بعد مرور عامٍ علي افتتاح بيت الشِّعر بالأقصر، والذي أحدث حراكًا كبيرًا في مصر منذ افتتاحه، قام بيت الشِّعر تحت إشراف مديره الشاعر حسين القُباحي، بإطلاق الدورة الأولي من مهرجان الأقصر للشعر العربي، في الفترة من 17 إلي 19 نوفمبر 2016. تم افتتاح المهرجان في مكتبة مصر العامة بالأقصر، بحضور عبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، والشاعر محمد البريكي مدير بيوت الشِّعر، ود.محمد بدر محافظ الأقصر. وابتدأ الشاعر حسين القُباحي كلمته بأهمية الشِّعر والكلمة في حياة الإنسان، مُحيِّيًا وشاكرًا سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة الذي أطلق مبادرة ألف بيت شِعر في ربوع الوطن العربي، والتي أحدثتْ أثرًا كبيرًا في المشهد الشِّعري العربي. كما توجَّه بالشكر العميق لمحافظ الأقصر محمد بدر الذي رحب بكل ما طلبه مدير بيت الشِّعر بالأقصر، ووضع كل إمكاناته في خدمة مهرجان بيت الشِّعر، وكذلك سعد فاروق رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي، والذي لم يدخِّر أيَّ جهدٍ في توفير أماكن الاحتفالات والأمسيات التي ستعقد في المهرجان. أثناء الحديث؛ عرض فيلم تسجيلي عمَّا تم إنجازه في بيت الشِّعر بالأقصر خلال عامه الأول، والذي استعرض الأمسيات الشِّعرية والمحاضرات التي أقامها بيت الشِّعر، وكذلك الدورات التعليمية لأساسيات الكتابة، والمؤتمرات التي عقدها كذلك. ثم توجَّه الدكتور محمد بدر محافظ الأقصر بالشكر للشارقة لما تقدمه من أنشطة في مختلف المجالات، وبالأخص في مجال الثقافة، وما قام به بيت الشِّعر بالأقصر خلال عامه السابق، وأثني علي دور بيت الشِّعر في توصيل الثقافة إلي القُري والنجوع في الأقصر، وصرَّح أنه قد أصدر قرارًا لموظفي المحافظة بأن أي طلب يريده بيت الشِّعر بالأقصر ستتم الموافقة عليه دون الرجوع إليه، لما لمسه من أنشطة ثقافية حقيقية ونشاط يصب في خدمة المجتمع الأقصري. وتلا ذلك عرض كلتشوراما للمنجز الحضاري المصري عبر كل العصور، ابتداءً من الحضارة الفرعونية مرورًا بالحضارة القبطية، ثم الإسلامية، ثم العصر الحديث. انطلقت فاعليات المهرجان مع الأصبوحة الشِّعرية الأُولي، والتي قدَّمها الشاعر أشرف البولاقي، وقرأ فيها كل من: الشاعر أحمد جمال مدني، والشاعر حاتم الأطير، والشاعرة هند الطيب، والشاعر محمد إسماعيل، والشاعر محمد العارف، واختُتمت بالشاعر محمد المتيم. أما في الفترة المسائية، فجرت الفاعليات في ساحة معبد الأقصر، والتي كانت عبارة عن أمسية شِعرية، تلاها حفل لأغانٍ من التراث الموسيقي العربي، ثم عرض فني لفرقة الأقصر للفنون الشعبية. وقد زاد علي الحضور وجود الكاتب الصحفي حلمي النمنم وزير الثقافة. قدَّم الأمسية الشاعر محمد العارف، وقرأ فيها: الشاعر أحمد لحريشي من المغرب، والشاعر أيمن صادق، والشاعر سعد عبد الرحمن، والشاعر عبيد عباس، والشاعر محمد عبادي، واختتمت بالشاعرة زينب سعد. في اليوم الثاني بدأت الفاعليات مساءً، وجاءت الجلسة البحثية الأولي تحت عنوان الشِّعر والتلقي، ترأس اللجنة د.محمد أبو الفضل بدران، واستهل الحديث فيها المهندس الشاعر إيهاب البشبيشي، والذي وجَّه لومًا شديدًا وحادًّا إلي شعراء الستينيات والسبعينيات لإحداث القطيعة بين الشِّعر والجمهور. وأوضح أن الحال انحدر إلي حد أن جمهور الشِّعر في الأمسيات الآن لا يكون إلا من الشعراء أنفسهم. وعقَّب بدران بأن هذا صحيح، ولكن ليس تمامًا. ثم تحدث الشاعر فتحي عبد السميع، والذي طرح إشكاليات مختلفة حول مفهوم الشِّعر ومفهوم التلقي، وحول أن أهم المشكلات التي تواجه تلقي الشِّعر هي الشاعر نفسه. ثم تكلمت الدكتورة نانسي إبراهيم والتي أكدت أن أزمة التلقي موجودة منذ القديم، وحكت من التراث ما يؤكد هذا، وأشارة إلي مرعاة الكلام لمقتضي الحال، ثم الظاهر وخلاف الظاهر، وأكدت أن الشِّعر ما هو إلا قوة غيبية، مستندة إلي حكايات الشعراء القدامي عن أساطير وادي عبقر. وأوضحت أنه يتم إغفال أشياء له دور كبير في التلقي، منها: الإيديولوجيا والقناعات الشخصية والمرجعات الثقافية. ثم تكلم الشاعر الضوي محمد الضوي، وتحدَّث عن سعي الإنسان إلي التميُّز، وسعيه الدائب إلي التمير بمجرد الوجود، وأن هذا يمنعه من التماهي مع المعزوفة الكونية. وهذا هو حال الشاعر مع بقية الناس، وأوضح أن الإنسان لو تخلي عن التمايز لأفلح في تلقي القصيدة العمودية والتفعيلة وقصيدة النثر. وأوضح كذلك أن شيئًا ما يوجد في الشِّعر، لا يوجد في غيره. وهذا الشيء هو الذي يجعل الشِّعر شِعرًا. هذا الشيء لا نستطيع معرفته ولا القبض عليه، وهو ما يجعلنا نعيد قراءة أعمال ما عدة مرات، في حين لا نستطيع إكمال قراءة عمل آخر. واقترح أن نجعل هدفنا البحث عن الجمال فقط، لا الأشكال. اختتمت الجلسة بعدة مداخلات من عبد الفتاح صبري، د.هويدا صالح، الشاعر د.أحمد الجهمي، الشاعر عبد الرحمن مقلد، الشاعر أشرف البولاقي، د.علي الشعيني، والشاعر عبيد عباس. أما الجلسة الثانية فكانت تحت عنوان إبداعات شباب الشعراء، برئاسة د.هويدا صالح، بدأها الشاعر د.أحمد لجريشي مُقدِّمًا لها بمقدمة لافتة عن النقد وعن نظام المعرفة وعن النظريات الأدبية الحديثة وتاريخ النقد العربي والعالمي، وأوضح أن دراسته قد تناولت الشعراء الشباب في مصر عبر البحث في علم البيان والصوفية والعرفانية. ثم تحدثت د.مني الشحات عن العروض عند الشعراء الشباب في مصر أيضًا. حيث أثبتت أن الشباب بدلوا خارطة استعمال البحور الشِّعرية العربية. وكانت هذه الجلسة البحثية أكثر الجلسات البحثية تفاعلًا بين الجمهور والمتحدثين، ولقت استحسانًا كبيرًا. ثم اختُتِم اليوم الثاني بأمسية شِعرية قدَّمها الأستاذ الشاعر عبيد عبَّاس، وابتدأها بالشاعر أيمن ثابت، ثم الشاعر اليمني د.أحمد الجهمي، ثم الشاعرة أسماء خليل، ثم الشاعر العراقي أحمد محجوب الجبوري، ثم الشاعر د.الضوي محمد الضوي، ثم الشاعر فتحي عبد السميع، واختُتمت بالشاعر إيهاب البشبيشي الذي جعل القاعة تضج بالتصفيق إثر إلقاء قصيدته ذاكرة الغرابيل. ابتدأ اليوم الثالث صباحًا بالجلسة البحثية الثالثة، والتي أدارها الشاعر سعد عبد الرحمن، وتحدث فيها د.قرشي دندراوي، ثم الشاعر والباحث محمد محمد عيسي، واختتمت بمداخلات د.هويدا صالح، والشاعر إيهاب البشبيشي، الذي طرح تصورًا شبه مكتمل لسمات الشعرية عند الشعراء الشباب. ثم جاءت أصبوحة شِعرية للعامية، قدَّمها الشاعر ، وقرأ فيها الشعراء: بكري عبد الحميد، إبراهيم خطاب، أحمد الجميلي، جمال العزبي، محمد صلاح، واختُتمت بمحمود مرعي. ثم أصبوحةٌ شِعرية قدَّمها الشاعر أحمد جمال مدني، بدأت بالشاعر النوبي عبد الراضي، ثم أحمد حافظ، أحمد محمد مبارك، عزت الطيري، أحمد عايد، واختُتمت بالشاعر الصحفي عبد الرحمن مقلد. في المساء جاءت فاعليات الختام، والتي كانت علي مسرح قصر ثقافة الأقصر، بدأها الشاعر حسين القُباحي مدير بيت الشِّعر بالأقصر بالشكر لعبد الله العويس رئيس دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة، والشاعر محمد البريكي مدير بيوت الشِّعر، ود.محمد بدر محافظ الأقصر، وسعد فاروق رئيس إقليم جنوب الصعيد الثقافي. ثم قدَّم الشاعر محمد المتيم الأمسية الأخيرة، والتي قرأ فيها الشعراء: شريف أمين، محمد محمد عيسي، حسن عامر، عبد الناصر علَّام، أشرف البولاقي. ثم قام عبد الله العويس والشاعر محمد البريكي وسعد فاروق بتكريم المشاركين في المهرجان. وبعد ذلك جاءت فقرة الختام عبر احتفالية لفن الواو. جديرٌ بالذكر أنه قد صدر علي هامش المؤتمر ثلاثة كُتب، الأول- "المُبشِّرين بالشِّعر" ضم قصائد لعشرة شعراء شباب، هم: أحمد جمال مدني، وأحمد عايد، وأيمن ثابت عمران، وحاتم الأطير، وحسن عامر، وشريف أمين، وعبد الرحمن مقلد، ومحمد العارف، ومحمد عبادي، ومحمد المتيم. وتلاها دراسات نقدية تناولت الشعراء، قدمها: د.أحمد لحريشي، ود.مني شحات، ود.فتوح أحمد خليل، ود.محمد عبد المريد، ود.الضوي محمد الضوي، ود.ناهد راحيل، ود.قرشي دندراوي، ود.بهاء مزيد، وشريف رزق. والثاني ديوان "دمعة تفك حصارين" للشاعر الشاب محمد المتيم. والأخير ديوان "حروفي" للشاعر الراحل محمد مكي مغربي. وجميعا صادرة عن دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة.