احتفلت القوات المسلحة بمرور ال102 للحرب العالمية الأولي، التي نظمتها هيئة البحوث العسكرية، علي المشاركة المصرية فيها وما قدمه الجيش المصري من بطولات وتضحيات وأعمال جليلة، ساهمت في الانتصار للقيم والمبادئ السامية للحضارة الإنسانية شارك في الاحتفال عدد من قادة القوات المسلحة، والملحقين العسكريين الأجانب، وطلبة الكليات العسكرية وعدد من الكتاب والأدباء والشخصيات العامة وطلبة الجامعات. في البداية تم عرض فيلم وثائقي عن مشاركة الجيش المصري في الحرب العالمية الأولي وذلك مع قوات الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولي في 3 قارات لصد هجوم العثمانيين من الشرق، وحارب في الشام والعراق والجزيرة العربية، دفاعا عنهم في آسيا، وصد هجوم السنوسي من الغرب وهجوم سلطنة دارفور من الجنوب، في إفريقيا وكان السبب الأساسي لاندلاعها حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند، مع زوجته وذلك من قبل طالب صربي يدعي غافريلو برينسيب، ذلك في 28 يونيو 1914 خلال زيارتهما لسراييفو وبالتحديد في منطقة البوسنة والهرسك وقد قامت النمسا بعد هذه الحادثة بإعلان الحرب علي صربيا وقامت روسيا بمناصرتها وقامت ألمانيا بإعلان الحرب علي روسيا، وقد انقسمت الدول خلال الحرب إلي قسمين قوات الحلفاء بزعامة بريطانيا ودول المركز بزعامة ألمانيا ثم اتسعت دائرة التحالفات مع اتساع دائرة الحروب ودخلت العديد من الدّول إلي جانب كل من الفريقين، وقد استمرت الحرب مدةً تزيد علي الأربع سنوات أصبحت من خلالها حرباً عالمية ولقي أكثر من 8 ملايين شخص حتفهم، في حين جرح وفقد الملايين، وكان من نتائجها أيضا حدوث خسائر اقتصادية كبيرة، حيث انتشر الفقر والبطالة، ووصلت الدول المتحاربة إلي أزمة مالية خانقة، وبالتالي ازدادت مديونية الدول الأوربية، وذلك في صالح الولاياتالمتحدةالأمريكية واليابان. وقد تغيرت خريطة أوروبا بعد الحرب العالمية الأولي، حيث تفككت الأنظمة الإمبراطورية القديمة، وسقطت بعد ذلك الأسر الحاكمة، وتغيرت حدود القارة الأوروبية من خلال ظهور دول جديدة، ثم قامت الثّورة الروسية، والتي قامت بتطبيق أول نظام اشتراكي في إطار الاتحاد السوفيتي أما من ناحية الدّول العربية، فقد كانت الخلافة العثمانية منضمة إلي دول المركز، وشكل ذلك بداية النهاية لتاريخ الدولة العثمانية، حيث وضعت هزيمة ألمانيا ومعها الدّولة العثمانيّة مصير الدّول العربيّة تحت أيدي كلّ من بريطانيا وفرنسا. وقال اللواء شريف فهمي بشارة، رئيس هيئة البحوث العسكرية، إن الجيش المصري يستمد قيمه وتقاليده من حضارته الراسخة، التي تضرب بجذورها في أعمال التاريخ، واستعرض الدور الذي تقوم به هيئة البحوث العسكرية لتوثيق، تاريخ العسكرية المصرية، منها المشاركة المصرية في الحرب العالمية الأولي، وما قدمته من بطولات. قال إن الجيش المصري هو أقدم جيش عرفه التاريخ منذ أيام الفراعنة، وقد دافع عن الجزيرة العربية، ورد هجوم الصليبيين والتتار، وشارك مع الحلفاء في 5 أغسطس 1914، لنصرة الإنسانية، وقد شارك في هذه الحرب داخل 3 قارات، آسيا وأفريقيا وأوروبا، وكان ترتيبه الثامن من حيث عدد القوات المشاركة. وقدم الجيش المصري آلاف الشهداء في هذه الحرب، ودفن الشهداء في بلاد مختلفة بمقابر الكومنولث، وقد عبر قائد جيوش الحلفاء في أوروبا عن بسالة الجندي المصري قائلا »الجندي المصري هو المثل الأعلي للقائد المقاتل القوي العنيد». وشاركت مصر علي الجبهة الأوروبية بمائة ألف مقاتل من سلاح العمال »المهندسين حاليا» »والهجانة» حرس الحدود حاليا حيث قاتلوا في دول أوروبية عديدة منها، »بلجيكا وفرنسا وإيطاليا واليونان»، واستشهد الكثير منهم ودفنوا بمقابر الكومنولث بأوروبا وكانوا سببا رئيسيا في انتصار الحلفاء، ومنح العديد منهم وسام فيكتوريا، الذي يعد أرفع الأوسمة العسكرية، التي تمنح للقادة، الذين أثروا في تاريخ البشرية. إن الحرب العالمية الأولي لم تكن حربا عادية، لكنها كانت صفحة من صفحات البطولة والفداء لشعب مصر العظيم، ويتم الاحتفال بها اليوم تخليدا لمن ضحوا بأرواحهم في سبيل الإنسانية، فمصر لم تحارب يوما طمعا في القتال، ولكنها كانت دوما تحارب للزود عن الوطن وحماية مقدساته، قائلا »مصر كانت ومازالت وستظل داعية للسلام في العالم أجمع». وأشار رئيس هيئة البحوث العسكرية إلي أن الجيش المصري ظل دوما محافظا علي آمال شعبه وتطلعاته ولم يخذله أبدا، علي مر التاريخ الطويل، وقد تأكد هذا الدور في ثورة 25 يناير 2011 ثم تأكد مرة أخري في ثورة 30 يونيو 2013 قائلا »دور القوات المسلحة سوف يكتبه التاريخ علي صفحات من نور»، مضيفًا: »لقد حققت القوات المسلحة كل مقومات التميز والتفرد في علاقة عبقرية بين الجيش والشعب، انطلاقا من أن أبناء مصر جميعا هم أبناء القوات المسلحة، ولم يفلح أحد في أن يضع حاجزا بين الشعب وقواته المسلحة، وقد حرصت القوات المسلحة أن يكون الشعب دائما مالكا لإرادته».. ووجه رئيس هيئة البحوث العسكرية تحية إجلال وإكبار للشهداء الأبرار، الذين ضحوا بدمائهم من أجل مصر، علي مدار العصور، قائلا: »عاشت القوات المسلحة بقواتها ورجالها وعاشت مصر حرية أبية قلعة للأمن والسلام». وألقي الدكتور أشرف صبري الباحث في تاريخ مصر العسكري، كلمة عن رحلته في البحث عن حقائق في تاريخ الحرب العظمي، التي استمرت فيها 15 عاما، واكتشافه للعديد من الوثائق، التي تؤكد بطولات جيش مصر في تلك الحرب، ودعم الجيش المصري لدول الحلفاء واعتراف العديد من هذه الدول بفضل الجيش المصري، الذي تم تتويجه برفع علم مصر علي النصب التذكاري للشهداء المصريين في هذه الحرب. وأنه زار المكتبات الوطنية في إنجلترا وفرنسا، من أجل الوصول إلي حقائق مشاركة مصر بالحرب العالمية الأولي، وتوجه للأرشيف الوطني الفرنسي والبريطاني وكانت وثائق سرية ورفع عنها الحظر، بالإضافة إلي جامعة توتنهام، واطلع علي مذكرات »السير وليم برونيات» المستشار المالي والقانوني، لمصر في فترة الحرب العالمية الأولي، كما زار أيضا مقر الكومنولث، وفوجئ بأن هناك شهداء مصريين تم دفنهم في 5 دول أوروبية، شاركوا في الحرب العالمية الأولي.. وأوضح أنه توجه إلي القوات المسلحة وأعلمها بما لديه من وثائق وصور ومستندات، وكان له خير عون في استرداد حقوق الشهداء، ورفع علم إلي جانب أعلام الحلفاء بعد عمل استمر لأكثر من 5 سنوات بجهود قادة القوات المسلحة والملحقين العسكريين المصريين في مختلف دول أوروبا. قال اللواء محمد عبد الفتاح الكشكي مساعد وزير الدفاع لشئون العلاقات الخارجية. وأكد الكشكي أن الجيش المصري كان سببا في النصر؛ مؤكدا أن مصر بقواتها المسلحة لم تحارب إلا من أجل السلام وقدمت الكثير من أجل الإنسانية ومازالت تضحي بأرواح أبنائها من أجل صد الإرهاب الأسود. وافتتح مساعد وزير الدفاع لشئون العلاقات الخارجية معرضا للصور والوثائق السرية التي رفع الحظر عنها من الأرشيف الوطني البريطاني والفرنسي، التي توثق الحرب العالمية الأولي ومشاركة الجيش المصري فيها. وشمل المعرض مجموعة من الصور النادرة التي تحكي بطولات أقدم جيش نظامي عرفه التاريخ، وكيف حافظ علي أركان الدولة المصرية وحضارتها وموروثاتها الثقافية، منذ عهد الفراعنة وصولا إلي العصر الحديث، وقاتل علي 3 جبهات في وقت واحد إبان الحرب العالمية الأولي حيث قاتل سلطنة دارفور في الجنوب، وقوات السنوسي علي الاتجاه الغربي، بالإضافة إلي هزيمة العثمانيين عندما حاولوا دخول سيناء.