ما أكتبه هو حكايات اختزنتها منذ فترة حول ما يحدث في المجلس الأعلي للثقافة، هذه الحكايات في مجملها مستمدة من أوراق، لا أنشرها لأدين شخصا أو أن ألصق به اتهامات مالية أو فساداً.. بل أنا مجرد راوٍ، لكن من بيده السلطة والقرار وتحت يده كل الأوراق، هو الذي يحسم الإجابة عن سؤال: هل هو راض عما سأذكره، لأنني علي ثقة أن الحكاية الأولي مليئة بالمفاجآت، بصرف النظر عما إذا كان الصرف المالي الذي حدث يستند لقرار واضح أم لا، لأنه من وجهة نظري في كل الأحوال أمر يرفضه أي ضمير في بلد يعاني من أزمة اقتصادية واضحة وجلية، وأن الأمر أصبح يستوجب حسن الأداء في مؤسسات الدولة، والسؤال الذي أوجهه للكاتب الصحفي حلمي النمنم هل حسن الأداء يتماشي مع ما تحت يدي من أوراق ترصد أن د. أمل الصبان أمين عام المجلس الأعلي للثقافة تحصل علي 30 ألف جنيه نظير الإشراف علي لجان فحص جوائز الدولة؟ تفاصيل ذلك في السطور التالية. الحكاية الأولي أبدأها بنص مذكرة مرفوعة للأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، لإخطاره بصدور قرارات وزارية بتشكيل: لجان فحص الترشيحات المقدمة لنيل جوائز الدولة التقديرية في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية، وكذلك جائزة النيل والتفوق والتشجيعية، ومما ورد في المذكرة " وقد انتهت اللجان المشكلة لهذا الغرض من عملها، وأعدت تقاريرها النهائية وقامت الإدارة العامة للجوائز والمسابقات بحصر أسماء السادة الأعضاء الذين قاموا بفحص الترشيحات والأعمال المقدمة تحت إشراف الأستاذ الدكتور الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، وتنفيذا لقرار الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة رقم 29 لسنة 2015 الذي نص علي تعديل الفقرة الأولي من المادة الثالثة لقرار الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة رقم 4 لسنة 2013 لتطبيق القواعد التالية علي أن مكافأة فحص الكتب المؤلفة والروايات ودواوين الشعر والمجموعات القصصية والدراسات النقدية المقدمة لنيل إحدي جوائز الدولة 300 جنيه للفاحص عن كل عمل بحد أقصي 4500 جنيه للفاحص، لذا أرفع لسيادتكم رجاء التفضل بالموافقة علي صرف مكافأة الفحص المستحقة للسادة الفاحصين، وفقا لما هو مبين قرين اسم كل منهم بالكشوف المرفقة والتي بلغ إجمالها مبلغ 439,500 جنيه (أربعمائة وتسعة وثلاثون ألف وخمسمائة جنيه فقط لا غير) موزعة كالتالي: جائزة النيل في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية 27000، ثانيا جائزة الدولة التقديرية في الفنون 14400، الآداب 2010، العلوم الاجتماعية 11400، ثالثا جائزة التفوق في الفنون 28500، الآداب 32700، العلوم الاجتماعية 45300، رابعا جائزة الدولة التشجيعية في الفنون 43200، الآداب 121200، العلوم الاجتماعية 64200، العلوم الاقتصادية والقانونية 31500، الإجمالي 439.500 . إلي هنا الأمور واضحة ومحددة فالمذكرة تتحدث عن الفاحصين الذين صدر بأسمائهم قرار وزاري محدد ، من حق هؤلاء نظير التحكيم أن يتقاضوا 300 جنيه مقابل كل عمل يتم فحصه، بحد أقصي 4500 جنيه، لكن المفاجأة أن اسم د. أمل الصبان موجود في كل كشف يضم الفاحصين، باعتبارها فاحصة، ومن البديهي أن الفحص شيء والإشراف شيء آخر، فالقرار الوزاري للفاحصين لا يوجد به اسم الأمين العام، لكن اسم د. أمل الصبان موجود باعتبارها فاحصة وتحصل في كل اللجان علي أكبر رقم مالي للفحص، ونستعرض بعض اللجان لنوضح الأمر، علي سبيل المثال في المستند الخاص ب" مكافأة فحص جائزة الدولة التقديرية لعام 2015 في فرع الفنون، هناك 13 اسما، تقاضوا كالتالي: داود عبد السيد داود 300 جنيه، د. أحمد عثمان سخسوخ 300، د. أحمد نبيل محمد سليمان 1800، د. إيهاب محمود عقبة 1200، د. محمد سناء شافع 300، د. سيد محمد التوني 1200، د. صبري محمد منصور 1800، د. محمد رضا عبد السلام 1800، د. محمد طلعت الدالي 1200، د. نبيل السيد منيب 300، د. يحيي عزمي 300، د. أمل الصبان 3600، أي أنها حصلت علي أكبر مكافأة تخص الفحص، وفيما يخص مكافأة فحص جائزة الدولة التقديرية في فرع الآداب، حصلت علي 3900، في حين حصل كل واحد من أعضاء اللجنة علي 2700 وهم: د. صلاح فضل، د. حسين نصار، د. عفاف زيدان، فاروق شوشة، محمد حمدي إبراهيم، د. هدي وصفي، وفي مكافأة فحص جائزة الدولة التقديرية في العلوم الاجتماعية حصلت علي أعلي رقم بين الفاحصين، بحصولها علي 4500 في مقابل 2100 للسيد ياسين، 1500 للدكتور أحمد زكريا الشلق، 1500 للدكتور أحمد زايد، 300 جنيه للدكتور علي الدين هلال، 1500 للدكتور قدري حفني. في مكافأة جائزة الدولة للتفوق فرع الفنون، حصلت علي 4500، في مقابل 1800 لعلي أبو شادي وأعلي رقم في هذه اللجنة كان 3900 من نصيب سمير الجندي، كرم النجار، محمد عبلة، ناصر محمد عبد المنعم. وفي الكشف الخاص بمكافأة فحص جائزة الدولة للتفوق فرع الآداب حصلت علي 4500، وفي مكافأة فحص جائزة الدولة للتفوق في العلوم الاجتماعية حصلت علي 4500 وهو أعلي رقم في اللجنة التي تضم 20 فاحصا، وقد تساوت مع د. فتحي عيانة، د. زبيدة عطا، د. كمال مغيث، وفي جائزة النيل في الفنون والآداب والعلوم الاجتماعية حصلت مثل باقي أعضاء اللجنة علي 4500، ودائما يحتل اسم أمل الصبان الرقم الأخير في كل كشف. هل يحق إذن أن تحصل علي هذه المكافآت في الكشف الخاص بالفاحصين؟ أعتقد أنه لا يوجد سوي قول واحد هو أنه لا يحق لها أن تأخذ هذه الأموال تحت مسمي عضويتها في لجان الفحص، لأن هذه العضوية محددة بقرار وزاري يحدد الأسماء بدقة، ثانيا لو أنها فعلا فحصت الأعمال المقدمة، فنحن إذن أمام مأزق قانوني واضح كيف لها أن تفحص دون سند من قرار وزاري، و-أيضا- كيف يمكن لها عقلا أن تكون قد فحصت جميع الأعمال المقدمة لكل جوائز الدولة التي تزيد علي المئات، ورابعا أنه لو سلمنا بحقها في كل ما سبق، فيقينا نحن أمام بطلان واضح لجوائز الدولة هذا العام، لتضارب الاختصاصات، فهناك فارق كبير بين الفحص وهو ليس بأي حال من الأحوال من حق الأمين العام، لأن هذا الفحص أولا يقوم به متخصصون كل في مجاله، ولا أظن أن د. أمل الصبان لديها شهادات في كل أنواع المعارف، ثانيا أن هذا الفحص يخل بمبدأ أساسي وهو تضارب الاختصاصات، فالأمين العام مهمته إشرافية نابعة من فلسفة مهام وظيفته، أي أن الإشراف علي جوائز الدولة ليس رفاهة يقبلها أو يرفضها الأمين العام، وبالتالي حتي الحصول علي مكافأة مقابل هذا الإشراف، لابد أن يحدد بقرار وزاري، وأنا علي يقين أن الوزير حلمي النمنم لم يصدر قرارا بحصولها علي 30 ألف جنيه مقابل الإشراف، الذي هو جزء أصيل من مهام عملها، وحتي لو قرر مكافأتها فلا أعتقد أنه سيكون بهذا الرقم، وإذا كان حقها فلماذا يكتب اسمها مع الفاحصين في كل مجال.. هذه أسئلة من يمتلك الإجابة عنها هو حلمي النمنم بوصفه رئيسا للمجلس الأعلي للثقافة، وأنا علي يقين أن ضميره لن يسمح بالصمت اتجاه هذا الأمر، لاسيما أن إجراءات الصرف لها ولعدد من الفاحصين الذين لم يصلوا لسن المعاش لم تنتهِ بعد. الحكاية الثانية عندما تولي د. جابر عصفور وزارة الثقافة، أصدر قرارا وزاريا بتشكيل لجنة لتنسيق النشر بين مختلف قطاعات الوزارة، وهي برئاسة الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة، واجتمعت أكثر من مرة برئاسة د. جابر شخصيا واتخذت قرارات في مجملها لم يتم تنفيذها، ومع تغير كل وزير يعاد تشكيل اللجنة مرة أخري، وفي كل مرة يحتفظ الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة برئاسته لها، لترأسها د. أمل الصبان، وبالفعل تم الاجتماع تحت هذه الرئاسة أكثر من مرة، لكن المشكلة الرئيسية أنه لا توجد آلية لدعوة هذه اللجنة المهمة للانعقاد، رغم أن انعقادها ليس رفاهية، ففي الاجتماع الأخير لها منذ شهور كان من المنتظر أن يقدم رؤساء الهيئات العاملة في مجال النشر بالوزارة رؤاهم لتطوير النشر، ويتم عرض هذه الرؤي، التي تستوجب من اللجنة بحكم فلسفة عملها التنسيق بين هذه القطاعات، لكن للأسف لم تدعُ أمل الصبان اللجنة للاجتماع، وضاع علي الوزارة فرصة هذا التنسيق، وما أقوله تكمن خطورته في أن هذا التنسيق سيوفر ميزانيات وسيجعل التضارب الذي يحدث في إصدار بعض المطبوعات ينتهي، لكن رغم أهمية هذا بمكان، إلا أن الدكتورة أمل لم تدعُ اللجنة للانعقاد، وفي هذا إبطال لقيمة القرار الوزاري. الحكاية الثالثة ليس سرا أنني اعترضت علي الطريقة التي جري بها احتفال المجلس الأعلي للثقافة بالذكري الأولي لرحيل الروائي الكبير جمال الغيطاني، وقد اتخذ اعتراضي أكثر من صورة، أولها في اجتماع حضرته د. أمل الصبان حيث اعترضت في وجودها علي هذه الاحتفالية قبل أيام من حدوثها، والاعتراض كان منصبا علي أنه بعد مرور عام علي رحيل الغيطاني كان يجب علي المجلس الأعلي للثقافة أن يعد له مؤتمرا يليق به ويليق بالمجلس الأعلي باعتباره مؤسسة ثقافية كبيرة، أما أن نقيم احتفالية ويتكلم فيها من يتكلم مع احترامي لكل القامات الكبري التي تحدثت، فأنا هنا أتحدث عن الشكل الذي كنت علي الأقل أتمناه ليس فقط في الاحتفال بجمال الغيطاني، بل بكل قاماتنا الثقافية، أن نحتفل بها بما يليق بمسيرتها، أما الشكل الثاني لاعتراضي هو أنني أبلغت وزير الثقافة بما حدث، ولأن الوقت كان ضيقا والإعلان عن الاحتفالية قد تم، فلم يكن مفرا من حدوثها، واحتراما لذكري الغيطاني؛ شاركت فيها وألقيت كلمة، لكن قبلها وفي كلمته كلف حلمي النمنم، الدكتورة أمل الصبان بسرعة الإعداد لمؤتمر دولي عن جمال الغيطاني، تتعاون في التحضير له أكثر من لجنة من لجان المجلس، لكن حتي الآن لم يصدر أي قرار بتشكيل لجنة الإعداد للمؤتمر.. مرة أخري هناك تعطيل متعمد لقرار أخر لوزير الثقافة!!. والسؤال هل مهام الأمين العام أن تبطل مفعول قرارات الوزير أم أن تنفذها؟ الكلمة الأخيرة في يوم من الأيام تولي المجلس منصب الأمين العام للمجلس الأعلي للثقافة هذه القامات: د. جابر عصفور، علي أبوشادي، د. عماد أبوغازي، د. شاكر عبد الحميد، د. أبو الفضل بدران الذي لم يأخذ حقه في التجربة. أنا علي يقين أن هناك حكاية رابعة ستروي، لكن هل ستكون انحيازا لهذه المؤسسة بكل قيمها التي تضرب الآن، أم إنحيازا لأي أمر آخر.