أردت التبرع لأبي بإحدي كليتي، فأقسم علَّي زوجي بأنه سيطلقني إذا فعلت ذلك فما الحكم؟ المولي عز وجل كرم الإنسان وعمل علي حفظ حياته وسلامتها ولعل من أهم مقاصد الشريعة مقصد حفظ النفس، ولكن السؤال المطروح يثير مجموعة من التساؤلات، الأول هو مدي مشروعية التبرع بأعضاء الجسد من الناحية القانونية، الأمر الثاني هو قوة العاطفة والبر بالأب والسعي لانقاذ حياته، والثالث العلاقة بين المتبرعة وبين زوجها والذي يترتب علي مسألة التبرع هدم أسرتها في مقابل انقاذ حياة والدها فالتساؤل الأول من الناحية النظرية هناك جانب كبير من الفقهاء ذهب إلي عدم جواز التصرف في أعضاء الإنسان لا بالبيع ولا بالتبرع لان جسد الإنسان مملوك لله ولا يجوز للإنسان ان يتصرف فيما لا يملك والخوف من إحداث ضرر بالإنسان، ومن أنصار هذا الاتجاه من المعاصرين الشيخ الشعراوي رحمه الله كما ختموا أسبابهم بروايتهم أن النبي »صلي الله عليه وسلم» قال تداووا ولا تداووا بمحرم. أي ان الإنسان يطرق جميع الأسباب الواقعية للعلاج فإذا ما استنفد كل الوسائل يطلب الشفاء من الله تعالي، خاصة ان التطور العلمي يأتي بمستحدثات يمكن ان نستغني بها عن نقل الأعضاء كما ظهر أخيرا من استخدام الخلايا الجذعية لتحل محل الأعضاء الفاشلة في جسد الإنسان، وكما رأينا مؤخرا ظهور علاج حاسم لمرض كان ميئوسا من الشفاء منه التهاب الكبد الفيروسي. وهناك فريق آخر ذهب إلي القول بأنه لا مانع من التصرف في أعضاء الإنسان ولكن تبرعا وليس بمقابل، وان يكون ذلك لاقرب درجات القربة من الإنسان وهؤلاء كثير من المعاصرين من العلماء ومنهم دار الافتاء ومجامع الأزهر الشريف، وجاء القانون الأخير الخاص بالتصرف في الأعضاء بالأخذ بالرأي الثاني بالضوابط التي وضعها القانون علي النحو السابق، كما ان هذه السائلة في موقف عصيب وهو انها تجد اباها يتعرض لخطر الموت وهي قادرة علي مساعدته علي الشفاء وتقف عاجزة بسبب تهديد زوجها. وعليه فان علي هذه المرأة ان تلجأ إلي الكبار من أهلها لمحاولة اقناع زوجها انه لو كان في نفس موقفها كيف كان سيتصرف وهل كانت زوجته ستمنعه ان يتبرع لابيه أو أمه، ولذا نقول للمرأة إذا كنت ترجحين كفة الأب فعليك القيام بالتبرع الا إذا كان هناك من يستطيع التبرع له لانقاذ حياته وحتي تحافظي علي أسرتك. هبة وليس ميراثا أعمل ممرضا وأعطاني مريض 500 جنيه لشراء علاج له وقال لي إن مت فخذهم، ومات فهل أردهم إلي الورثة كجزء من الميراث؟ هذا التصرف نوع من الهبة التي تصرف فيها الإنسان حال حياته أو نوع من الوصية، صحيح ان الحوار دار بين الطرفين فقط دون وجود شهود أو ما يشبه ذلك، فأمر هذا السائل موكول إلي ربه في صدق ما يقول، وعليه فإن هذا المبلغ يصير ملكا خالصا له ولا يعد ميراثا لأن صاحب المال تصرف فيه حال حياته.