئيس الوزراء الإسرائيلي يهدد بنزع الجنسية »الإسرائيلية» عن المتورط.. ووزير الأمن الداخلي جلعاد أردان يؤكد معرفته بالجاني.. وإسرائيل تقبل مساعدة الفلسطينيين في إخماد الحرائق.. ويوفال ديسكن رئيس ال»شاباك» الأسبق يوصي بالتريث قبل اتهام أية جهة.. تلك العناوين وغيرها تؤكد الوقوف أمام معضلة، ربما تحمل مفرداتها مفاجآت غير متوقعة بعد انتهاء التحقيقات. واجهت أجهزة الأمن الإسرائيلية هجوماً عنيفاً من الدوائر السياسية في تل أبيب، واعتبرت تلك الدوائر ثالوث الأمن الإسرائيلي »الموساد، الشاباك، وأمان» هو المسئول الفعلي عن حجم خسائر الحرائق التي اندلعت في معظم المستوطنات الإسرائيلية، لاسيما أن التقديرات تشير إلي أن تلك »الحرائق متعمدة»، وكان من الضروري، وفقاً لتقرير نشره موقع »دبكا» العبري، أن تتنبأ أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية بالحرائق قبل اندلاعها، وترصد تحركات العناصر التي خططت وضلعت في ارتكابها. وقال معدو التقرير إن تصريحات رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو، ووزيري الأمن الداخلي والإسكان، أزعجت جماهير المستوطنين، وكشفت عجز القيادة السياسة والأمنية عن توفير إجابة تشفي غليل المتابعين حول أسباب »هجوم النيران المفاجئ»، كما لم تتوافر لدي أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية ردوداً حول الجهة التي أشعلت النيران، وكيف أتت ألسنة اللهب المفاجئة علي مساحة تقدر ب 151 كيلو مترا مربعا، بداية من حيفا وحتي القدس، ومَن وضع لفافات الأقمشة المبللة عن آخرها بالوقود في مراكز اشتعال النيران، بالإضافة إلي أسئلة أخري، يتضح من طرحها وقوف جهة ما وراء الحرائق. وألمح التقرير إلي أن الفرصة كانت كافية أمام أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية الثلاثة لتحديد الجناة حتي بعد اندلاع الحرائق، فمنذ اندلاع الحرائق في مستوطنة »زخارون يعقوب» في الثاني والعشرين من نوفمبر، هرعت طائرات الإطفاء للسيطرة عليها، لكنها تأججت في مناطق أخري، ما يعني أن »مشعلي النيران» يتنقلون بكل أريحية من مكان إلي آخر. ورأي معدو التقرير أن تصريحات نتانياهو ووزرائه جاءت للتغطية علي الفشل الاستخباراتي، وعجز تلك الأجهزة عن توفير معلومة واحدة حول ما يجري، واقتصرت الوصايا علي استئجار طائرة الإطفاء الأمريكية »سوبر تانكر»، ورغم وصول تلك الطائرة بالفعل إلي إسرائيل، إلا أنه سبق وصولها تقديرات في تل أبيب تؤكد أنها ستعجز عن السيطرة علي الحرائق، ولن تمنع السحابة قاتمة السواد التي باتت تغطي سماء إسرائيل. وتحت عنوان »انتفاضة النار»، أشار التقرير العبري إلي أن طائرات الإطفاء توجهت الخميس الماضي إلي مستوطنة »بيت مئير» في جبال القدس، بعد إخلائها من المستوطنين، ولاحظت الطائرات ذاتها أن ألسنة النيران وصلت تلك المستوطنة بسرعة البرق من الجليل الأعلي مروراً بحيفا وصولاً إلي »بيت مئير».