البحث عن مكان في غرف الرعاية المركزة المكتظة بالمرضي في المستشفي الحكومي الكبير جدا يحتاج إلي محاولات مستميتة للعثور علي طبيب مهم قد يمكنه تدبير مكان خلف هذا الباب المغلق ينقذ حياة مريض قبل فوات الأوان ! وأمام هذا الباب المغلق تقف عشرات اللوائح والتعليمات والتصرفات التي تحتاج إلي إصلاحها لتحترم أهمية الوقت في إنقاذ حياه إنسان ، وأهمية اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب وبالاهتمام المناسب ، وتتعلق بهذا الباب نفوس حائرة أو يائسة أو غاضبة أو قلقه علي أحباء لا تدري مصيرهم وهي تتسول كلمة تهدئ الخواطر أو تريح القلوب ، وخلف هذا الباب أيضا عمل مضن ومرهق ومستمر لأطباء وهيئة تمريض يتعاملون مع الموت كل لحظه ويفقدون - أحيانا - حس التعامل مع الحياة! أحيانا تجد لهم العذر في رد الفعل البطيء والوجه الجامد تماما ، وأحيانا أخري تجد عذرا لأهالي المرضي ممن يثورون ويغضبون ويخرجون عن شعورهم بكل صور العنف الممكنة! ومهما كانت المعاناة والآلام التي يعيشها كل من يخطو بقدميه إلي داخل هذا المستشفي الضخم الذي يضاهي أعرق المستشفيات الفرنسية - من الخارج فقط - يبقي الروتين والبيروقراطية البغيضة هما الأهم، وتتراجع مسائل هامه مثل النظافة - التي تتم بصوره ظاهريه تماما - ومثل توفير احتياجات المرضي ، فالمهم دائما هو "تستيف الأوراق" وإبعاد أي مسئوليه عن أي أحد يمكن أن يحاسب عليها عند وقوع خطأ ما وهو كثيرا مايحدث! ويبدو واضحا أن الإطار العام الذي يحكم واحدة من أكبر وأحدث المستشفيات الحكومية في مصر هو اللامبالاة ونقص التدريب ونقص الرقابة ونقص التجهيزات ونقص التمويل أيضا ! هذه التجربة الصعبة التي لم تنتهي بعد، لم تخلو من ايجابية أيضا ، فقد وصلت سيارة الإسعاف لنقل أمي لمستشفي بعد 23 دقيقة تماما من طلبها ، وظل المسعف بجوارنا ونحن نتنقل من أشعه إلي أخري وخلال بحثنا عن سرير بالرعاية، ورغم إلحاحي عليه بالانصراف قال " هذا واجبنا فقد تضطرون لنقل المريضة مره أخري إلي مستشفي آخر"، كما ظل الطبيبان محمد عبدالعظيم وأحمد محروس بالرعاية المركزة يتابعان ويهتمان ويتحملان سيل الأسئلة القلقة والمتكررة بمنتهي التفهم والإنسانية، لذلك كان شكر هؤلاء واجبا ، ولكن تبقي هناك أسئلة كثيرة حول عدم كفاية غرف الرعاية المركزة في المستشفيات الكبري، وعدم وجود نظام يواجه احتياجات المرضي خلال الأعياد والأجازات الرسمية وكلها تحتاج إلي إجابات ، وإلي اراده لأجراء هذا الإصلاح والي قدره علي تحقيق هذه الأراده.