وزير التعليم يتفقد انتظام العملية التعليمية بمدارس أسيوط    افتتاح مدرسة الشوحط الثانوية ببئر العبد    «العمل»: التفتيش على 1730 منشأة بالمحافظات خلال 19 يومًا    الاثنين 20 أكتوبر 2025.. نشرة أسعار الخضروات والفاكهة بسوق العبور للجملة    وزيرة التخطيط: جائزة التميز الصحي مبادرة هامة لدعم النمو وخدمة المواطن    السيسي يتلقى اتصالا من رئيس كوريا لبحث تعزيز التعاون الثنائي وتقدير للدور المصري في تحقيق السلام الإقليمي    تراجع سعر طن الحديد وارتفاع الأسمنت.. أسعار مواد البناء الاثنين 20 أكتوبر 2025    وزير الخارجية: نقدر جهود الدكتور مجدي يعقوب في تسخير العلم والخبرة لخدمة الفئات الأكثر احتياجا داخل مصر وخارجها    المرشد الإيراني يرد على تصريح ترامب بشأن تدمير نووي طهران.. ماذا قال؟    وزيرا خارجية فرنسا والدنمارك: مواصلة التنسيق مع مصر في ملفات التعافي المبكر وإعادة الإعمار بغزة    الاتحاد المصري يهنئ المغرب بلقب كأس العالم للشباب    مدرب بيراميدز: لا نعلم كيف سيتم التنسيق بين كأس العرب ومبارياتنا في كأس إنتركونتيننتال    كاراجر: صلاح لم يعد لاعبًا لا غنى عنه في ليفربول    ضبط 4 سيدات يستقطبن الرجال لممارسة الأعمال المنافية للآداب بالإسكندرية    ضبط عصابة النصب على راغبي شراء التماثيل الأثرية والعملات الأجنبية بالجيزة    إصابة 6 أشخاص إثر انقلاب ميكروباص في مدينة 6 أكتوبر    تأييد عقوبة السجن المشدد ل11 متهما في قضايا متنوعة بالمنيا    «تعدى عليه زميله».. إصابة طالب جامعي بآلة حادة داخل سكن طلبة في أسيوط    اغلاق مزلقان التوفيقية في سمالوط بالمنيا لمدة يومين للصيانة    عبدالحميد المسلماني يحصل على درجة الماجستير من أكاديمية ناصر عن دور الإعلام العربي في معالجة أحداث غزة    60 محققا فرنسيا يتابعون ملف سرقة متحف اللوفر.. والشرطة تواصل البحث عن اللصوص    بعد غد.. علي الحجار يحيي حفلًا غنائيًا على مسرح النافورة بالأوبرا    يسرا: قلت ل وحيد حامد هعمل «الإرهاب والكباب» لو هاخد 10 جنيه    احمي نفسك بهذه الخطوات.. لماذا يقع برج السرطان ضحية للتلاعب؟    «كفر الشيخ والعريش» تتألقان في ليالي مهرجان «تعامد الشمس» بأسوان    وزير الصحة يطلق جائزة مصر للتميز الحكومي للقطاع الصحي    وزير الصحة يترأس الاجتماع الدوري للجنة التنسيقية لمنظومة التأمين الصحي الشامل    لعظام أقوى.. تعرف على أهم الأطعمة والمشروبات التي تقيك من هشاشة العظام    باكستان: الهدف الأساسى من اتفاق وقف إطلاق النار مع أفغانستان القضاء على الإرهاب    ضبط ثلاثة أشخاص بالمنيا بتهمة النصب على المواطنين وانتحال صفة خدمة عملاء أحد البنوك    تشغيل 6 أتوبيسات جديدة بخط الكيلو 21 بالإسكندرية.. توجيه المحافظ للنقل العام لتيسير حركة المرور أوقات الذروة    «نقابة العاملين»: المجلس القومي للأجور مطالب بمراجعة الحد الأدنى كل 6 أشهر    رئيس الوزراء يتابع الموقف التنفيذي لمراكز البيانات الحكومية    الرئيس السيسى يستعرض آليات تعظيم الاستفادة من أصول الأوقاف والفرص الاستثمارية    في بيان رسمي .. اتحاد الكرة ينفي شائعات تعيينات المنتخبات ومكافآت التأهل لكأس العالم    وزير التعليم العالي يعلن صدور قرارات جمهورية بتعيين قيادات جامعية جديدة .. اعرف التفاصيل    أسعار الكتاكيت والبط اليوم الإثنين في بورصة الدواجن    مواقف محرجة على السجادة الحمراء.. حين تتحول الأناقة إلى لحظة لا تُنسى    محافظ الجيزة يفتتح مركز خوفو للمؤتمرات بميدان الرماية أمام المتحف المصري الكبير    وكالة "وفا": مقتل 47 فلسطينيًّا بنيران الجيش الاسرائيلي في مناطق متفرقة من قطاع غزة خلال ال24 ساعة الماضية    وزير الخارجية يبحث مع نظيره الصومالي تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين (صور)    فوزي لقجع يهدي لقب مونديال الشباب للملك محمد السادس    حرس الحدود يقبل استقالة عبد الحميد بسيوني.. وزهران مديرًا فنيًا    موعد مباراة الأهلي والاتحاد في الدوري.. والقنوات الناقلة    «التنظيم والإدارة» يُعلن عن مسابقة لشغل عدد 330 وظيفة مهندس بوزارة الري    بعد الكشف عن استهداف ترامب.. كم مرة تعرض الرئيس الأمريكى لتهديد الاغتيال؟    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاثنين 20-10-2025 في محافظة الأقصر    ليه الهيئة قالت لأ؟ التفاصيل الكاملة لرفض عرض «ساجاس» على «السويدي إليكتريك»    روح الفريق بين الانهيار والانتصار    تقارير: اتحاد جدة ينهي تجديد عقد نجم الفريق    دار الإفتاء توضح حكم تصفح الهاتف أثناء خطبة الجمعة    مجدي يعقوب: مصر بقيادة الرئيس السيسي تظهر للعالم معنى السلام    في زيارة مفاجئة.. وكيل صحة شمال سيناء يتفقد مستشفى الشيخ زويد    نحافة مقلقة أم رشاقة زائدة؟.. الجدل يشتعل حول إطلالات هدى المفتي وتارا عماد في مهرجان الجونة    صححوا مفاهيم أبنائكم عن أن حب الوطن فرض    د. أمل قنديل تكتب: السلوكيات والوعي الثقافي    سهام فودة تكتب: اللعب بالنار    مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 20 أكتوبر 2025 في القاهرة والمحافظات    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ريتشارد فلاناجان‮ ‬يتحدث عن ‮» ‬الطريق الضيق نحو الشمال العميق‮ « :‬
البحث عن دوافع الشيطان

ولد الروائي الأسترالي‮ »‬‬ريتشارد ميللر فلأناجان‮» ‬في‮ «تيسمانيا‮»‬ ‬عام‮ ‬1961،‮ ‬وهو واحد من أبرز كتاب أستراليا‮. ‬درس الأدب في جامعة تيسمانيا،‮ ‬وحصل في العام التالي علي منحة لدراسة التاريخ في جامعة أوكسفورد‮. ‬أصدر أربعة كتب ذات طابع تاريخي قبل أن‮ ‬يتحول إلي الكتابة الأدبية عام‮ ‬1994‮ ‬بروايته الأولي‮ «موت مُرشد نهري»‬؛ التي اعتبرها كثيرون أفضل رواية أولي في الأدب الأسترالي‮. ‬كتب سبع روايات حتي الآن،‮ ‬ونالت كل رواياته شهرة كبيرة وتقديرًا نقديًا،‮ ‬وجوائز مرموقة،‮ ‬وتحولت بعض رواياته إلي أفلأم سينمائية،‮ ‬كما حصل علي أربعة عشر جائزة أدبية؛ منها جائزة الكومنولث البريطاني عام‮ ‬2002،‮ ‬وجائزة‮ «مان بوكر‮»‬ ‬عام‮ ‬2014‮ ‬عن روايته الأخيرة‮ «الطريق الضيق نحو الشمال العميق»‬؛ التي أصبحت علأمة بارزة من علأمات الأدب الأسترالي‮. ‬تدور أحداث الرواية في أحد معسكرات الأسري في تايلأند أثناء الحرب العالمية الثانية،‮ ‬وترصد معاناة الأسري الأستراليين في إنشاء خط سكة حديدية في إحدي الغابات‮. ‬وهذا جزء من حوار مع‮ «فلأناجان‮»‬ ‬حول تلك الرواية‮.‬
في البداية أود معرفة معني اسم الرواية‮.‬
‮«ريق الضيق نحو الشمال العميق‮»‬ ‬هو اسم قصيدة للشاعر الياباني الكبير‮ «باشو‮»‬‬،‮ ‬وهي أشهر قصائد الشعر الياباني،‮ ‬وبالطبع الطريق الضيق يشير في الرواية إلي خط السكة الحديد الذي أجبر اليابانيون الأسري الاستراليين علي إنشائه في تايلاند أثناء الحرب العالمية الثانية‮. ‬وقع أبي في الأسر أيامها،‮ ‬واشترك في إنشاء هذا الخط‮.‬
تتناول روايتك الكثير من القضايا مثل الحرب والتضحية،‮ ‬ولكن من هو شاغلك الرئيسي في الرواية؟
حسنًا،‮ ‬لقد دفعني إلي كتابة هذه الرواية قصة حقيقية حكاها لي أبي عن رجل من‮ «ليتوانيا‮»‬ ‬عاد ذات يوم إلي قريته بعد انتهاء الحرب العالمية،‮ ‬فوجد قريته دُمرت بالكامل،‮ ‬ولم يجد أثرًا لزوجته‮. ‬بحث عنها لمدة عامين في مُعسكرات اللاجئين والمُهجرين دون جدوي‮. ‬هاجر الرجل إلي استراليا،‮ ‬وجاء ليعيش في بلدتنا في‮ «تسمانيا‮»‬‬،‮ ‬وتزوج وأنجب أطفالًا‮. ‬وبعد عدة سنوات،‮ ‬كان في زيارة إلي مدينة‮ «سيدني‮»‬ ‬فرأي زوجته تسير في الشارع وفي يدها طفل‮. ‬كان عليه أن يتخذ قرارًا فوريًا بتجاهلها والاستمرار في حياته الجديدة،‮ ‬أو التوجه إليها‮. ‬عليه أن يوازن الأمر ويتخذ قرارًا فوريًا‮. ‬أظن أن هذه أجمل قصة سمعتها لأنها تتحدث عن الحُب من جوانب عدة،‮ ‬لذلك أصبح هذا المشهد محوريًا في روايتي،‮ ‬رغم أنها عن الحرب وتجربة الأسر بالأساس‮.‬
ما هو دافعك للكتابة،‮ ‬وكيف بدأت الرواية؟‮ ‬
لقد فكرت طويلاً‮ ‬في كتابة رواية عن الأسري الاستراليين في الحرب العالمية الثانية،‮ ‬فقد كان أبي بينهم‮. ‬ذهبتُ‮ ‬إلي سيدني،‮ ‬وقضيت عدة أيام مع‮ «تيم يورن‮»‬ ‬الذي كان أسيرًا في نفس المُعسكر مع أبي‮. ‬تبلورت الرواية في ذهني في تلك الفترة،‮ ‬ولكن دون تفاصيل‮. ‬استغرقت عملية البحث وجمع التفاصيل وتصنيفها أكثر من عشر سنوات،‮ ‬حتي أصبح لدي مخطوطات لخمس روايات مختلفة،‮ ‬كتبت كل واحدة منها علي حدة،‮ ‬ثم بدأت في كتابة الرواية‮.‬
لقد نشأت مع أب كان أسير حرب،‮ ‬وبالطبع حكي لك الكثير من القصص عن تلك الفترة،‮ ‬ما هي طبيعة تلك القصص؟
لقد عرفت منذ طفولتي أنه كان أسيرًا‮. ‬لم يحاول فرض هذا الأمر علينا،‮ ‬ولم يكن يُكثر من الحكي عن تلك الفترة،‮ ‬ولم يتجاهل الأمر كذلك‮. ‬كانت قصصه طريفة وعجيبة،‮ ‬بها الكثير من التفاصيل عن الحب والمواقف الإنسانية‮. ‬كان أغلبها‮ ‬يتسم بالطرافة،‮ ‬رغم كونها مؤثرة للغاية‮. ‬لم يكن يقف كثيرًا عند لحظات المُعاناة؛ فقد كان يكرهها‮. ‬وبعد أن ينتهي من سرد القصة،‮ ‬يصمت ويفكر فيها‮. ‬أتذكر ذات مرة قوله إنه يعتبر نفسه محظوظًا،‮ ‬وأن أجمل أحداث حياته وقعت في تلك الفترة‮. ‬كان يشعر أن الرجل حين يُصبح جنديًا في الحرب،‮ ‬فإن عليه مواجهة الألم والمعاناة،‮ ‬وإن نجا من هذه التجربة،‮ ‬فسوف يعيش وبداخله شعور أنه كان يعمل لدي الشيطان‮. ‬لقد مر بمواقف عصيبة،‮ ‬ولكنها جعلته يكتشف أفضل ما فيه‮. ‬لقد كان أسيرًا في مُعسكرات عمل قسري،‮ ‬يعملون فيها عرايا أو شبه عرايا،‮ ‬بأدوات بدائية،‮ ‬من أجل بناء خط سكة حديدية في إحدي الغابات‮. ‬
أخبرنا عن زيارتك إلي بعض اليابانيين الذي عملوا في هذا المُعسكر،‮ ‬كجزء من بحثك تمهيدًا لكتابة الرواية‮.‬
أعتقد أن أصعب ما شهده الأسري الأستراليون في تلك المُعسكرات هو العنف والقمع والتعسف الشديد دون مُبرر‮. ‬لم يكن هناك نمط يمكن توقعه أو سبب لممارسة العنف ضدهم‮. ‬لم يكن العنف نتيجة خطأ بعينه،‮ ‬بل كان عشوائيًا،‮ ‬ويطال الجميع‮. ‬أعتقد أن هذا أمرًا مُدمرًا للإنسان بدنيًا ونفسيًا‮. ‬ولكني لا زلت أعتقد أن اليابانيين لم يقصدوا هذا‮. ‬حاولت النظر إلي ما حدث من وجهة نظر اليابانيين لكي أستوعب سبب تصرفهم بكل هذا القدر من العنف‮. ‬قبل الانتهاء من الرواية،‮ ‬سافرت إلي اليابان لمقابلة بعض من كانوا يعملون حراسًا في المعسكرات‮. ‬لقد قامت سيدة يابانية بزيارة منزلنا كي تعتذر لأبي عن فترة الأسر؛ كانت عضوًا في حملة يابانية من أجل تعديل المناهج الدراسية حتي تعكس حقيقة المعارك العسكرية اليابانية‮. ‬تمكنتُ‮ ‬بمساعدة هذه السيدة من العثور علي بعض حراس المُعسكرات،‮ ‬ورتبت لي مقابلات معهم‮. ‬قابلت أحد من كانوا مصدرًا للهلع في معسكر أبي،‮ ‬وكان الاستراليون يسمونه‮ «السحلية‮»‬. ‬لم أعرف أنه نفس الشخص إلا بعد أن وصلت إلي طوكيو،‮ ‬وأنا أستقل تاكسي في الطريق إلي منزله‮. ‬يجب أن أعترف أن هذا أزعجني لأن جميع الأسري كانوا يكرهونه‮. ‬لقد صدر عليه حكم بالإعدام بعد الحرب جراء جرائمه،‮ ‬وتم تخفيف الحكم إلي المؤبد بعد ذلك،‮ ‬ثم أطلق سراحه في عفو عام‮ ‬1956.‬‮ ‬كان الرجل الذي رأيته عجوزًا ولطيفًا وكريمًا‮. ‬تحدثت معه عن طفولته،‮ ‬وعن طريقة تجنيده وهو في الخامسة عشرة من عمره،‮ ‬وكيف كان يكره التدريبات العنيفة،‮ ‬ويرغب في الفرار‮. ‬بالطبع كان يعلم أنهم سيعاقبون والده إن هو فر‮. ‬اعترف لي كذلك أنه كان يشعر بالغيظ حين يري الاستراليين حين يقومون بالغناء وتبدو عليهم السعادة‮.‬
لأنه كان تعيسًا؟
لم يقل هذا صراحة‮. ‬ولكنه يعتقد أن قدره كان قاسيًا،‮ ‬وأنه لن يحصل علي‮ ‬غفران عن ما قام به من أفعال‮. ‬أخبرني أنه من كوريا،‮ ‬ولكنه لا يشعر أنه كوري،‮ ‬ولا يشعر أنه ياباني‮. ‬إنه وأمثاله يُحتقرون في كوريا باعتبارهم خونة،‮ ‬ويُحتقرون في اليابان لأنهم كوريون‮. ‬هذا الرجل وأمثاله كان لهم شقيقات انتهي بهن المطاف للعمل في خدمة اليابانيين جنسيًا‮. ‬لقد زرعوا في بيئة من العُنف،‮ ‬وكان من المنطقي أن يخرج‮ ‬غضبهم أثناء تعاملهم مع الأسري؛ خاصة وأنهم تعلموا أن الأسري أقل منهم مرتبة،‮ ‬وأنهم يجب أن يتعذبوا‮.‬
وكيف كان يعامل والدك ورفاقه؟
لقد كان وحشًا،‮ ‬ولكنني لم أذهب إليه لأتهمه أو أحاكمه،‮ ‬بل لأسمع قصته،‮ ‬وأحول استيعاب شعور من حُكم عليه بالإعدام،‮ ‬وأحاول معرفة طبيعة علاقته بوالديه‮. ‬أعتقد أن العقيدة الانتحارية سيطرت علي عقول اليابانيين في النصف الأول من القرن العشرين‮. ‬إن أمر قائد جنوده بتكوين خط دفاعي،‮ ‬وفشلوا في ذلك،‮ ‬فإنهم يقدمون علي الانتحار بسبب الإحساس بالعار‮. ‬لقد كان انحرافًا عن القيم البشرية،‮ ‬وفخًا وقع فيه الشعب الياباني،‮ ‬لأنهم شعروا أن الحياة البشرية بلا قيمة؛ وبالتالي حياة الأسري بلا قيمة‮. ‬لقد كان عدد من ماتوا أثناء إنشاء خط السكة الحديد أكثر من عدد كلمات روايتي،‮ ‬وأكثر من ضحايا قنبلة هوريشيما‮.‬
قمت بزيارة خط السكة الحديد في تايلاند،‮ ‬فيم كنت تفكر حينها،‮ ‬وماذا وجدت هناك؟
اختلف المشهد هناك عن الماضي كثيرًا‮. ‬لقد كانت‮ ‬غابة كثيفة من أشجار‮ «الصاج‮»‬ ‬ونائية ومعزولة،‮ ‬وكان عدد سكان تايلاند قليلًا في ذلك الوقت،‮ ‬أما الآن فقد تضاعف عدد السكان وأصبحت المنطقة مأهولة‮. ‬ومع ذلك،‮ ‬لا تزال الغابة قائمة،‮ ‬لكن النباتات أخفت معالم خط السكة الحديدية،‮ ‬عدا بعض المناطق التي تم تنظيفها من أجل السياح‮. ‬تمكنت من العثور علي مُعسكر أبي،‮ ‬ومكان عزل المُصابين بالكوليرا،‮ ‬والسير علي القضبان الحديدية‮. ‬كنت أمتص المشاهد وأختزنها في رأسي بمجرد أن أراها‮. ‬كان سبب ذهابي إلي هناك للشعور بالرطوبة،‮ ‬وإدراك معني العمل في هذا الجو الرطب بين أشواك البامبو والسير في الوحل حافي القدمين،‮ ‬وكيف تمكن الرجال من القيام بكل هذا العمل بأيديهم أو بأدوات بدائية‮. ‬حملت الصخور حتي أشعر بمدي صعوبة العمل في هذا المناخ الحار شديد الرطوبة‮. ‬اعتقدت أنني كلما تعرضت لتجارب حسية واقعية،‮ ‬فسوف أتمكن من الكتابة عنها بدقة‮. ‬كانت هذه وسيلة هامة للغاية لأنني أكتب عن أحداث حقيقية عن بشر حقيقيين،‮ ‬لذلك يجب أن أقوم بجمع أكبر التفاصيل الواقعية والحسية عن تلك التجربة‮.‬
أدركتُ‮ ‬غزارة التفاصيل وتكرار بعض الكلمات دون أن أشعر بالملل،‮ ‬كأنني أقرأ قصيدة‮. ‬لماذا تلجأ إلي التكرار كثيرًا في هذه الرواية؟
حسنًا،‮ ‬أحرص علي جعل الأشياء قابلة للقراءة رغم أن التكرار يُعتبر عيبًا من وجهة نظر الأدب الحديث،‮ ‬واعتاد المُحررون علي حذف أي تكرار،‮ ‬وهناك برامج في ملفات الكتابة تساعد في كشف التكرار‮. ‬ورغم هذا،‮ ‬التكرار موجود في الأعمال الأدبية العظيمة،‮ ‬يتم استخدامه من أجل خلق إيقاع موسيقي،‮ ‬وتمنح العمل ميزة أخري بخلاف الحبكة والشخصيات،‮ ‬ويمنح عالم الرواية المزيد من الاتساع‮. ‬يمكن استخدام صفة واحدة ثلاث مرات في مقطع واحد بطريقة فنية لا تُشعر القارئ بالملل،‮ ‬بل تعطيه إحساسًا قويًا بالمعني‮. ‬هناك مقاطع تتحول فيها كلمتي‮ «موت‮»‬‬،‮ ‬و»ميت‮ »‬ ‬إلي ما يشبه قرعًا علي الطبول‮.‬
ماذا تعني لك تجربة الكتابة عن مُعاناة والدك في الأسر؟
من الصعب وصف إحساسي‮. ‬لقد كنت أكتب الرواية أثناء احتضار أبي،‮ ‬وانتهيت من المسودة الأولي لها يوم وفاته بالضبط‮. ‬سألني في آخر حوار بيننا عنها،‮ ‬فأخبرته أنني انتهيت من كتابتها بالفعل‮. ‬بالطبع عملت علي تنقيحها ومراجعتها بعد ذلك،‮ ‬لكنها كانت قد انتهت بالفعل يوم وفاته‮. ‬من الغريب أن تنتهي الرواية وتنتهي حياة أبي في نفس اليوم‮.‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.