رسالة الفدائية «صابحة» ناقلة خرائط تمركزات العدو على صدر طفلها الرضيع قبل وفاتها بأيام: ربنا يقويك يا ريس ويحفظ جيش مصر    إزالة بعض خيام الطرق الصوفية بطنطا بسبب شكوى المواطنين من الإزعاج    جامعة الأقصر تحصل على المركز الأول في التميز العلمي بمهرجان الأنشطة الطلابية    اعرف الآن".. التوقيت الصيفي وعدد ساعات اليوم    استقرار أسعار الدولار اليوم الجمعة 26 أبريل 2024    ارتفاع أسعار الطماطم والبطاطس اليوم الجمعة في كفر الشيخ    أسعار الذهب ترتفع وسط بيانات أمريكية ضعيفة لكنها تستعد لخسائر أسبوعية حادة    أستاذ تخطيط: إنشاء 18 تجمعا سكنيا في سيناء لتلبية احتياجات المواطنين    رئيس هيئة قناة السويس يبحث مع وزير التجارة الكوري الجنوبي سبل جذب الاستثمارات    ادخال 21 شاحنة مساعدات إلى قطاع غزة عبر بوابة معبر رفح البري    في اليوم ال203.. الاحتلال الإسرائيلي يواصل أعمال الوحشية ضد سكان غزة    بالتردد| القنوات المفتوحة الناقلة لمباراة الأهلي ومازيمبي بدوري أبطال إفريقيا    موقف مصطفى محمد.. تشكيل نانت المتوقع في مباراة مونبيلييه بالدوري الفرنسي    الأرصاد تكشف مناطق سقوط الأمطار وتحذر من شدتها في الجنوب    رسالة من كريم فهمي ل هشام ماجد في عيد ميلاده    توقعات الأبراج اليوم الجمعة 26 أبريل 2024.. «الحوت» يحصل علي مكافأة وأخبار جيدة ل«الجدي»    فلسطيني يشتكي من الطقس الحار: الخيام تمتص أشعة الشمس وتشوي من يجلس بداخلها    مواعيد مباريات اليوم الجمعة 26- 4- 2024 والقنوات الناقلة    طيران الاحتلال يشن غارات على حزب الله في كفرشوبا    حكاية الإنتربول مع القضية 1820.. مأساة طفل شبرا وجريمة سرقة الأعضاء بتخطيط من مراهق    عبور أول سفينة شحن بعد انهيار جسر بالتيمور في الولايات المتحدة (فيديو وصور)    إشادة برلمانية وحزبية بكلمة السيسي في ذكرى تحرير سيناء.. حددت ثوابت مصر تجاه القضية الفلسطينية.. ويؤكدون : رفض مخطط التهجير ..والقوات المسلحة جاهزة لحماية الأمن القومى    أدعية السفر: مفتاح الراحة والسلامة في رحلتك    فضل أدعية الرزق: رحلة الاعتماد على الله وتحقيق السعادة المادية والروحية    التوقيت الصيفي في مصر.. اعرف مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 26 - 4 - 2024    صحة القليوبية تنظم قافلة طبية بقرية الجبل الأصفر بالخانكة    أبناء أشرف عبدالغفور الثلاثة يوجهون رسالة لوالدهم في تكريمه    مؤشرات الأسهم الأمريكية تغلق على تراجع    أمريكا تعد حزمة مساعدات عسكرية جديدة بمليارات الدولارات إلى كييف    "تايمز أوف إسرائيل": تل أبيب مستعدة لتغيير مطلبها للإفراج عن 40 رهينة    أول تعليق من رمضان صبحي بعد أزمة المنشطات    قوات الاحتلال تعتقل شقيقين فلسطينيين بعد اقتحام منزلهما في المنطقة الجنوبية بالخليل    أبرزهم رانيا يوسف وحمزة العيلي وياسمينا العبد.. نجوم الفن في حفل افتتاح مهرجان الإسكندرية للفيلم القصير (صور)    الأسعار كلها ارتفعت إلا المخدرات.. أستاذ سموم يحذر من مخدر الأيس: يدمر 10 أسر    أعضاء من مجلس الشيوخ صوتوا لحظر «تيك توك» ولديهم حسابات عليه    بعد سد النهضة.. أستاذ موارد مائية يكشف حجم الأمطار المتدفقة على منابع النيل    وزير الخارجية الصيني يلتقي بلينكن في العاصمة بكين    «الإفتاء» تعلن موعد صلاة الفجر بعد تغيير التوقيت الصيفي    أذكار وأدعية ليلة الجمعة.. اللهم اجعل القرآن ربيع قلوبنا    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الجمعة 26 أبريل 2024    «جريمة عابرة للحدود».. نص تحقيقات النيابة مع المتهم بقتل طفل شبرا الخيمة    مع بداية التوقيت الصيفي.. الصحة توجه منشور توعوي للمواطنين    جدعنة أهالي «المنيا» تنقذ «محمود» من خسارة شقى عمره: 8 سنين تعب    خالد جلال يكشف تشكيل الأهلي المثالي أمام مازيمبي    إعلان نتيجة مسابقة المعلمة القدوة بمنطقة الإسكندرية الأزهرية    هيئة الغذاء والدواء بالمملكة: إلزام منتجات سعودية بهذا الاسم    سيد معوض يكشف عن مفاجأة في تشكيل الأهلي أمام مازيمبي    سلمى أبوضيف: «أعلى نسبة مشاهدة» نقطة تحول بالنسبة لي (فيديو)    تشرفت بالمشاركة .. كريم فهمي يروج لفيلم السرب    سيد معوض يكشف عن رؤيته لمباراة الأهلي ومازيمبي الكونغولي.. ويتوقع تشكيلة كولر    أحمد كشك: اشتغلت 12 سنة في المسرح قبل شهرتي دراميا    عاجل - تطورات جديدة في بلاغ اتهام بيكا وشاكوش بالتحريض على الفسق والفجور (فيديو)    هل العمل في بيع مستحضرات التجميل والميك آب حرام؟.. الإفتاء تحسم الجدل    الأقصر.. ضبط عاطل هارب من تنفيذ 35 سنة سجنًا في 19 قضية تبديد    تامر حسني باحتفالية مجلس القبائل: شرف عظيم لي إحياء حفل عيد تحرير سيناء    الشروق تكشف قائمة الأهلي لمواجهة مازيمبي    مسجل خطر يطلق النار على 4 أشخاص في جلسة صلح على قطعة أرض ب أسيوط    حظك اليوم.. توقعات برج الميزان 26 ابريل 2024    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريتشارد فلاناجان‮ ‬يتحدث عن ‮» ‬الطريق الضيق نحو الشمال العميق‮ « :‬
البحث عن دوافع الشيطان

ولد الروائي الأسترالي‮ »‬‬ريتشارد ميللر فلأناجان‮» ‬في‮ «تيسمانيا‮»‬ ‬عام‮ ‬1961،‮ ‬وهو واحد من أبرز كتاب أستراليا‮. ‬درس الأدب في جامعة تيسمانيا،‮ ‬وحصل في العام التالي علي منحة لدراسة التاريخ في جامعة أوكسفورد‮. ‬أصدر أربعة كتب ذات طابع تاريخي قبل أن‮ ‬يتحول إلي الكتابة الأدبية عام‮ ‬1994‮ ‬بروايته الأولي‮ «موت مُرشد نهري»‬؛ التي اعتبرها كثيرون أفضل رواية أولي في الأدب الأسترالي‮. ‬كتب سبع روايات حتي الآن،‮ ‬ونالت كل رواياته شهرة كبيرة وتقديرًا نقديًا،‮ ‬وجوائز مرموقة،‮ ‬وتحولت بعض رواياته إلي أفلأم سينمائية،‮ ‬كما حصل علي أربعة عشر جائزة أدبية؛ منها جائزة الكومنولث البريطاني عام‮ ‬2002،‮ ‬وجائزة‮ «مان بوكر‮»‬ ‬عام‮ ‬2014‮ ‬عن روايته الأخيرة‮ «الطريق الضيق نحو الشمال العميق»‬؛ التي أصبحت علأمة بارزة من علأمات الأدب الأسترالي‮. ‬تدور أحداث الرواية في أحد معسكرات الأسري في تايلأند أثناء الحرب العالمية الثانية،‮ ‬وترصد معاناة الأسري الأستراليين في إنشاء خط سكة حديدية في إحدي الغابات‮. ‬وهذا جزء من حوار مع‮ «فلأناجان‮»‬ ‬حول تلك الرواية‮.‬
في البداية أود معرفة معني اسم الرواية‮.‬
‮«ريق الضيق نحو الشمال العميق‮»‬ ‬هو اسم قصيدة للشاعر الياباني الكبير‮ «باشو‮»‬‬،‮ ‬وهي أشهر قصائد الشعر الياباني،‮ ‬وبالطبع الطريق الضيق يشير في الرواية إلي خط السكة الحديد الذي أجبر اليابانيون الأسري الاستراليين علي إنشائه في تايلاند أثناء الحرب العالمية الثانية‮. ‬وقع أبي في الأسر أيامها،‮ ‬واشترك في إنشاء هذا الخط‮.‬
تتناول روايتك الكثير من القضايا مثل الحرب والتضحية،‮ ‬ولكن من هو شاغلك الرئيسي في الرواية؟
حسنًا،‮ ‬لقد دفعني إلي كتابة هذه الرواية قصة حقيقية حكاها لي أبي عن رجل من‮ «ليتوانيا‮»‬ ‬عاد ذات يوم إلي قريته بعد انتهاء الحرب العالمية،‮ ‬فوجد قريته دُمرت بالكامل،‮ ‬ولم يجد أثرًا لزوجته‮. ‬بحث عنها لمدة عامين في مُعسكرات اللاجئين والمُهجرين دون جدوي‮. ‬هاجر الرجل إلي استراليا،‮ ‬وجاء ليعيش في بلدتنا في‮ «تسمانيا‮»‬‬،‮ ‬وتزوج وأنجب أطفالًا‮. ‬وبعد عدة سنوات،‮ ‬كان في زيارة إلي مدينة‮ «سيدني‮»‬ ‬فرأي زوجته تسير في الشارع وفي يدها طفل‮. ‬كان عليه أن يتخذ قرارًا فوريًا بتجاهلها والاستمرار في حياته الجديدة،‮ ‬أو التوجه إليها‮. ‬عليه أن يوازن الأمر ويتخذ قرارًا فوريًا‮. ‬أظن أن هذه أجمل قصة سمعتها لأنها تتحدث عن الحُب من جوانب عدة،‮ ‬لذلك أصبح هذا المشهد محوريًا في روايتي،‮ ‬رغم أنها عن الحرب وتجربة الأسر بالأساس‮.‬
ما هو دافعك للكتابة،‮ ‬وكيف بدأت الرواية؟‮ ‬
لقد فكرت طويلاً‮ ‬في كتابة رواية عن الأسري الاستراليين في الحرب العالمية الثانية،‮ ‬فقد كان أبي بينهم‮. ‬ذهبتُ‮ ‬إلي سيدني،‮ ‬وقضيت عدة أيام مع‮ «تيم يورن‮»‬ ‬الذي كان أسيرًا في نفس المُعسكر مع أبي‮. ‬تبلورت الرواية في ذهني في تلك الفترة،‮ ‬ولكن دون تفاصيل‮. ‬استغرقت عملية البحث وجمع التفاصيل وتصنيفها أكثر من عشر سنوات،‮ ‬حتي أصبح لدي مخطوطات لخمس روايات مختلفة،‮ ‬كتبت كل واحدة منها علي حدة،‮ ‬ثم بدأت في كتابة الرواية‮.‬
لقد نشأت مع أب كان أسير حرب،‮ ‬وبالطبع حكي لك الكثير من القصص عن تلك الفترة،‮ ‬ما هي طبيعة تلك القصص؟
لقد عرفت منذ طفولتي أنه كان أسيرًا‮. ‬لم يحاول فرض هذا الأمر علينا،‮ ‬ولم يكن يُكثر من الحكي عن تلك الفترة،‮ ‬ولم يتجاهل الأمر كذلك‮. ‬كانت قصصه طريفة وعجيبة،‮ ‬بها الكثير من التفاصيل عن الحب والمواقف الإنسانية‮. ‬كان أغلبها‮ ‬يتسم بالطرافة،‮ ‬رغم كونها مؤثرة للغاية‮. ‬لم يكن يقف كثيرًا عند لحظات المُعاناة؛ فقد كان يكرهها‮. ‬وبعد أن ينتهي من سرد القصة،‮ ‬يصمت ويفكر فيها‮. ‬أتذكر ذات مرة قوله إنه يعتبر نفسه محظوظًا،‮ ‬وأن أجمل أحداث حياته وقعت في تلك الفترة‮. ‬كان يشعر أن الرجل حين يُصبح جنديًا في الحرب،‮ ‬فإن عليه مواجهة الألم والمعاناة،‮ ‬وإن نجا من هذه التجربة،‮ ‬فسوف يعيش وبداخله شعور أنه كان يعمل لدي الشيطان‮. ‬لقد مر بمواقف عصيبة،‮ ‬ولكنها جعلته يكتشف أفضل ما فيه‮. ‬لقد كان أسيرًا في مُعسكرات عمل قسري،‮ ‬يعملون فيها عرايا أو شبه عرايا،‮ ‬بأدوات بدائية،‮ ‬من أجل بناء خط سكة حديدية في إحدي الغابات‮. ‬
أخبرنا عن زيارتك إلي بعض اليابانيين الذي عملوا في هذا المُعسكر،‮ ‬كجزء من بحثك تمهيدًا لكتابة الرواية‮.‬
أعتقد أن أصعب ما شهده الأسري الأستراليون في تلك المُعسكرات هو العنف والقمع والتعسف الشديد دون مُبرر‮. ‬لم يكن هناك نمط يمكن توقعه أو سبب لممارسة العنف ضدهم‮. ‬لم يكن العنف نتيجة خطأ بعينه،‮ ‬بل كان عشوائيًا،‮ ‬ويطال الجميع‮. ‬أعتقد أن هذا أمرًا مُدمرًا للإنسان بدنيًا ونفسيًا‮. ‬ولكني لا زلت أعتقد أن اليابانيين لم يقصدوا هذا‮. ‬حاولت النظر إلي ما حدث من وجهة نظر اليابانيين لكي أستوعب سبب تصرفهم بكل هذا القدر من العنف‮. ‬قبل الانتهاء من الرواية،‮ ‬سافرت إلي اليابان لمقابلة بعض من كانوا يعملون حراسًا في المعسكرات‮. ‬لقد قامت سيدة يابانية بزيارة منزلنا كي تعتذر لأبي عن فترة الأسر؛ كانت عضوًا في حملة يابانية من أجل تعديل المناهج الدراسية حتي تعكس حقيقة المعارك العسكرية اليابانية‮. ‬تمكنتُ‮ ‬بمساعدة هذه السيدة من العثور علي بعض حراس المُعسكرات،‮ ‬ورتبت لي مقابلات معهم‮. ‬قابلت أحد من كانوا مصدرًا للهلع في معسكر أبي،‮ ‬وكان الاستراليون يسمونه‮ «السحلية‮»‬. ‬لم أعرف أنه نفس الشخص إلا بعد أن وصلت إلي طوكيو،‮ ‬وأنا أستقل تاكسي في الطريق إلي منزله‮. ‬يجب أن أعترف أن هذا أزعجني لأن جميع الأسري كانوا يكرهونه‮. ‬لقد صدر عليه حكم بالإعدام بعد الحرب جراء جرائمه،‮ ‬وتم تخفيف الحكم إلي المؤبد بعد ذلك،‮ ‬ثم أطلق سراحه في عفو عام‮ ‬1956.‬‮ ‬كان الرجل الذي رأيته عجوزًا ولطيفًا وكريمًا‮. ‬تحدثت معه عن طفولته،‮ ‬وعن طريقة تجنيده وهو في الخامسة عشرة من عمره،‮ ‬وكيف كان يكره التدريبات العنيفة،‮ ‬ويرغب في الفرار‮. ‬بالطبع كان يعلم أنهم سيعاقبون والده إن هو فر‮. ‬اعترف لي كذلك أنه كان يشعر بالغيظ حين يري الاستراليين حين يقومون بالغناء وتبدو عليهم السعادة‮.‬
لأنه كان تعيسًا؟
لم يقل هذا صراحة‮. ‬ولكنه يعتقد أن قدره كان قاسيًا،‮ ‬وأنه لن يحصل علي‮ ‬غفران عن ما قام به من أفعال‮. ‬أخبرني أنه من كوريا،‮ ‬ولكنه لا يشعر أنه كوري،‮ ‬ولا يشعر أنه ياباني‮. ‬إنه وأمثاله يُحتقرون في كوريا باعتبارهم خونة،‮ ‬ويُحتقرون في اليابان لأنهم كوريون‮. ‬هذا الرجل وأمثاله كان لهم شقيقات انتهي بهن المطاف للعمل في خدمة اليابانيين جنسيًا‮. ‬لقد زرعوا في بيئة من العُنف،‮ ‬وكان من المنطقي أن يخرج‮ ‬غضبهم أثناء تعاملهم مع الأسري؛ خاصة وأنهم تعلموا أن الأسري أقل منهم مرتبة،‮ ‬وأنهم يجب أن يتعذبوا‮.‬
وكيف كان يعامل والدك ورفاقه؟
لقد كان وحشًا،‮ ‬ولكنني لم أذهب إليه لأتهمه أو أحاكمه،‮ ‬بل لأسمع قصته،‮ ‬وأحول استيعاب شعور من حُكم عليه بالإعدام،‮ ‬وأحاول معرفة طبيعة علاقته بوالديه‮. ‬أعتقد أن العقيدة الانتحارية سيطرت علي عقول اليابانيين في النصف الأول من القرن العشرين‮. ‬إن أمر قائد جنوده بتكوين خط دفاعي،‮ ‬وفشلوا في ذلك،‮ ‬فإنهم يقدمون علي الانتحار بسبب الإحساس بالعار‮. ‬لقد كان انحرافًا عن القيم البشرية،‮ ‬وفخًا وقع فيه الشعب الياباني،‮ ‬لأنهم شعروا أن الحياة البشرية بلا قيمة؛ وبالتالي حياة الأسري بلا قيمة‮. ‬لقد كان عدد من ماتوا أثناء إنشاء خط السكة الحديد أكثر من عدد كلمات روايتي،‮ ‬وأكثر من ضحايا قنبلة هوريشيما‮.‬
قمت بزيارة خط السكة الحديد في تايلاند،‮ ‬فيم كنت تفكر حينها،‮ ‬وماذا وجدت هناك؟
اختلف المشهد هناك عن الماضي كثيرًا‮. ‬لقد كانت‮ ‬غابة كثيفة من أشجار‮ «الصاج‮»‬ ‬ونائية ومعزولة،‮ ‬وكان عدد سكان تايلاند قليلًا في ذلك الوقت،‮ ‬أما الآن فقد تضاعف عدد السكان وأصبحت المنطقة مأهولة‮. ‬ومع ذلك،‮ ‬لا تزال الغابة قائمة،‮ ‬لكن النباتات أخفت معالم خط السكة الحديدية،‮ ‬عدا بعض المناطق التي تم تنظيفها من أجل السياح‮. ‬تمكنت من العثور علي مُعسكر أبي،‮ ‬ومكان عزل المُصابين بالكوليرا،‮ ‬والسير علي القضبان الحديدية‮. ‬كنت أمتص المشاهد وأختزنها في رأسي بمجرد أن أراها‮. ‬كان سبب ذهابي إلي هناك للشعور بالرطوبة،‮ ‬وإدراك معني العمل في هذا الجو الرطب بين أشواك البامبو والسير في الوحل حافي القدمين،‮ ‬وكيف تمكن الرجال من القيام بكل هذا العمل بأيديهم أو بأدوات بدائية‮. ‬حملت الصخور حتي أشعر بمدي صعوبة العمل في هذا المناخ الحار شديد الرطوبة‮. ‬اعتقدت أنني كلما تعرضت لتجارب حسية واقعية،‮ ‬فسوف أتمكن من الكتابة عنها بدقة‮. ‬كانت هذه وسيلة هامة للغاية لأنني أكتب عن أحداث حقيقية عن بشر حقيقيين،‮ ‬لذلك يجب أن أقوم بجمع أكبر التفاصيل الواقعية والحسية عن تلك التجربة‮.‬
أدركتُ‮ ‬غزارة التفاصيل وتكرار بعض الكلمات دون أن أشعر بالملل،‮ ‬كأنني أقرأ قصيدة‮. ‬لماذا تلجأ إلي التكرار كثيرًا في هذه الرواية؟
حسنًا،‮ ‬أحرص علي جعل الأشياء قابلة للقراءة رغم أن التكرار يُعتبر عيبًا من وجهة نظر الأدب الحديث،‮ ‬واعتاد المُحررون علي حذف أي تكرار،‮ ‬وهناك برامج في ملفات الكتابة تساعد في كشف التكرار‮. ‬ورغم هذا،‮ ‬التكرار موجود في الأعمال الأدبية العظيمة،‮ ‬يتم استخدامه من أجل خلق إيقاع موسيقي،‮ ‬وتمنح العمل ميزة أخري بخلاف الحبكة والشخصيات،‮ ‬ويمنح عالم الرواية المزيد من الاتساع‮. ‬يمكن استخدام صفة واحدة ثلاث مرات في مقطع واحد بطريقة فنية لا تُشعر القارئ بالملل،‮ ‬بل تعطيه إحساسًا قويًا بالمعني‮. ‬هناك مقاطع تتحول فيها كلمتي‮ «موت‮»‬‬،‮ ‬و»ميت‮ »‬ ‬إلي ما يشبه قرعًا علي الطبول‮.‬
ماذا تعني لك تجربة الكتابة عن مُعاناة والدك في الأسر؟
من الصعب وصف إحساسي‮. ‬لقد كنت أكتب الرواية أثناء احتضار أبي،‮ ‬وانتهيت من المسودة الأولي لها يوم وفاته بالضبط‮. ‬سألني في آخر حوار بيننا عنها،‮ ‬فأخبرته أنني انتهيت من كتابتها بالفعل‮. ‬بالطبع عملت علي تنقيحها ومراجعتها بعد ذلك،‮ ‬لكنها كانت قد انتهت بالفعل يوم وفاته‮. ‬من الغريب أن تنتهي الرواية وتنتهي حياة أبي في نفس اليوم‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.