من الطبيعي أن تجد تقصيرا في أي مصلحة حكومية.. ومن الطبيعي أيضا أن تجد إهمالا في بعض المصالح الخدمية.. لكنك إذا أردت أن تري البؤس، والأوجاع، واللامبالاة، والموت البطيء فتوقف قليلا أمام أي مستشفي حكومي - أي مستشفي- إذهب لإنهاء أي أوراق بوزارة الصحة.. ستري جميع مراحل الموت أمام عينيك.. رقابة غائبة.. أطباء بلا ضمير.. عشوائية في التعامل.. زحام وكأنك في محطة رمسيس.. علاقات وإعلام صفر.. فبعض المستشفيات الداخل مفقود والخارج مولود. ولا تتعجب من ذلك إذا كان المسئولون يفضلون الجلوس كثيرا في المكاتب المكيفة نظرا لحرارة الشمس الحارقة في المستشفيات حتي الدكتور خالد مجاهد وهو المفترض المتحدث الرسمي لكنه لا يتحدث إلا للقنوات الفضائية إن تحدث أساساً. يا سادة : صحة المواطن قضية أمن قومي.. لكننا أهملناها حتي أصبحت فريسة للهواة والعشوائية.. بعض الأطباء الآن لا يدخلون المستشفيات أو المراكز الحكومية إلا دقائق معدودة في الأسبوع.. فقط ستجدهم في العيادات الخاصة حيث التسعيرة التي تقصم ظهر المريض.. والعلاج الذي يحرمه من أكل اللحمة لمدة شهر. الوضع الصحي في بلدنا يحتاج إلي إعادة هيكلة جذرية، يحتاج إلي إعادة تقييم. إلي وزير ينزل إلي المستشفيات ليري الحالات القاسية والأوجاع المزمنة. وزير ومتحدث رسمي يتعاملان بعيدا عن الروتين القاتل.. يعرفان أن الطب رسالة منحها الله لهم ليكونوا ملائكته في الأرض.. وليست »جزارة» لينهشوا جسد المريض.. والأمثلة بالآلاف.