في ديسمبر الماضي كنا نخطط لعدد بمناسبة ذكري ميلاد نجيب محفوظ، وقتها كتبت افتتاحية بعنوان " هل ما زال لدينا جديد عن نجيب محفوظ" وأنحزنا في هذا العدد إلي أنه بالتأكيد لدي محفوظ الكثير والكثير من الموضوعات التي تحتاج من وقت لآخر لإعادة قراءتها.. من هنا حمل العدد عنوان " خفايا نجيب محفوظ" حاولنا قدر الامكان أن نقدم قراءة صحفية لأحداث مرت في حياة صاحب نوبل، فعلنا ذلك بإحساس أننا جيل يريد أن يفتش في أوراق محفوظ، وهو ما دفع الزميل محمد شعير إلي العمل علي كتاب بعنوان »أيام نجيب محفوظ» يتضمن سيرة بالوثائق عن حياة الكاتب العالمي منذ طفولته وحتي رحيله، ويتضمن قراءة في الزمن والعصر. منذ شهور زارني الزميل أيمن الحكيم، وفي حوذته كنز، يثبت صحة فكرتي الأساسية أن هناك من يفتش في أوراق محفوظ، من أجل قراءة أكثر قربا لهذا العالم الفريد، كان مع الحكيم ملف لم ينشر من قبل مجتمعا وهو بعنوان " حضرة المتهم نجيب محفوظ.. الملف القضائي لأديب مصر" وهو الكتاب الذي نشر في سلسلة كتاب اليوم الثقافي برئاسة تحرير الزميل الكبير علاء عبد الوهاب، وقد نشرت أخبار الأدب وثيقة تضمنها الكتاب فيما بعد- تنشر للمرة الأولي، وهي المرافعة الخاصة بنجيب محفوظ ورجاء النقاش في القضية التي رفعها ابن شقيقة صاحب نوبل، بدعوي أن كتاب النقاش الذي يتناول سيرة محفوظ، تضمن عبارتين رأي صاحب الدعوي أن فيهما مساسا بالعائلة، ولكنه خسر القضية، وبقيت أوراقها، التي تعد وثيقة أدبية رفيعة المستوي، وكان النشر في " أخبار الأدب" قد لفت أنظار الكثيرين لهذا الملف الهام، لذا فوجئ أيمن الحكيم بمكالمة من عمرو عبد المنعم أحد الذين كانوا منتمين للجماعة الإسلامية، وهو الآن باحث في الإسلام السياسي، ونتجت عن هذه المكالمة .. مقابلة مليئة بالمفاجآت، وقد خصنا أيمن بهذه المقابلة التي كتبها بإحساس عال لما سوف تحدثه من تداعيات، لكنها في مجملها تؤكد علي أننا لم نعرف كل ملابسات محاولة اغتيال صاحب نوبل. عمرو عبد المنعم الذي قضي سنوات في صحبة المتهم الثاني عمرو إبراهيم أثناء تقضيته المدة في سجن المزرعة الذي أنتقل إليه من سجن العقرب، بعد تدخل محفوظ يروي في شهادته المنشورة في هذا العدد عن أن عمرو إبراهيم ، عاد إلي رشده في السجن، وتأكد أن الجماعة الإسلامية قامت بتضليله، وأن الرجل لا يستحق القتل، فتحرك ضميره، فكتب رسالة وطلب من والدته أن توصلها لمحفوظ، وبالفعل تم هذا الأمر، ويروي عمرو عبد المنعم باعتباره كان أحد أفراد الجماعة الإسلامية ملابسات كثيرة حول واقعة اغتيال محفوظ. من وجهة نظري أن ما ذكره عمرو عبد المنعم، في هذه الشهادة التي أصفها بالجريئة والمدهشة، إلا أنها في ذات الوقت تحمل من الأسئلة أكثر مما تقدم من إجابات، وأعتقد اننا نحتاج لشهادات أخري من كل من كانوا حول نجيب محفوظ، ومن تابعوا هذه القضية بحكم مسئولياتهم أن يقدموا أراءهم في هذه الشهادة، التي لا أريد أن أروي مختلفا أو متفقا مع تفاصيل ما جاء فيها، وأترك ذلك لمن يقرأها.