علي أوتارها غني أبناء القناة للمقاومة والنصر.. رقصت مع الجنود لتعبر عن فرحتهم بتحرير الارض.. تحولت نغماتها إلي نشيد يخلد صمود المصريين في وجه كل محتل من العدوان الثلاثي، وحتي نصر أكتوبر.. انها السمسمية التي غنت »لرصاص البندقية» و»لبيوت السويس». استخدمها أبطال المقاومة في مدن القناة لرفع الروح المعنوية، وصاحبت الجنود في خطة الخداع الاستراتيجي قبيل انطلاق حرب »الكرامة» في اكتوبر 1973، وعلي مدي السنوات نجح عشاقها في تطويرها لتتحول إلي آلة موسيقية متطورة تشارك في الاحتفالات العالمية. السمسمية او » الكينارة » كما عرفها الفراعنة، واحدة من أقدم الآلات الموسيقية الوترية في مصر والتي عمل عشاقها ومن ارتبطوا بأنغامها علي تطويرها ومضاعفة عدد اوتارها للحفاظ عليها من الاندثار وسط التقنيات الحديثة . كان بداية ظهور آلة السمسية في مصر في عهد الاسرة الثالثة عشرة الفرعونية، وكانت تستخدم فقط في المراسم الجنازية وتشييع الموتي للقبور، وكانت تستخدم في صناعتها الاصداف البحرية الكبيرة واصداف السلاحف البحرية، وكانت اوتارها من أمعاء القطط وتصدر صوتا غليظا يتناسب مع المشهد الجنازي الفرعوني . ويقول تامر ريكو، عازف الإيقاع والباحث في تراث السمسمية: إن هذه الآلة تطورت بعد ذلك وأصبح أسمها » طنبورة » وكانت كبيرة الحجم . وقد وصلت إلي منطقة خليج السويس قديماً وعرفها اهل المنطقة وتعلموا استخدامها.. وبمرور الوقت تم تعديل حجم الآلة لتصبح أصغر وعرفت تلك العملية ب » سمسمة » مع تعديل شكلها ليكون اكثر انسيابية، ومن هنا جاء اسم السمسمية، مع الاحتفاظ بأوتارها الخمسة، وكانت قبل ثورة يوليو 52 يتم استخدامها لعزف الاغاني الشعبية كأغاني صالح عبد الحي وعبده الحامولي، لكنها لم تكن مكتملة فالسلم الموسيقي يضم سبعة حروف وكانت الآلة ناقصة لأنها تتضمن خمسة فقط، وقد استخدمت بشكل أكثر في الموشحات . وظل استخدام الآلة قصوراً علي الاغاني الشعبية التي يغنيها العمال والصيادون، الي ان تغير الوضع في مصر بعد ثورة يوليو، ومع العدوان الثلاثي ظهرت قوة الآلة مع اغاني المقاومة التي تحض علي الجهاد والكفاح ضد المحتل، وقد كانت المتحدث الرسمي للأغاني الوطنية في تلك الفترة ببورسعيد . ورغم ان السمسمية انتشرت بمدن القناة من السويس، لكن ظهورها القوي في المدينة القديمة كان بعد يونيه 67، فكان استخدامها قبل ذلك مقصوراً علي المناسبات السعيدة والافراح، لكن بعد النكسة باتت آلة أساسية في » الحنة السويسية » و »الكف السويسي» وهو إيقاع تصفيق باليد بالتزامن مع انغام الآلة، ثم انتشرت مع المهجرين الي باقي المحافظات، علي يد فرقة البطاطين التي أسسها كابتن غزالي والتي تغير اسمها الي أولاد الأرض بعد ذلك. ويشير ريكو الي ان أعضاء فرقة غزالي كانوا يطوفون المحافظات لنشر الاغاني الوطنية التي أصبحت الان تراثاً لمدن القناة، وكانت تحمل في كلماتها اخبار المقاومة في السويس، والبشري بالنصر، حتي تأسست في كل محافظة مجموعة لأولاد الأرض وكانت كل تلك الاغاني تعزف علي السمسمية . ويشير موسي احمد موسي عازف سمسمية، إلي ان الآلة شهدت تطوراً نوعياً في منتصف الثمانينيات حيث عمد العازفان نبيل فوزي ويحيي محمد الي زيادة عدد اوتارها لإستكمال السلم الموسيقي، واصبح بالسمسمية 16 وتراً بدلا من 5 فقط، لسهولة الانتقال من إيقاع لاخر . ويقول موسي انه تمكن في أواخر التسعينات من تطوير طريقة العزف للانتقال بين أوتار الآلة في مقامات الاغاني دون التوقف بين المقامين، وقد انضم عدد من العازفين في السويس للفرقة القومية للآلات الموسيقية الشعبية وقدموا عروضا في عدة دول في العالم بالسمسمية حظيت باعجاب كبير من المستمعين في الدول الأوروبية . ويتراوح ثمن آلة السمسمية ما بين 200 الي 700 جنيه، حسب الخامات ونوع الجلد المستخدم في علبة الصوت وعدد الاوتار .