إذا أردنا معرفة من المسئول عن غرق مركب الموت برشيد فعلينا توسيع دائرة البحث ومناقشة الأمر من كافة جوانبه، وفي هذه الحالة علينا معيشة الرحلة من خلال شخص خاض التجربة بكل تفاصيلها، وشاء القدر أن ألتقي بواحد منهم.. شاب في منتصف الثلاثينات اعتلي ظهر مركب منذ سنوات مهاجرا إلي ايطاليا، يقول هذا الشاب: رحلات الموت تبدأ عادة بأعوان سماسرة الموت الذين يجوبون القري الفقيرة في كل المحافظات لاصطياد الضحايا حيث يتم تحديد سعر الرحلة شاملا مكاسب مافيا الهجرات غير الشرعية وأجر البحار وطاقم المركب الذين غالبا ما تكون أحوالهم المادية في ضنك وثمن المركب التي ستقوم بالرحلة وهي في الغالب تكون في أسوأ حالاتها ثم تبدأ الرحلة في ظلمات البحر وسط قلوب مرتجفة ودعوات تطلب السلامة، وعندما تأتي البشري من طاقم المركب بالوصول إلي المياه الاقليمية للدولة المهاجر اليها نلتقط الانفاس مع خوف جديد من أن يلقينا البحارة في المياه من علي ظهر المركب ولا شيء يمنعهم، المهم ان المركب تطلق إشارات الاستغاثة وقد يستعد البحارة للهرب أو يتم القبض عليهم وهم في هذه الحالة لا يعبأون بشيء فالنهاية معروفة وهي الترحيل امنين مطمئنين.. يقول الشاب: الرحلة لا تنتهي عند هذا الحد فهناك رحلة هروب اخري من معسكرات الصليب الاحمر ومخيمات الايواء حيث يرابض سماسرة ايطاليون يقومون بتهريبنا إلي داخل البلاد وتوصيلنا إلي اقاربنا او معارفنا الذين نحرص علي الاحتفاظ بعناوينهم.. ويأتي السؤال الاهم وهو: من المسئول عن غرق مركب رشيد بمن عليها؟ يقول الشاب المصري: سأحكي لك تجربة ربما تساعدك علي الاجابة.. ذات مرة تلقيت رسالة استغاثة علي تليفوني المحمول من شقيقي الذي كان في طريقه إليّ من خلال احدي هذه الهجرات وقالت الرسالة ان مركبهم تقف علي سواحل ايطاليا وبسرعة أبلغنا السلطات فتحركت علي الفور مروحيات ولنشات الإغاثة فالآدمية عندهم هي أهم شيء ولكنهم أخبرونا بعدم العثور علي شيء وكعادة المصريين انفجرنا في وجوههم غاضبين معتقدين عدم اهتمامهم ولكننا علمنا بعدها أننا كنا مخطئين فالمركب كانت علي الحدود الأسبانية، والآن تستطيع بسهولة تحديد المسئول عن كارثة رشيد، أولا كيف اخترق المهاجرون السواحل المصرية؟ ثم هل صدرت من مركبهم اشارات استغاثة وهي ما زالت في الحدود المصرية أم لا؟ وهل كان سيفعل المصريون كما فعل الإيطاليون بسرعة التحرك أم أن الرد سيكون: هما يستاهلوا من خرج من داره قل مقداره؟!!