يوم الثلاثاء القادم يعود مجلس النواب للانعقاد في دورته العادية الثانية بعد عطلة برلمانية لم تتجاوز 28 يوما.. في مثل هذا اليوم »بداية دور الانعقاد» كنا علي موعد سنويا لاجراء انتخابات جديدة لاختيار رئيس المجلس والوكيلين وهذا ما جرت عليه العادة منذ بدء الحياة البرلمانية في مصر لكن الدستور الجديد جعل انتخاب رئيس المجلس والوكيلين لمدة فصل تشريعي كامل »5 سنوات» وبناء عليه ليس علينا إلا أن نتحمل ما قدره لنا الله سبحانه وتعالي.. وان نتقبل ونتعود علي شخط ونطر وزعيق د. علي عبدالعال رئيس المجلس المستمر لانه ثبت بالتجربة طوال الدورة البرلمانية المنقضية ان هذه هي طبيعته والمثل يقول »الطبع يغلب التطبع»! اربع سنوات اخري سنظل نترحم فيها علي ايام د. فتحي سرور وكفاءته في ادارة الجلسات وقدرته علي احتواء الازمات ومن قبله د. رفعت المحجوب. اربع سنوات اخري تظل فيها اهم عملية تصويتية في القاعة هي التصويت علي إخراج نائب من الجلسة كلما اختلف رئيس المجلس مع نائب سارع بأخذ التصويت علي اخراجه من الجلسة »الموافق علي اخراج السيد العضو... من القاعة... موافقة» وكان الاجدي ان يكون التصويت الاهم علي مشروعات القوانين الملحة لتحقيق التنمية او حل مشاكل الجماهير. انتهي دور الانعقاد الاول للمجلس يوم 6 سبتمبر الحالي دون ان يتحدد الموقف بالنسبة لقانون الخدمة المدنية.. لا هو مرفوض ولا هو ماشي!.. رفضه المجلس في البداية بسبب فشل الحكومة في تسويقه بين النواب واظهار مزاياه وخوف النواب من قواعدهم الجماهيرية فاستأسدوا في رفضه ثم استجابت الحكومة لأغلب مطالبهم تقريبا وتمت الموافقة عليه من حيث المبدأ وكان مقررا ان يتم التصويت عليه نهائيا في آخر ايام الدورة البرلمانية »6 سبتمبر» لكن الجلسة انتهت دون التطرق اليه لا من قريب او بعيد!! انتهت الدورة ايضا بمخالفة دستورية فطبقا للدستور كان لابد ان يصدر المجلس في دور انعقاده الاول قانوني العدالة الانتقالية وبناء الكنائس لكنه لم ينجز الا قانون بناء الكنائس فقط - وبعد معاناة في اعداده - ومازال مصير قانون العدالة الانتقالية في علم الغيب. لم يصدر المجلس ايضا قانون الهيئة الوطنية للانتخابات والتي من المفترض أن تشرف علي جميع مراحل انتخابات المحليات التي وعد الرئيس السيسي بإجرائها قبل نهاية العام الحالي.. كما ان القانون الجديد للادارة المحلية لم يصدر أيضا ولم يناقش صحيح ان الحكومة انتهت من اعداده لكنه لم يحل لمجلس النواب.. واتصور ان يعطي المجلس الاولوية مع بدء دورته البرلمانية الجديدة لاصدار قانوني الادارة المحلية والهيئة الوطنية للانتخابات حتي يتسني اجراء انتخابات المجالس المحلية في اقرب فرصة حتي وان تم الاعلان عن فتح باب الترشيح قبل نهاية العام الحالي ثم تجري الانتخابات في الشهور الاولي من العام القادم. نفس الاهمية يجب ان تحظي بها مشروعات القوانين المنظمة للاعلام والصحافة والقانون الموحد فالفوضي في سوق الاعلام وتدهور احوال المؤسسات الصحفية لم تعد تتحمل الانتظار اكثر من ذلك. لاننسي ايضا ان مجلس النواب لم يناقش طوال دورته أي استجواب والاستجوابات ال 12 التي كانت موجهة لوزير التموين سقطت بانتهاء الدورة واستقالة الوزير.. اغلب الاسئلة وطلبات الاحاطة تم احالتها الي اللجان ومنها الي الادراج ولم يناقش الا القليل جدا في مجالات محددة. نأتي الآن الي الطامة الكبري وهي غياب النواب المستمر عن الجلسات وتأخر بدء الجلسات لاكثر من ساعة او ساعة ونصف الساعة والنداء المستمر علي النواب المتواجدين في البهو الفرعوني وردهات المجلس للتوجه الي القاعة.. مشهد غير مسبوق في الحياة البرلمانية.. لكننا رأيناه وعشناه للاسف في برلمان 30 يونيو الذي كنا نتوقع منه ان يعطي دفعة للعمل البرلماني الدؤوب ويضرب المثل في الحرص علي تحقيق مصالح الشعب. خلافات النواب داخل القاعة والمشاجرات المستمرة بينهم لا تقل اهمية عن غياب النواب عن الجلسات مما جعلهما اسوأ ظاهرتين في الاداء البرلماني طوال اول دورة لمجلس النواب الجديد. لكن علي الجانب الاخر هناك شعاع مضيء يعطنا بعض الامل وأعني به تقرير لجنة تقصي الحقائق في قضية فساد القمح والمجهود الذي بذلته اللجنة لكشف كل الحقائق في موضوع توريد وطحن وخبز القمح وزياراتها المفاجئة للصوامع والمطاحن مما يجعل من هذا التقرير اهم انجاز لمجلس النواب في دورته البرلمانية الاولي. اخيرا.. يبقي السؤال »هل كانت الدورة الاولي لمجلس النواب ناجحة أم فاشلة؟» اترك الاجابة للقراء. لكن تبقي كل التمنيات الطيبة ان يعوض مجلس النواب ما فاته في دورته الاولي ليثبت بحق انه برلمان 30 يونيو.