أزمة نقص الأدوية واختفائها في الكثير من الصيدليات تسببت في معاناة كثير من المرضي الذين اضطروا للوصول إليها بكافة السبل مهما خسروا من أموال أو حتي تعرضوا في كثير من الأحيان إلي النصب والغش. وباتت وسائل التواصل الاجتماعي وغرف الدردشة حلًا لأغلب المرضي للوصول إلي الدواء الناقص، فتجارة الأدوية عبر الإنترنت وفيسبوك، أصبحت تجارة مربحة للكثيرين، غير أن الكارثة هي أن أغلب ما يتم بيعه وترويجه منتجات منتهية الصلاحية أو مغشوشة يتم تهريبها عبر الجمارك أو تصنع بمصانع بئر السلم التي تفشت كالنار في الهشيم مستغلة حاجة المرضي الذين يتعلقون بقشة تخفف من أوجاعهم وآلامهم. تعتبر عقاقير التخسيس والمنشطات الجنسية إضافة لأدوية ارتفاع ضغط الدم وخشونة المفاصل الأعلي تداولًا عبر صفحات التواصل، والغريب أن معظمها تم تهريبه من تركيا أو من الصين وأهمها مبيفروباك بلس، وهتروسفير بلس، وميزوتاك سيجما، وهو أحد عقاقير الإجهاض، ويتم بيعها بأسعار زهيدة للغاية فيتم بيع العلبة الواحدة بسعر 70 جنيها مع العلم بوجودها بالصيدليات ب150جنيها، وبعض الأدوية الأخري، يتم تداولها بالصيدليات ب400 جنيه. كما تُباع أدوية التخسيس المشهورة كسوبر سليم، وفيا أناناس، عن طريق الجروبات والصفحات التي وصل عددها للآلاف ب70 و80 جنيها، بينما سعرها الحقيقي150جنيها مما يعرِّض الكثير من المواطنين لأمراض مختلفة قد تصل لحد الوفاة كذلك المكملات الغذائية وفواتح الشهية التي تقدم للأطفال قد تسبب لهم قرح المعدة والتسمم الغذائي . وبحسب دراسة صادرة من جهاز حماية المستهلك أكدت أنه تم رصد 103منتجات دوائية غير مسجلة بوزارة الصحة يتم تداولها عبر الإنترنت والتليفزيون وأكد تقرير نُشِر في 2015 عبر موقع »The»hristian Science Monitor» أن مصر تعتبر اللاعب الرئيسي في تجارة الدواء المغشوش، وأنها الدولة التنظيمية لبيع الدواء بين شرق آسيا وغرب أفريقيا، مضيفا أن نسبة تجارة الدواء المغشوش في مصر وصلت إلي 11% مسجلة ارتفاعا 4% عن النسبة المتفق عليها عالميا. وبالطبع فإن هناك بعض مصانع بير السلم الموجود أغلبها بالمدن الجديدة كالسادس من أكتوبر والتجمع الخامس تعمل علي قدم وساق لتزويد السوق المصري بأدوية مغشوشة يتم تقليدها، فمصانع الأدوية الكبري عادة ما ترغب في التخلص من الماكينات المتهالكة التي تستخدم في صناعة الأقراص والشرائط وذلك عن طريق طرحها في مزاد علني, الأمر الذي يستغله راغبو المكسب الحرام في شراء تلك الماكينات علي أن يقوموا بإدخال بعض التعديلات عليها مثل »الأقماع» التي يتم عن طريقها ضخ كميات من المواد التي تشبه المواد الفعّالة بيضاء اللون داخل الكبسولات والأقراص مثل الجير والنشا ثم يقومون بتجميع عبوات الأدوية بالاتفاق مع جامعي القمامة ثم يتم تعبئة الكبسولات الجديدة بصلاحية حديثة وتطرح في الأسواق أو تُباع عن طريق جروبات الفيسبوك. »آخر ساعة»، تواصلت مع أحد تجار الأدوية المستوردة بالجملة، ويُدعي محمد عبد الحليم، للحصول علي أحد منتجات التخسيس ويُدعي »تريم تون» يتم إنتاجه بماليزيا، وبحسب قول التاجر فإن سعره يصل بالصيدليات الكبري إلي 150جنيها ولكن شركته تعرضه بسعر 70 جنيها فقط والشحن المنزلي بالمجان. وزعم، أن هذا المنتج هو الذي استخدمته الفنانة شيماء سيف لإنقاص وزنها أكثر من عشرين كيلو في الشهرين، فهناك الكثير من العقاقير الخاصة بالإجهاض »كميزو تاك» الذي تنتجه شركة سيجما ويتم استيراده من أمريكا وألمانيا بحيث يباع ب120جنيها فقط علما بأن سعره الأصلي 250 الغريب أن رواد صفحة ذلك التاجر الذين يبلغ عددهم أكثر من خمسة آلاف متابع تباينت آراؤهم في منتجاته فأغلبهم يذم فيها وأنها لم تأتِ بهدفها المنشود في تخسيسهم وحصولهم علي الجسم المثالي، كما يزعم، كما شكت واحدة من زوار الصفحة وتُدعي»بسنت راغب» بأنها تعرضت لعدة آثار جانبية نتيجة تناولها العقار وطالبت صاحب الصفحة باسترداد ما دفعته. وبسؤاله حول طريقة الحصول علي المنتجات، قال إن أغلب تلك الأدوية والعقاقيرغير مسجلة بوزارة الصحة، وهناك أدوية تتشابه مع تأثيرها الصحي وفاعليتها يتم تسجيلها بالوزارة فنقوم باستقدام الأدوية غير المسجلة من مخازن الوزارة ونبيعها علي شبكات الإنترنت أو التعاون مع بعض الشركات التي تستقدم أدوية مهربة من تركيا أو ماليزياوالصين بأسعار معقولة لنبيعها للمرضي غير القادرين علي شرائها من الصيدليات الكبري أو من خلال المرضي الحاصلين علي قرارات بالعلاج علي نفقة الدولة. وعن أهم الأدوية التي يتم بيعها قال: »أغلبها منتجات التخسيس والرشاقة إضافة إلي الفياجرا التي تتنوع بين النسكافيه الرجالي واللبان المحفز للسيدات إضافة إلي المكملات الغذائية لمن يعانون من هشاشة العظام ونقص الحديد، كذا أدوية ضغط الدم والسكر والكبد، ولاشك أن ارتفاع سعر الدولار كان بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير فشركات الأدوية الكبري باتت تحصل علي تلك المنتجات بصعوبة وتقوم برفع أسعارها بشكل مبالغ فيه مما يجعل المرضي يواجهون أزمة عاصفة». أما أبو محمد، أحد مروجي عقار »الأنسولين» الخاص بمرضي السكر، ويعمل صيدليا فيقول: »الصيدليات الكبري تقوم باحتكار بيع الأدوية المستوردة دون خوف من إدارة التفتيش الصيدلي فأغلبهم يحصلون علي عمولات مادية منهم لتسهيل عملهم، أما الصيدليات الصغري أو مكاتب وشركات الأدوية فيتم شن حروب عليها من تلك الإدارة ويتم مصادرة الأدوية حتي لو كانت مسجلة بالوزارة ولك أن تعلم أن مكاسب الأدوية المستوردة خرافية.. أحد أصحاب الصيدليات بمحافظة الشرقية، قال »هناك الكثير من أصحاب شركات الأدوية الصغيرة والمكاتب الذين يمتلكون صفحات علي الفيس بوك لترويج منتجاتهم يمرون عليّ يوميا لشراء الأدوية المستوردة منتهية الصلاحية ليعرضوها علي صفحاتهم بعد تغيير تاريخ الصلاحية وتحديثه. وحول مضاعفات تناول الأدوية المغشوشة ومجهولة المصدر يقول الدكتور علي فرج أستاذ المخ والأعصاب: تختلف المضاعفات من مريض لآخر، فمن الممكن أن تصل لحد الوفاة فالأدوية منتهية الصلاحية إن لم تكن المادة الفعّالة فيها تحولت لمادة سامة فإنها ستكون دون مفعول ما سيحرم المريض من تناول علاجه في الوقت المناسب وتفاقم حدة مرضه، وفي حالة تحولها لمادة سامة ستؤدي للوفاة، خاصة منتجات الأنسولين والأدوية الموسعة للشرايين. محمود فؤاد مدير المركز المصري للحق في الدواء، قال إنه لا يوجد قانون في مصر يجرِّم بيع الدواء عبر الإنترنت، وذلك بسبب أن قانون الصيدلة قديم صدر قبل ظهور الإنترنت في مصر ومعروف مدي أخطارها الجمة التي تصل لحد الوفاة، لذا علي جهاز حماية المستهلك ووزارة الداخلية رصد تلك الصفحات المشبوهة واتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لوقفها ومتابعة أصحابها فهناك حوالي 43 صفحة وأكثر تبيع تلك الأدوية المغشوشة إضافة لصفحات تروِّج المنتجات منتهية الصلاحية ونواقص الأدوية غير الموجودة بالصيدليات. واتفق معه الدكتور عادل عبد المقصود رئيس شعبة الصيادلة في الغرفة التجارية، موضحًا أن أزمة نقص الدولار منعت استيراد الكثير من الأدوية مما أدي لمعاناة العديد من المرضي طريقة فباتت تلك الصفحات المشبوهة ملاذهم الوحيد.