يتغلب علي الظروف المناخية وينمو في الأراضي المالحة والصحراوية يواجه العالم خلال السنوات المقبلة مشكلة طاحنة في المياه والغذاء نتيجة تآكل الرقعة الزراعية وزيادة التصحر فضلا عن التغيرات المناخية التي باتت تهدد الاجيال القادمة ولا يعلم مداها الا الله.. ولم يعد أمام الانسان الا البحث عن بدائل طبيعية وآمنة تتوافق مع هذه التغيرات ويمكنها مقاومة الظروف المناخية المختلفة وتصلح للزراعة في الأراضي المالحة والصحراوية.. هذا ما ركز عليه الباحث شوقي سراج الدين الذي قام بالعديد من الدراسات علي نبات »الكسافا» ووجد أنه يعتبر »نبات المستقبل» لأن به جميع المميزات التي سبق ذكرها ويعتبر بديلا آمنا للذرة حيث يوفر الدقيق والنشا وعلف الحيوان فضلا عن استخدامه لانتاج الوقود الحيوي.. حول هذا النبات وأبحاثه كان لنا الحوار التالي مع الباحث شوقي سراج الدين.. ما »الكسافا» وما الدوافع التي دفعتك لدراسته؟ - الكسافا نبات له القدرة علي التغلب علي الظروف المناخية المتعددة والنموفي الاراضي المالحة والمستصلحة بجودة كبيرة، وبما ان مصرنا لديها مساحات شاسعة من الاراضي الصحراوية التي لم تزرع الي الان ولم يتم استغلالها وكذلك الاراضي المستصلحة حديثا التي لا تجود بها الكثير من المحاصيل كان حتما علينا التفكير في حل لهذه المشكلة من خلال البيئة والامكانيات الطبيعية المتاحة لنا في تحقيق الحلم وهو زراعة مليون فدان من الصحراء بنبات القرن الجديد نبات »الكسافا» الذي تنفق عليه منظمة الفاو(fAo) الملايين من الدولارات لانتاج افضل السلالات منه. الأمن الغذائي وما مواصفات هذا النبات؟ - هذا النبات كما ذكرت يتحمل الجفاف والملوحة ويروي بماء بأي درجة ملوحة ويحتاج الي قدر قليل من السماد وهوما يجعله يزرع بنجاح في الاراضي الصحراوية والاراضي الجديدة كما انه امل الفقراء والاغنياء من الافراد والشعوب والحكومات في القرن القادم لانه سيسد الفجوة الغذائية فهوبديل القمح والذرة وتعتمد عليه 105 دول من دول العالم ولقد اكدت منظمة الأغذية والزراعة (فاو) إنه من الممكن أن يصبح هذا النبات الجذري الاستوائي أداة في خدمة الأمن الغذائي والطاقة المأمونة لدي البلدان الفقيرة التي تهددها الأسعار المتصاعدة للغذاء والطاقة. وكان علماء مختصون قد دعوا في اجتماعٍ بمدينة (غنت) البلجيكية إلي رصد استثمارات مهمة للبحث حول هذا المحصول وتنميته لتعزيز إنتاجه عند صغار المزارعين إلي جانب استشراف الآفاق الواعدة لاستخداماته الصناعية التي من ضمنها الوقود الحيوي. ما أشهر الدول التي يتم فيها زراعة هذا المحصول المهم؟ - تنتشر زراعة نبات »الكسافا» علي نطاق واسع في افريقيا الاستوائية، وآسيا، وأمريكا اللاتينية ومن اهم الدول التي تقوم بزراعته امريكا والبرازيل والصين واوغندا وغانا ونيجيريا، ويمثل هذا المحصول الغذاء الأساسي لنحومليار نسمة في 105 بلدان، ويعد أيضا أرخص مورد معروف للنشا، ويستخدم في أكثر من 300 منتج صناعي. قيمة غذائية وما القيمة الغذائية والاقتصادية لهذا النبات؟ - تحتوي اصناف الكسافا علي كميات وفيرة من النشا والدقيق الذي يستخدم في صناعة العجائن والمخبوزات ويعد البديل الآمن للقمح والذرة وسيعمل علي سد الفجوة الغذائية للانسان والحيوان كما يساهم في انتاج الوقود الحيوي (الايثانول) الذي يمكن استعماله مباشرة كوقود للسيارات كما حدث في الصين والولايات المتحدةالامريكية والبرازيل اوخلطه بنسب متفاوتة من 10% الي 85% كما في الهند وتايلاند والفلبين، وهذا الوقود صديق للبيئة وسيوفر لمصر 50% من وقود السيارات ومليارات تنفق علي استيراد الوقود، فتايلاند تستخدم 50% من وقودها من هذا النبات ولديها عدة مصانع وقد تم تجربة الكحول الاثيلي المنتج علي سيارة معدلة فسارت لمسافة 700كم دون اي مشاكل ميكانيكية. ويوجد العديد من المصانع المنتجة للإيثانول الحيوي المستخرجة من درنات نباتات الكسافا في العديد من دول العالم خاصة في جنوبالصين حيث يمثل الوقود الحيوي من الكسافا حوالي 20% من نسبة الوقود الكلي بها ويتم الحصول علي الوقود الحيوي من جذور الكسافا التي تحتوي بطبيعتها علي الكربون وعند تعريضها لعملية تخمير بكائنات معينة فإنها تتحول الي »ايثانول». كما يستخرج من هذا النبات النشا بنسب عالية جدا 25% والتي تقوم عليها كثير من الصناعات مثل صناعة الورق والكرتون والحلويات ومواد الاطفال الغذائية والمستحضرات الصيدلانية والمواد اللاصقة الحيوية والحرارية الي جانب انه سيقوم بسد الفجوة الغذائية من العلف الحيواني حيث انه يأتي الثاني بعد الذرة في هذا المجال. ويعتبر محصول الكسافا من المحاصيل الضرورية لتحقيق كل من الأمن الغذائي والطاقة المأمونة. اضافة الي الاستفادة البيئية في التوسع في زراعته في مواجهة انبعاث كميات إضافية من عوادم الغازات المسبِّبة للاحتباس الحراري والمسئولة عن تغير المناخ حيث يمتلك محصول » الكسافا » قدرات تحمل ومرونة عاليتين ضمن المحاصيل الأساسية الكبري في أفريقيا، ومن المتوقع أن يكون من بين أقلها تضرراً جراء التغير المتواصل في المناخ. وتستخدم أيضا أوراق بعض أصناف نبات » الكسافا » في اعداد الطعام في بعض الدول الافريقية. وجذور » الكسافا » غنية بالكربوهيدرات وأوراقها ليّنة يصل محتواها البروتيني إلي 25%، بالإضافة إلي غناها بعنصري الحديد والكالسيوم، وبعض الفيتامينات. وكيف يمكن استخدام نبات الكسافا كبديل للاعلاف ؟ - لقد تم إجراء الدراسة بهدف الحصول علي أفضل مستوي من مسحوق درنات الكسافا يمكن أن يحل محل الذرة الصفراء في علائق الدواجن والماشيةبدون أي تأثير ضار عليها ويمكن تحقيق ذلك من خلال اجراء عمليات الغسيل والتقطيع لدرنات الكسافا وتجفيفها علي ضوء الشمس المباشر لمدة 14 يوما ثم القيام بطحنها للحصول علي مسحوق درنات الكسافا الجاف ولقد وجِد أن الماشية المربّاة علي الكسافا تتمتع بمقاومة جيّدة للأمراض وتنخفض معدلات نفوقها. وهل تسمح الظروف البيئية في مصر بزراعة هذا النبات؟ - الدراسات التي قام بها العديد من الباحثين والكليات العلمية أثبتت ملاءمة ظروف البيئة المصرية من عناصر أرضية ومناخية لزراعة هذا المحصول مما يساهم في سد الفجوة الغذائية من القمح وبالتالي انعاش الاقتصاد الوطني. تجارب ناجحة هل قمت باجراء تجارب علي زراعة هذا النبات في التربة المصرية؟ وكيف كانت النتائج؟ - لقد قمت بالتعاون مع بعض الباحثين بعمل اول تجربة لزراعة نبات الكسافا بمزرعة خاصة بواحة سيوة في منطقة ابوشروف والمراقي وكانت النتائج جيدة وبعد عدة محاولات بفضل الله وصلنا الي 40 طنا للفدان وقد تم تجربته ايضا في الاراضي الرملية بمديرية التحرير.. وهذا المعدل من الانتاجية هونفسه المعدل الذي وصلت اليه دولة فيتنام حيث ينتج الفدان 40 طنا بعد استخدام الطرق الحديثة في الزراعة وتتطلع منظمة ( fAo) ان يكون هذا المحصول هومحصول ال300 عام القادمة، من جهة استخدامه كعلف تمت تجربة مسحوق الكسافا علي مواشي التسمين (الجاموس) وكانت النتائج ممتازة كما قام اكثر من فريق بحثي مصري بإجراء العديد من الدراسات عن هذا النبات بهدف تحديد أنسب مواعيد لزراعته في مصر، وأفضل الأصناف التي تعطي أعلي إنتاجية وأكثر عائد من مستخلصات النشا والدقيق وكذلك الطرق المثلي للمعاملات الزراعية وأفضل مواعيد للري والتسميد الحيوي للحصول علي منتج آمن صحيا. ما أحلامك للمستقبل؟ - اتمني ان يتحقق حلمي بنشر زراعة نبات الكسافا في الأراضي الرملية في مصر وكذلك الاراضي المستصلحة حديثا حيث أحلم بزراعة مليون فدان بهذا النبات الذي يمكنه أن يغير وجه الحياة في مصر وينقلها من مصاف الدول النامية الي الدول الصاعدة زراعيا واقتصاديا ويسد الفجوة الغذائية ويوفر مليارات الدولارات التي يتم استيراد القمح بها من الخارج كما يسهم هذا النبات في زيادة الثروة الحيوانية في مصر وتوفير الاعلاف التي يتم استيرادها أيضا بملايين الدولارات التي نحن في أمس الحاجة اليها، ونساعد في توفير الوقود الحيوي للتغلب علي أزمة الوقود التي يتعرض لها المواطن المصري من حين الي آخر بل ويمكننا التصدير للخارج، وبذلك نخدم بلدنا اقتصاديا ونساهم في زيادة الرقعة الزراعية بطريقة عملية وفي نفس الوقت غير مكلفة مقارنة بالمحاصيل الاخري.