الكاتبة الأذربيجانية آفاق مسعود مشوار إبداعي متنوع وثري

ولدت الأديبة الأذربيجانية آفاق مسعود في أسرة عريقة تشتغل بالأدب وفنونه،‮ ‬فترعرعت في بيئة أدبية زاخرة منذ نعومة أظفارها،‮ ‬وتعتبر آفاق مسعود من النماذج المشرقة في الأدب الأذربيجاني المعاصر والتي يشار إليها كعلامة من علامات الأدب القصصي في أذربيجان‮. ‬
بدأت الكاتبة الأذربيجانية‮ »‬ ‬فاق مسعود‮» ‬مشوارها الأدبي في وقت مبكر في الفترة الجامعية في سبعينيات القرن الماضي،‮ ‬وصدر لها أول كتاب ضم قصتها القصيرة الأولي عام‮ «1976‮»‬ ‬بعنوان‮ «في الدور الثالث‮»‬.‬
اهتمت‮ «آفاق مسعود‮»‬ ‬في إبداعها بالعالم الداخلي للإنسان وبالقضايا التي تؤرقه داخل المجتمع،‮ ‬وكذلك بقضية استقلال أذربيجان عن الاتحاد السوفيتي السابق‮. ‬كما قامت‮ «آفاق مسعود»‬من خلال قصصها القصيرة بتصوير المشكلات التي عاشها الشعب الأذربيجاني عقب الاستقلال والمعاناة التي كان يواجهها بعض أفراد المجتمع.تنوع الإنتاج الأدبي لها؛ حيث ألفت العديد من القصص القصيرة من أشهرها‮: «قتلوه‮ »‬‬،‮ «الليل‮»‬‬،‮ «ليلة السبت‮»‬‬،‮ «الاحتضار‮»‬‬،‮ «المُصطنع‮»‬‬،‮ «البجع‮»‬‬،‮ ‬و»العصافير‮»‬.‬
واللافت للنظر في معظم قصص‮ «آفاق مسعود‮»‬ ‬هو الغوص في ماهية الموت وتصوير الحياة الأخري بعد الموت،‮ ‬ولعل في رسالتها هذه ما يؤكد أن الموت حد فاصل بين الماضي والحاضر ولا يغيب الموت الإنسان فقط بل يطمس معه الأحداث التي عاشها،‮ ‬ويتضح ذلك جليًّا في إحدي القصص القصيرة التي بين أيدينا وهي قصة‮ «الاحتضار‮»‬. ‬فتصور لنا الكاتبة شيخًا وهو علي فراش الموت مصرًّا علي إخفاء ماضيه وأسراره والمرحلة التي عاشها خلال فترة الاتحاد السوفيتي واعترافه بالتجاوزات التي كانت تقع خلال تلك الفترة‮. ‬وكان الموت في القصة بمثابة نقطة الانتقال التي تحمل هذا الشيخ بأسرار تلك الحقبة إلي العالم الآخر‮. ‬وكأن الموت هو الوحيد الذي يمكن أن يخفي بشاعات وآلام وأحزان تلك الفترة من تاريخ أذربيجان‮.‬
كما اهتمت‮ «آفاق مسعود‮»‬ ‬في كتاباتها أيضًا بالمرأة وقضاياها النفسية،‮ ‬ولاسيما‮ «الأم‮»‬. ‬وتبدو هذه القضية من أهم القضايا التي انشغل بها الأدباء الشرقيون؛ خاصة وأن المجتمعات الشرقية لها عادات وتقاليد معينة فيما يخص المرأة‮. ‬ويتضح ذلك في إحدي قصصها‮ «العصافير‮»‬ ‬التي ترويها لنا الكاتبة علي لسان ابنة تحكي عن‮ «أمها الكاتبة‮»‬ ‬ومدي معاناتها النفسية جراء فقدان أمها‮.‬
وقد خاضت‮ «آفاق مسعود‮»‬ ‬في مجال الكتابة المسرحية وذلك دليل علي نضجها الفني فلا يتصدي للكتابة المسرحية سوي المخضرمين من الأدباء لما فيه من تقنيات فنية عالية ورسالة سامية وحبكة درامية معقدة،‮ ‬وقد برعت آفاق مسعود فيه وقدمت العديد من المسرحيات الأدبية التي عرضت علي خشبة المسرح في أذربيجان مثل مسرحيات‮: «هو يحبني‮»‬ «علي الطريق‮»‬‬،‮ «المرأة الملقاة تحت القطار‮»‬‬،‮ «كربلاء‮»‬‬،‮ ‬و»منصور الحلاج‮»‬. ‬وحصلت‮ «آفاق مسعود‮»‬ ‬علي جائزة‮ «توركصوي‮»‬ ‬التركية تقديرًا لدورها في تطوير الفن المسرحي في أذربيجان‮.‬
ومن بين الأعمال الأدبية المهمة التي أبدعتها الكاتبة‮ «آفاق مسعود‮»‬ ‬رواية‮ «الحرية‮»‬ ‬والتي عكست الأحداث التي مرت بها أذربيجان في نهاية حكم الاتحاد السوفيتي والسنوات الأولي من الاستقلال ومدي المعاناة التي عاناها الشعب الأذربيجاني في سبيل استعادة استقلاله،‮ ‬وكذلك القضايا الاجتماعية والنفسية التي خيمت علي أذربيجان آنذاك‮.‬
كما ساهمت الكاتبة‮ «آفاق مسعود‮»‬ ‬في نقل أهم الأعمال الأدبية من اللغات الأخري إلي اللغة الأذربيجانية،‮ ‬من خلال ترجمتها لعدد من أشهر الأعمال العالمية كرواية‮ «خريف البطريرك‮ »‬ ‬للروائي الكولومبي الحائز علي جائزة نوبل في الآداب‮ «غابرييل‮ ‬غارسيا ماركيز‮»‬‬،‮ ‬ورواية‮ «شبكة العنكبوت العالمية‮»‬ ‬للكاتب‮ » ‬ت‮. ‬وولف‮»‬‬،‮ ‬وكتاب‮ «حقيقة الوجود‮»‬ ‬للنسفي،‮ ‬و»أكسير السعادة‮»‬ ‬للإمام أبي حامد الغزالي،‮ ‬وكذلك قامت بترجمة العديد من كتب كبار مفكري الصوفية مثل الشيخ جلال الدين الرومي‮.‬
وقد تم إنتاج العديد من الأفلام السينمائية في أذربيجان مقتبسة من أعمالها الأدبية مثل قصص‮: «العصافير‮»‬‬،‮ «الضيافة‮»‬‬،‮ «الليل‮»‬‬،‮ «العقاب‮»‬‬،‮ ‬و»موت الأرنب‮»‬.‬
حصلت الكاتبة آفاق مسعود علي العديد من الجوائز القيمة منها جائزة الأكاديمية الوطنية‮ «هوماني‮»‬‬،‮ ‬وفازت بجائزة‮ «خالدون طانير‮»‬ ‬من مؤسسة‮ «توركصوي‮»‬ ‬عام‮ ‬2015م‮.‬
ترجمت أعمال‮ «آفاق مسعود‮»‬ ‬الأدبية إلي العديد من اللغات منها الروسية والإنجليزية والألمانية والإسبانية والعربية والفارسية والتركية‮.‬