محلات خاوية علي عروشها.. هكذا نستطيع ان نصف محلات المشغولات الذهبية بأشهر مناطق بيع الذهب بمصر مثل شارع المعز، فمن بين أكثر من 15 محلا في نفس المنطقة لا تجد سوي 6 محلات فقط تعرض المشغولات الذهبية، بينما اكتفت البقية بوضع لافتة تحمل جملة » نشتري المشغولات الذهبية والكسر بأعلي الأسعار»، وخلال جولتنا بعدد من المناطق علي محلات الذهب أكد لنا الباعة ان »الحال واقف» منذ ارتفاع ثمن الذهب ولم تجد محاولات جذب الزبون بأشكال جديدة ومتنوعة أي تأثير يذكر حتي اضطر البعض لتصفية أعماله، واكتفي البقية ببيع المخزون لديهم دون التجديد. يقول منسي نخلة، 45 عاماً، صاحب محل مصوغات ذهبية بشارع المعز ان عملية الشراء تستمر في الهبوط يوما بعد يوم، وأنه منذ ان وصل سعر الجرام إلي 300 جنيه اختفي الزبون من المحل وأصبح يأتي للبيع فقط، ولم يقبل علي الشراء سوي المضطر مثل العرائس او ميسوري الحال وأوضح انه شخصيا لم يقبل علي الشراء من التجار منذ نحو ثلاثة شهور نظرا لتراكم المصوغات داخل المحل وعدم استطاعته بيعها وبالتالي ليس لديه سيوله كافية لشراء كميات جديدة مشيراً إلي ان الزبائن الآن تبحث عن الوزن الخفيف لتستطيع شراء أكثر من قطعة خاصة للشبكة، والتي اقتصرت علي دبلة وخاتم، أو دبلة ومحبس فقط. أما محمد ابو الوفا صاحب محل، فأشار إلي ان البضاعة المتواجدة في محله اليوم لا تتعدي 20% من اجمالي المنتجات التي كانت توجد بالمحال من قبل، موضحا ان الزبائن الآن اقتصرت فئة الأمهات والعرائس، فتقبل الأم علي شراء حلق صغير لطفلتها الرضيعة، كنوع من الفرحة وكعادة قديمة لتزيين الطفلة بالذهب، بجانب العروس والتي تحاول ان تشتري أخف الأوزان لتتمكن من تجميع اكبر عدد من القطع لتتباهي بها امام صديقاتها. القيمة ارتفعت وأكد أبو الوفا أن المصريين عادة ما يتفقون علي سعر محدد للشبكة، وبالرغم من ارتفاع اسعار الذهب إلا ان السعر المتفق عليه داخل العائلات لا يرتفع كثيرا ومن هنا من كانت تتزوج منذ عدة أعوام بشبكة بمقدار 10 آلاف جنيه كانت تتمكن من تجميع طقم كامل من الشبكة من دبلة ومحبس وخاتم وغوايش وسلسلة أيضا، اما الآن فهذا المبلغ لا يكفي سوي لشراء دبلة ومحبس أو دبلة ومحبس وخاتم من الأوزان الخفيفة، مشيرا إلي ان مبلغ 10 آلاف جنيه قديما كان يمكن ان يشتري نحو 40 جراما من الذهب اما الآن فبالكاد يكفي ل 18 جراما فقط. ومن جانب اخر اكد لنا جورج سامي أحد أصحاب المحلات ان السبب وراء اختلاف ثمن القطعة الواحدة من محل لآخر هو »شطارة» صاحب المحل في وضع ربح له علي مصنعية القطعة الواحدة، موضحا ان سعر الجرام ثابت إلا ان التجار يتلاعبون بسعر المصنعية لتحقيق اكبر قدر من الربح علي حساب المواطن، كما ان الطبقة الاجتماعية التي يتعامل معها كل تاجر تجبره علي تحديد هامش ربحه، فمن يتعامل مع طبقة مرتفعة سيضع ربحا أكثر ممن يتعامل مع كطبقة متوسطة بمنطقة بسيطة. تغيير النشاط ومن بين أصحاب المحلات الخاوية اشار لنا وائل أكرم إلي أنه يعمل بهذا المجال منذ نحو 12 عاما إلا انه لم ير ازمة بهذا الشكل سوي مرة واحدة منذ عدة اعوام لكنها لم تستمر اكثرمن 3 أشهر وانقضت، موضحا انه تعامل مع أحد التجار وتخلص من الكمية التي كانت متاحة عنده بالمحل لسداد المديونيات لأصحاب الورش وغير نشاطه إلي تصنيع الأكسسوارات الصيني بأحد المناطق الشعبية، إلا أنه مازال يعمل في عملية شراء الذهب الكسر ويتخذ منها تجارة، فيشتري الذهب من المواطنين ويقوم بتجميعها وبيعها بالوكالة لتحقيق هامش ربح له. ومن جانبه أكد لنا أحمد هاني ان سوق الذهب لن ينهار نهائيا فليس من الطبيعي ان يمتنع كافة المصريين عن الشراء إلا ان هناك الكثير من التجار ممن لم يستطيعوا تحمل هذه الأزمة نظرا لأنهم كانوا يتعاملون بالآجل مما يحملهم اعباء مالية، فالعديد منهم كان لديه مديونيات وله موعد محدد لسدادها وعقب الارتفاع المفاجئ في اسعار الذهب تعرقلت عملية الدفع. وأضاف هاني انه عند قدوم عريس وعروس للمحل فإنهما يحددان المبلغ أولا ثم يشترطون تكوين طقم للعروس وهو ما يجد البائع صعوبة به نظرا لأن معظم المشغولات قديمة ، فأحيانا لا يناسب سعرها المرتفع مع امكانيات العروس، إلا انه وخلال الفترة الأخيرة استغنت العروس المصرية عن »التوينز» والذي كان من أكثر القطع التي تحقق ارقام بيع وربح، فاكتفت العروس بدبلة وخاتم، وأحيانا تكتفي بالدبلة فقط اذا كانت تريدها ثقيلة. ومن جانبه قال مينا حنا صاحب محل ذهب انه لا مجال اطلاقا للتلاعب بأسعار الذهب من جانب التجار لأن اسعاره يتم تحديدها من بورصات عالمية، مشيرا إلي ان الارتفاع المفاجئ في اسعار الذهب يرجع إلي الارتفاعات الجنونية في اسعار الدولار وسوء الحالة الاقتصادية، كما ان هناك عرائس وعرسانا يؤجلون خطبتهم لحين انخفاض سعر الذهب. مؤكدا أن الزبون عندما يدخل عليه ويسمع بارتفاع أسعارالذهب يحجم عن الشراء، مشيرا إلي ان معظم الزبائن يؤجلون قرار الشراء املا في تراجع الأسعار ولكن للأ سف الغلاء في ارتفاع مستمر.