المعرفة هي المهمة الأهم علي الكوكب، المعرفة تعني القراءة والسينما وحكايات الجد ومأساة جارك في كرسي القطار وحكايات الأصدقاء المتداولة علي المقهي، كل هذا أشبه بعملية مساج للعقل، هناك في أقصي نقطة في مخك أشياء لا تعرف الطريق إليها، كان أول أمر إلهيّ أن (اقرأ) حتي تعرف الطريقة التي ستصل بها الكهرباء إلي فصوص جيلاتينية رخوة داخل جمجمتك، اقرأ الكتب والأشخاص والحكايات واللوحات وخرائط البلاد وعروق يديك وابتسامة من تحبهم وموهبة لاعب الكرة الذي تحبه، القراءة كلمة أكبر من الكتب، هي طريقة للتعامل مع التجربة، القراءة مفيدة جدًّا لمخك، بشرط واحد أن يكون عندك مخ أصلًا وإلا أصبحت قراءتك خطرًا علينا جميعًا. يقول الخواجة إن دش الماء الساخن مصدر للأفكار، ليست الفكرة في الاستحمام، ولكنها في كونك عدت إلي فطرتك، العري هو الفطرة، وكان أول ما ترتب علي الخروج من الجنة أن موضوع العري لم يعد من حقك، في أوقات الاستحمام لا شيء هناك سوي جسدك، أنت الآن حر تمامًا، حر لدرجة أنك تنطلق في الغناء لا إراديًّا، لقد انفتح الباب أمامك، ليس هناك ما يجب أن تخافه، والخوف قيد، والأفكار تكره القيود، بالذات إذا كان الماء دافئًا. الطعام بالنسبة إليَّ هو العائلة. نصف ما تعلمته صغيرًا تعلمته في جلسة الطعام، كانت الدروس المستفادة هي العدل، الإيثار، الرضا، المجاملة، الشكر، الاستطعام علي مهل، كان كل هذا يحدث بشكل تلقائي، تفادي غرور »أنا مابحبش السبانخ»، ولكن قل »السبانخ مابتحبنيش»، هذا نصيب الغائب يقتطع تمامًا كأنه موجود، تهادوا تحابوا تكبر المحبة بهدية ليست أكثر من جناح دجاجة أو قطعة من كبدها الصغير، لا تغادر قبل أن تمدح من تعب وتشكر من خلق، الحمد لله، مع التأكيد أنه (يستاهل الحمد). بعد أن كبرت ضاق خلقي وصارت أفكاري حول الطعام تدور حول ملاحظاتي السلبية علي ما يتم تقديمه لي، أحاول أن أدفنها تحت الشكر والحمد، لكنني أدفنها حية فتفضحني. . كنت أشاهد فيلمًا تسجيليًّا عن الغابات مع ابن شقيقتي، فأطال ابن شقيقتي النظر إلي الزرافة ثم سألني: »خالو هوَّ ربنا خلق الزرافة رقبتها طويلة كده ولَّا هيَّ فيها حاجة غلط؟» أسئلة الطفولة فيها من البراءة ما يوازي شفافية الحكماء والفنانين. بالمناسبة أذكر أن الرسامة المكسيكية العظيمة »فريدا كالو» كانت علي فراش الموت وكان آخر ما نطقت به: »أتمني أن يكون الطريق جميلًا مثل البوَّابة التي أراها الآن، وأتمني ألَّا أعود هنا مرة أخري».