أغلي شيء في خزائن الله علي الاطلاق هو الايمان بالله.. وارخص شيء في خزائن الله علي الاطلاق هو الدنيا حتي انه سبحانه لم يمنعها بكل مباهجها ومتاعها عن الذين كفروا به وعادوه ولكنه لم يعط الدين والايمان إلا لأصفيائه. والدليل علي مهانة الدنيا ان الكافر لو اراد ان يفتدي نفسه يوم القيامة بملء الارض ذهبا ما تقبل منه، ولكن الله يأمر الملائكة ان تخرج من النار كل من قال لا إله إلا الله، أو كان في قلبه مثقال ذرة من ايمان أو خاف الله في مقام.. يدخلها ليعاقب علي ذنوبه ولكن في النهاية لا يخلد فيها بسبب ذرة إيمان استشعرها قلبه. والدنيا هينة رخيصة حتي أن الله يعطي لآخر انسان يخرج من النار قبل انطباق ابوابها علي من سيخلدون فيها قدر كل الدنيا اكثر من خمسين مرة. والدنيا هي ميدان العمل وهي مزرعة الآخرة ولكن هناك من يريدها بذاتها ويتكالب علي لذائدتها ويهمل واجباته الدينية من أجلها.. هؤلاء لهم عاقبة وخيمة وأنظر ماذا يقول الله فيهم »من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف اليهم اعمالهم فيها، وهم فيها لا يبخسون، أولئك الذين ليس لهم في الآخرة الا النار» نعم النار هي جزاء حب الدنيا والزهد في الآخرة والاستهانة بكلام الله وتحذيراته المتكررة.. وللأسف لا تجد كثيرين يطرحون عليك هذه القضية وينبهونك للوقت الذي قد ينتهي فجأة بانتهاء الحياة.. بالفعل الامر خطير.. ونحن مازلنا نعالج مشكلات الدنيا وأزماتها ونهمل الازمة الاكبر ونؤجل النظر في علاقتنا بالله وبالآخرة التي نمضي بجد للحاق بها وسنصل حتما.. فماذا أعددنا لهذا اليوم؟! سؤال لابد ان نجتهد للاجابة عليه.. فأقل القليل من الدين وسط استغراقنا في الدنيا قد لا ينفع في تطهير قلوبنا من حبها. الحور العين قرأت مقالا لإحدي الزميلات الفاضلات تسخر فيه من فكرة وجود الحور العين في الجنة وتندهش من أن لكل مؤمن 70 ألفا من الحور علي رأسهن زوجته التي تكون حينها اجمل منهن جميعا.. ولا تري الزميلة في هذا الوعد منطقا يدعوها لقبوله فجهرت برفضها وهي حرة بالطبع فيما تؤمن به ولكن ليس من حقها ان تسخر مما يؤمن غيرها به.. ففي أمور الاعتقاد لا حرية في التعبير والنشر. فحرية تنفير المؤمنين وحثهم علي انكار ماهو معلوم من الدين بالضرورة هو بالضبط عمل الشياطين. فكل جهدهم منصب علي زعزعة إيمان الانسان بثوابت الدين ليصبح مثلهم من اصحاب السعير. واربأ بالزميلة الكريمة ان تكون منهم.. والايمان نوعان مشاهد وغيبي، وكثير من المثقفين الذين يعتدون بعقولهم يقفون أمام الايمان الغيبي وتأبي نفوسهم ان تصدق موعود الله. رغم ان أول صفات المؤمنين هي الايمان بالغيب.. هم لم يروا الجنة أو النار ولم يدخل احدهم القبر ليري ما فيه ويخرج ليسرد للناس ما رآه.. لذلك لا يصدقون ان وراء هذه الحياة الدنيا حياة أخري طويلة ممتدة لا تنتهي ابدا. بل هم حتي لا يؤمنون بجدوي هذه الحياة وان الله أودعنا في هذه الحياة بغير ارادة منا وجعلها دار اختبار وارسل إلينا الانبياء والكتب السماوية ليعرفوا الناس كيف ينجحون في هذا الاختبار ويفوزون بموعود الله بالجنة التي فيها كل ما تشتهيه الأنفس فيقبلون عليها.. ومنها الحور العين.. ولذلك أقول للزميلة العزيزة راجيا اتركي أمور الاعتقاد والايمانيات.. والحياة مليئة بالموضوعات التي قد يستهويك التعبير فيها بحرية. انظر الي اللمبة المضاءة في غرفتك.. ستدرك ان وراء هذه الاضاءة وزارة للكهرباء ومديريات وماكينات ووقود وآلاف العمال.. ثم انظر الي الشمس.. وأسأل نفسك من وراءها.. ستقول بلسانك الله.. ولكن قلها بعقلك أولا ثم صدق علي ما تقول بقلبك.. هكذا تعبد الله.