علامات مهمة في تاريخ الحياة النيابية المصرية، هي: ان جميع المجالس النيابية ركزت جهودها علي انتزاع المزيد من الحقوق والصلاحيات التي تساعدها علي أداء دورها. حدث ذلك منذ »المجلس العالي»، الذي أسسه »محمد علي»، و»مجلس المشورة» برئاسة ابراهيم باشا في 1829 أو »مجلس شوري النواب» في 1866 أو »مجلس النواب» الذي ولد من رحم الثورة العرابية عام 1881 أو »مجلس شوري القوانين» عام 1883 أو »الجمعية التشريعية» عام 1914 أو جميع البرلمانات في الفترة من 1924 حتي 1952. أن الاستعمار البريطاني والسراي الملكية اعلنا حربا شرسة ضد أي برلمان يعكس تمثيلا شعبيا واضحا، وقاما بدور جهنمي لتعطيل الحياة النيابية في البلاد وإعاقة تطورها. ان المصريين كانوا يختارون من يمثلهم في ضوء اعتبارات الهوية والوطنية المصرية وليس في ضوء العقيدة الدينية أو المذهبية. ان الحلف بين الانجليز والملك اخترع أحزابا هامشية من أصحاب المصالح الذين يرتبطون بعلاقة تبعية مع هذا الحلف، لاستعمال هذه الاحزاب المصطنعة في محاربة أي توجه ديمقراطي أو تحرك وطني. ان نفس هذا الحلف ابتكر وسائل شيطانية لتزوير إرادة الناخبين وفرض مجالس نيابية مزيفة وحكومات معادية للحركة الوطنية والمصالح الشعبية. استغل هذا الحلف مواد في دستور 1923 تعطي الملك حق حل البرلمان واقالة الحكومة لضمان حرمان الشعب من اختيار ممثليه الحقيقيين، والنتيجة انه تم حل اكثر من عشرة برلمانات، ومن بين7 وزارات شكلها مصطفي النحاس تمت إقالة أربع وزارات. مصر بلد عريق في الحياة النيابية. وتشهد علي ذلك مواقف تاريخية، مثل: في عام 1925، دخل احمد زيوار باشا البرلمان حاملا ورقتين لكي يطلب من نواب الأمة الاختيار بين منح الثقة للحكومة أو مرسوم حل البرلمان. ولما كان زيوار من أتباع الانجليز والملك.. رفض النواب منح حكومته الثقة.. وتقرر حل البرلمان الذي لم يتجاوز عمره تسع ساعات. وقرر زعماء الأمة أن يجتمع البرلمان، رغم أنف الانجليز والملك وأتباعهم وخرج سعد من منزله راجلا. وفوجئ بان الجنود الذين يحاصرونه يؤدون له التحية العسكرية، فهم ابناء الشعب، مما فتح له طريق الافلات من الحصار، والتوجه إلي فندق الكونتننتال حيث انعقد البرلمان. وفي عام 1930، أمرت حكومة اسماعيل صدقي بتأجيل انعقاد البرلمان وبوضع سلاسل حديدية علي ابوابه واغلاقها وفرض طوق أمني حوله لمنع اجتماع اعضائه..لكن الاعضاء اعلنوا التحدي، وقروا عقد اجتماعهم في اليوم المحدد سلفا لعقد الجلسة. وتوجه مصطفي النحاس ومكرم عبيد علي رأس النواب إلي المجلس لكن النحاس طلب انتظار رئيس المجلس ويصا واصف لكي يتولي -هو بنفسه- استدعاء قائد حرس المجلس ليأمره بتحطيم السلاسل.. وهكذا دخل اعضاء مجلسي الشيوخ والنواب إلي قاعة البرلمان، وهم يرددون الهتاف للأمة مصدر السلطات. كلمة السر: التراث الحضاري