تبدو هيلاري كلينتون واثقة من النصر، وتبدو كذلك واثقة من أن إعادة المباحث الفيدرالية FBI فتح ملف استخدامها بريدها الإلكتروني الخاص في مراسلات رسمية تخص حقيبة الخارجية التي كانت تتولاها في الفترة الأولي من حكم أوباما، لن يغيِّر من الأمر شيئاً، حيث إن قرار قاضي التحقيقات الفيدرالي في يوليو الماضي أوصي بحفظ القضية.. في مؤتمر صحفي قصير أمام جمع من أنصارها بولاية آيوا، قالت هيلاري: »مدير المباحث الفيدرالية نفسه قال إنه لا يعلم إذا كانت الرسائل المُرسلة ذات قيمة أم لا.. في كل الأحوال أنا علي ثقة أن إعادة فتح الملف من جديد لن يغيِّر ما أوصي به قاضي التحقيقات في يوليو الماضي»، ومن باب إظهار مزيد من الثقة بالنفس دعت هيلاري جيمس كومي مدير المباحث الفيدرالية إلي نشر مزيد من المعلومات. وكان كومي قد كتب إلي نواب الكونجرس يخطرهم بأنه سيعيد فتح التحقيق مرة أخري، وهو ما لم يتردد نواب جمهوريون مؤيدون لدونالد ترامب في إعادة نشره من خلال منابر التواصل الاجتماعي، علي سبيل الاحتفاء والاحتفال، آملاً في أن تكون المباحث الفيدرالية قد توصلت لأدلة جديدة تدين هيلاري كلينتون بما يساعد ترامب علي حسم الانتخابات في الثامن من نوفمبر الجاري، وجاء في خطاب كومي: » لقد نما إلي علم المباحث الفيدرالية أن هناك خطابات أخري جديدة تم اكتشافها في تلك القضية»، وكانت رسالة كومي موجهه إلي رؤساء اللجان المختلفة بالكونجرس بما فيها لجنتا العدل والمخابرات، وفي الوقت نفسه أفاد مصدر رسمي، لم يكشف عن اسمه، لصحيفة الواشنطن بوست أن الرسائل الجديدة قيد الفحص لها علاقة بقضية الرسائل الجنسية الخاصة بنائب الكونجرس السابق أنتوني واينر الذي أُجبر علي الاستقالة عام 2011 بعدما نشرت وسائل إعلام أمريكية صوره عارياً، كان قد أرسلها بنفسه لفتيات علي شبكات التواصل الاجتماعي، فضلاً عن رسائل تعجُّ بعبارات جنسية فاضحة، علماً بأن وينر كان متزوجاً من هوما عابدين وهي أبرز مساعدي هيلاري كلنتون وظلها الذي لا يفارقها لدرجة أن هناك من يعتبرها ابنة هيلاري بالتبني. وطالب جون بوديستا، مدير الحملة الانتخابية لهيلاري كلينتون، المباحث الفيدرالية بسرعة نشر كل ما هو متاح من معلومات تخص التحقيق الجديد، غير أن ضمن ما جاء في خطاب جيمس كومي ويخص عامل الوقت كان: » أكتب إليكم لأخطركم أن فريق التحقيق الخاص بذلك الأمر طلب مني الإذن لإعادة فتح الملف مرة أخري، وأنا سمحت لهم بذلك لمعرفة ما إذا كانت تلك الرسائل الجديدة تحتوي علي معلومات هامة وسرية أم لا، وبما أن مكتب التحقيقات لا يمكنه الجزم الآن بمدي أهمية تلك المعلومات، فإنني لا يمكنني التنبؤ كم من الوقت يمكن أن نحتاجه لإنجاز هذا العمل الإضافي، لذا لزم أن أخطر جميع لجان الكونجرس بما نفعله الآن». شك وارتياب يأتي ذلك في الوقت الذي يهدد فيه أنصار المرشح الجمهوري دونالد ترامب بعدم الاعتراف بنتيجة الاستحقاق الرئاسي في حال فوز هيلاري كلينتون، حيث إنهم يرددون ما يقوله ملياردير العقارات الذي لا يتوقف عن إظهار شكه وارتيابه في المنظومة الانتخابية برمتها، متهماً القائمين عليها بالتلاعب والتزوير، ومما زاد الطين بله هو أن ترامب رفض، في المناظرة الأخيرة أمام هيلاري، التعهد بقبول نتيجة الانتخابات حال هزيمته، وأيا كان الفائز فإنه سيكون مضطراً إلي قيادة أمة منقسمة بشكل كبير اجتماعيا وسياسيا. ووفقا لآخر استطلاع للرأي أجرته وكالة أسوشيتد برس بالتعاون مع مؤسسة جي إف كيه، فإن 35 % من أنصار ترامب قالوا إنهم سيقبلون علي الأرجح نتائج الانتخابات إذا فازت كلينتون، بينما قال 65 % إنه ستكون لديهم شكوك جدية بشأن دقة عملية فرز الأصوات، في حالة عدم فوز المرشح الجمهوري. جاريد هالبروك وهو أمريكي يبلغ من العمر 25 عاماً، ويقيم بمدينة جرين باي بولاية ويسكنسون، قال لصحيفة التليجراف البريطانية: »إن ما أخشي منه، حال هزيمة ترامب أمام كلينتون في انتخابات مزورة، هو أن ذلك قد يقودنا إلي حرب ثورية أخري»، وأضاف هالبروك الذي يعمل في مركز للاتصالات: »سوف يزحف الناس حشوداً إلي الكابيتول (مقر الحكم الرئيس للحكومة الأمريكية) وسيفعلون كل ما يجب فعله لإخراجها منه، لأنه لا ينبغي لها أن تبقي هناك، وفي وقت الحسم حينما نكتشف أنها لن ترحل إلا بوسيلة ما ضرورية فإننا سنستخدمها.. نعم سنفعل بكل تأكيد». وبالإضافة لهالبروك كشفت مقابلات مع 50 شخصاً من أنصار ترامب في 6 ولايات أمريكية، عن تغيُّر المزاج العام لدي أنصار المرشح الجمهوري، فبعد نشوة تملكتهم عقب صعوده الصاروخي وفوزه المدوي في الانتخابات التمهيدية للجمهوريين، هاهم الآن غير متقبلين لأي نقد وسريعو الغضب والانفعال، ويعرضون رؤية كارثية لما ستكون عليه الحياة في حال فوز كلينتون بمنصب رئيس الولاياتالمتحدة. روجر بيلاث وهو مدرس متقاعد، من مدينة كولمان بولاية ويسكنسون، ويبلغ من العمر 75 عاماً، يقول: »المشكلة ليست فيما سأفعله، ما أخشاه هو أن تسقط البلاد في دوامة من العنف.. لم يسبق أن رأيت أمريكا منقسمة علي هذا النحو .. إنها بالفعل مقسمة بين بيض وسود .. حملة كلينتون تتخذ »معاً نحن أقوي» شعاراً لها، ولكن لا يوجد ما يدل علي أننا معاً من الأساس .. يبدو أنه لا حلول وسط .. أنا الآن أشاهد ثورة في الولاياتالمتحدة». وعلي النقيض من ذلك، قال 69% من أنصار هيلاري كلينتون إنهم سيقبلون نتائج الانتخابات إذا فاز ترامب، وعبّر 30% فقط من أنصار المرشحة الديمقراطية عن ترددهم في قبول النتائج إذا مُنِيت كلينتون بالهزيمة. فضائح وينر أنتوني وينر يهودي وُلِد في نيويورك، مُصاب بُعقد جنسية لم يستطع التخلص منها .. فضائحه علي نمط واحد فهو لا يلتقي النساء، ولا يقيم معهن علاقات مباشرة، بل يتورط في إرسال عبارات جنسية وصوره عارياً. المفارقة أن معظم فضائحه الجنسية تكشفت بعد زواجه من هوما عابدين وهي في الأصل مسلمة، وأسفر زواجهما عام 2010 عن ابن هو جوردون زين وينر. وينر عضو سابق في مجلس النواب الأمريكي عن الحزب الديمقراطي، واضطر للاستقالة من مجلس النواب عام 2011 تحت وطأة فضيحة تبادل صور إباحية مع فتاة تبلغ من العمر 21 عاماً، و اضطر للتنحي بسبب ضغوط هائلة من قيادات الحزب الديمقراطي. الفضيحة الثانية كانت في العام التالي مباشرة، وتحديداً في 23 يوليو 2013، بعد عودته للسياسة في أبريل 2013 بدخول سباق الترشح لرئاسة بلدية نيويورك، حيث سرب موقع فاضح يُدعيThe Dirty حوارات وصورا لوينر أرسلهما تحت اسم مستعار إلي امرأة تبلغ من العمر 22 عاما، تعرف عليها في أواخر عام 2012، أي بعد أكثر من عام علي تنحيه من مجلس النواب. واعترف وينر خلال تلك الفترة بإرسال عبارات وصور جنسية لثلاث نساء علي الأقل، ولكنه رفض الدعوات للتنحي عن الترشح لمنصب رئيس بلدية نيويورك، وحل خامسا بين المرشحين الديمقراطيين لشغل المنصب. وأقر عضو مجلس النواب السابق وقتذاك أنه أقام »حوارات عدة غير لائقة علي تويتر وفيسبوك وعبر البريد الإلكتروني وأحيانا عبر الهاتف مع نساء التقي بهن علي الإنترنت». وجاءت الفضيحة الثالثة في أغسطس 2016،حيث كشفت صحيفة نيويورك بوست الأمريكية أن وينر، استغل انشغال زوجته عابدين في حملة انتخابات الرئاسة الأمريكية لكلينتون، ليتبادل الصور الجنسية مع سيدة أخري، غير أن إحدي هذه الصور يظهر فيها طفله بجانبه علي السرير. ونشرت الصحيفة عددا من رسائل وينر للسيدة التي لم تذكر الصحيفة هويتها، حيث كان أغلب الرسائل تتعلق بأحاديث جنسية، كما أرسل لها عشرات الصور، غير أنه ظهر في إحداها مستلقيا علي السرير بالسروال الداخلي فقط، وبجانبه طفله. وبدأت العلاقة بينهما، بحسب الرسائل النصية التي حصلت عليها الصحيفة، أواخر 2015 واستمرت حتي وقت قريب. وأقر وينر أنه علي علاقة بالسيدة قائلا: »كنا أصدقاء لبعض الوقت»، لكنه أضاف أن أحاديثهما كانت »خاصة». وكالعادة، شدد علي أنه لم يلتقِ السيدة وجهاً لوجه، رغم دعوته لها مرارا وتكرارا لزيارته في نيويورك. ومثلت الفضيحة الجديدة مادة دعائية جيدة للمرشح الجمهوري دونالد ترامب، الذي هاجم وينر واصفا إياه ب »المنحرف الفاسد، وقال إنه غير قادر علي التحكم في أفعاله أو أقواله». ثالث فضائحه الجنسية تسببت في إعلان هوما عابدين انفصالها عنه في اليوم التالي مباشرةً، وقالت آنذاك »بعد اعتبار فترة طويلة ومؤلمة لزواجي، توصلت إلي قرار بالانفصال عن وينر».. أما الفضيحة الجنسية الرابعة فقد كشفت عنها صحيفة ديلي ميل البريطانية الشهر الماضي، مشيرة إلي أن وينر أقام علي مدي شهور طويلة علاقة جنسية عبر الإنترنت مع فتاة تبلغ من العمر 15 عاما، وأن الفتاة أوضحت أن وينر طلب منها ارتداء ملابس طالبة مدرسة خصيصا عبر تطبيق رسائل فيديو، وضغط عليها للقيام بدور تمثيلي وكأن أحدهم يقوم باغتصابها. السؤال الصعب الذي لم تستطع أي صحيفة أمريكية الإجابة عليه، هو ماذا لو فازت هيلاري كلينتون بالرئاسة ثم اكتشفت المباحث الفيدرالية أنها مدانة في قضية استخدام بريدها الإلكتروني، بمعني أنها أفشت أسراراً للدولة، أو ماذا لو كان للرسائل موضع الفحص سمة الفضائح الجنسية، هل ستُجبر هيلاري علي الاستقالة كما حدث مع الرئيس الأسبق ريتشارد نيكسون؟ أم ستبقي؟ ووقتها لن يقف ترامب وأنصاره مكتوفي الأيدي!