الأهمال لم يتوقف عند المساجد الاثرية فنجدها ايضا في احد أهم معالم الآثار المصرية العريقة التي كانت خير شاهد علي تاريخ طويل يحكي عظمة من شيدو وعاشو فيه وهي القصور الاثرية .. كانت البداية من قصر »المسافر خانة» بحي الجمالية. هذا القصر المعروف بأنه تحفة معمارية فريدة ومميزة وصفه الكاتب الكبير جمال الغيطاني في احد كتبه بأنه كان يضارع قصر الحمراء بإسبانيا وإيوان كسري بفارس وطوب قابي سراي بإسطنبول كان يبلغ ارتفاع القصر ما يقارب 22 مترا وكان يضم العديد من التحف المعمارية الفنية في ذلك العصر، بالإضافة إلي احتوائه علي ثاني أكبر »مشرفية» في العالم وهي مأخوذة من كلمة »شرفة» اي ما يشبه البلكونة في العهد الحديث. يقع قصر »المسافر خانة» علي بعد خطوات قليلة من حي الجمالية حيث تقودك له حارة متعرجة لتجد نفسك امام اكبر مقلب قمامة بالمنطقة بعد ان كان اكبر مكان لاستقبال زوار مصر ، المشهد من امام القصر يوحي بكل معاني الحسرة ، فلا معالم لوجود قصر من الأساس ، لا ترصد عيناك سوي خراب لا ينتهي حيث تروي ام محمود عجوز في الستينيات » هذا القصر كان من اجمل ما رأت عيني ومنذ ان تعرض للحريق الذي نعلم جميعنا انه كان محاولة لإخفاء سرقة القصر ولم يتم ترميمه حتي الآن ، مضيفة ان القصر ليلا يضم البلطجية وقطاع الطرق. اختفت معالمه والمعروف عن قصر السكاكيني انه عاني من عمليات نهب وسرقة وإهمال علي مدار ما يزيد علي 65 عاماً منذ تأميمه حيث آلت تبعيته لوزارة الآثار منذ اكثر من 20 عاما ، وبالرغم من اننا لم نستطع اختراق ابواب هذا القصر المغلق ، إلا ان جميع مظاهر الإهمال بدت واضحة من حديقته الخارجية وابوابه الحديدية التي تحيط بالحديقة ، فقد طمست معالم القصر بعد ان سرقت اغلب آثاره ومقتنياته علي مدار تاريخه ، واهمل ما تبقي منها وتحول القصر إلي وكر للأشباح بعد ان أصبح مهجوراً لا تستفيد منه الدولة في شيء ، وضاعت نقوشه الجميلة وتماثيله الأثرية التي كانت تحيط به من كل جانب تحت الأتربة المتكدسة عليه . مقلب قمامة انتقالا لقصر »يشبك بن مهدي» المعروف بقصر »طوسون» والذي يقع علي بعد امتار قليلة من ميدان صلاح الدين او في شارع سوق السلاح تحديدا اشهر شوارع السيدة عائشة ، عرف قصر قوصون بأنه واحد من اجمل التحف الأثرية في مصر ، شيده صهر الأمير سيف الدين قوصون ، أحد أمراء السلطان الناصر محمد بن قلاوون وذلك في عام 1238 ، فالبرغم من ان هذا القصر مازال محتفظا ببعض جدرانه إلا انه لا يمكن وصفه سوي بأنه احد خرابات مصر التي تجذب المدمنين واصحاب الكيف والأعمال المشينة ، فقد تحول هذا الكنز الأثري إلي مرتع للبلطجية ومقالب القمامة والحيوانات الضالة ، فبعد ان تتخطي محيط القصر المليء بكل ما سبق وصفه ، تجد بابا متهالكا بدا عليه بقايا الحضارة ، ولافتة صغيرة علي احد الجدران المجاورة للباب كتب عليها »اسم القصر وتاريخ إنشائه» وليتها توقفت عند هذا الحد. امتار قليلة من قصر قوصون في شارع سوق السلاح وتجد قصر »منجك السلحدار» تلك البوابة القابعة عند بدايته وهي من أروع الآثار التي يرجع تاريخها إلي العصر المملوكي، وأنشأها الأمير »سيف الدين منجك السلحدار» عام 1347، ولم يختلف الحال كثيرا عما تم وصفه من قبل فالسمة المميزة هي الإهمال والخراب باختلاف الأماكن واصحابها.