لسنوات طويلة ظل »الزير» احد المعالم الاساسية في البيوت والشوارع المصرية فقد كان بديلا لاجهزة »الكولدير» التي تروي عطش المارة في الطريق وسبق الثلاجة في المنازل.. لكن التطور احاله إلي التقاعد ليصبح ظهوره نادرا ومقصوراً علي حالات معدودة واذا كان »الزير» قد اكتسب اهمية خاصة لعقود طويلة فانه في سيناء كان اكثر حضورا لانه كان يواجه قسوة طبيعتها الصحراوية بتكوينه الفخاري الذي يساعد في تبريد المياه ويؤكد قدري الكاشف خبير التنمية المستدامة ان »الزير» كان احد المكونات الاساسية في البيت كل منزل عرايشي واستمر دوره حتي مع بداية إمداد المنازل بالماء من البلدية، ولأن ساعات الضخ كانت محدودة، وكان يعيش في البيت العرايشي القديم عدد كبير من الأفراد (الأسرة المممتدة: الجد والجدة والأبناء والأحفاد) وبالتالي كانت احتياجاتهم للماء كثيرة وكانوا يجلبونه من الآبار البعيدة.. ويضيف: الزير بشكله وطريقة تكوينه يندرج ضمن مفردات التراث السيناوي حيث كان ذكري جميلة.. لم يكن الزير الاداة الوحيدة المرتبطة بالمياه حيث يشير الكاشف إلي الحاووز الذي كان يستخدم لجمع المياه بهدف ري الاشجار وهو يؤدي مهمة »الجابية» لتجميع المياه.. والفرق ان الحاووز يتم بناؤه فوق سطح الارض اما الجابية فتكون تحت سطح الارض وكانت معظم بيوت العريش القديمة الحاووز والزير لتوفير مياه الري للاشجار التي كانت تزرع داخل البيت العرايشي كالزيتون والليمون واحواض الخضرة وغيرها.. وكان يتم جلب المياه الخاصة بالحاووز والزير من بائعي المياه الذين يحملونها علي ظهور الدواب او اكتافهم. ومع ادخال خطوط المياه إلي المنازل وتطور تقنيات تخزين المياه واضمحلال العائلة الممتدة والبيت العرايشي ذاته واجه الزير والحاووز تحديا كبيرا فاختفي كل منهما من البيوت وانتقل الحاووز والجابية إلي المزارع واختفي معهما الابريق والقلة وتدهورت صناعة الفخار في وادي العريش والتي كانت قائمة علي استخدام طمي وادي العريش. وقد ادي الحاووز دورا مهما في المقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي حيث يروي اهالي سيناء قصة اول مجموعة مقاومة بعد الاحتلال وكان بطلها المناضل الوطني اسماعيل خطابي من ابناء سيناء واحد ضباط الاشارة حيث حفرت المجموعة خندقا اسفل حاووز بفناء بيت خطابي ووضعوا فيه جهاز لاسلكي ليتواصلوا مع زملائهم وينسقوا عمليات مواجهة العدو الاسرائيلي.