1⁄4 يسأل باسم عبدالعال من القاهرة: تقوم إحدي كليات الطب بإنشاء قسم جديد لعلاج المسنين وتعليم الأطباء والممرضات أصول طب المسنين وتحتاج الكلية إلي تبرعات القادرين المالية والعينية لإنشاء هذا القسم ويسأل هل يمكن أن يتبرع لهذا القسم من مال الزكاة بمعني هل يعتبر هذا المشروع من مصارف الزكاة الشرعية؟ 1⁄41⁄4 أجاب الشيخ عبداللطيف حمزة مفتي الجمهورية السابق: إن لأحكام الشرعية الإسلامية مقاصد ضرورية كانت هي الغاية من ريعاتها وقد أطلق عليها الضرورات الخمس هي: حفظ الدين. حفظ النفس. حفظ العقل. وحفظ النسل. وحفظ المال ومن أوضح الأدلة علي الأمر بحفظ النفس قوله تعالي: "ولا تلقوا بأيديكم إلي التهلكة". وقوله سبحانه "ولا تقتلوا أنفسكم" وجاء في السنة الشريفة الدعوة الواضحة الصريحة إلي التداوي فقد روي أن أعرابياً قال: يا رسول الله ألا نتداوي؟ قال: نعم فإن الله لم ينزل داء إلا أنزل له شفاء علمه من علمه وجهله من جهله وفي لفظ قال الأعرابي يا رسول الله ألا نتداوي؟ قال: نعم. عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء أو دواء إلا داء واحداً قالوا يا رسول الله وما هو؟ قال: الهرم رواه ابن ماجة وأبو داود والترمذي وورد أيضا عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: "المؤمن القوي خير وأحب إلي الله من المؤمن الضعيف وفي كل خير" وقوة المؤمن في عقيدته وفي بدنه وفي كل شيء يحتاج إلي العزم والعزيمة والمجالدة. من هذه النصوص نري أن الإسلام قد حث الناس علي المحافظة علي أنفسهم صحيحة قوية قادرة علي أداء واجبات الدين والدنيا وإذا كان التداوي من المرض مطلوباً ليشفي المريض ويصير عضواً نافعاً في مجتمعه الإسلامي وإذا كانت الأمراض قد انتشرت واستشرت تقوص بناء الإنسان بعد أن تسري في دمائه وأوصاله وإذا كان العلم الذي علمه الله للإنسان قد وقف محارباً لهذه الأمراض والأوبئة في صورة معاهد ومستشفيات متخصصة وإذا كان الكثيرون من الناس قد يعجزون عن مواجهة نفقات العلاج إذا كان كل ذلك وجب علي المجتمع أن يتساند ويتكافل كما هو غرض الإسلام وكما تدعو إليه غريزة حب البقاء والتكافل والتعاون بين الناس في درء المفاسد والأمراض يدعو إليه حديث رسول الله صلي الله عليه وسلم: "مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم كمثل الجسد إذا اشتكي عضو منه تداعي سائره بالحمي والسهر". وإذا كانت الزكاة قد فرضها الله في أموال الأغنياء لتعود علي الفقراء فإنه لم يترك أمر صرفها وتوزيعها دون تحديد وإنما بينها في قوله تعالي: "إنما الصدقات للفقراء والمساكي والعاملين عليها والمؤلفة قلوبهم وفي الرقاب والغارمين وفي سبيل الله ن وابن السبيل فريضة من الله والله عليم حكيم" فهنا نجد ان أول الأصناف المستحقين للزكاة بترتيب الله سبحانه الفقراء وإن تناقش الفقهاء في تحديد معني الفقر كما تنوعت آراؤهم في حد العطاء لكنا سنأخذ الفقير والمسكين بمعني صاحب الحاجة التي لابد منها ولا يستطيع الحصول عليها. ومن ثم ينبغي أن يكون من الحاجات تيسير سبل العلاج إذا مرض الفقير أو المسكين هو أو أحد ممن تلزمه نفقته. ولا يترك للمرض يفترسه ويقضي عليه لأن في تركه علي هذا الحال وإلي هذا المآل فتلاً للنفس وإلقاء باليد إلي التهلكة وذلك محرم طبعاً وشرعاً بالنصوص الشريفة وإذا أمعنا النظر في باقي مصارف الزكاة نجد منها "وفي سبيل الله" وقد تحدث الفقهاء والمفسرون في بيان هذا الصنف واختلفت أقوالهم في مداه. والذي نستخلصه ونميل للأخذ به ان سبيل الله ينصرف والله أعلم إلي المصالح العامة التي عليها. وبها قوام أمر الدين والدولة والتي لا ملك فيها لأحد وإنما ينتفع بها خلق الله فهي ملك لله سبحانه ومن ثم يدخل في نطاقها بناء المستشفيات الصحية التي يلجأ إليها المرضي والإنفاق عليها وإمدادها بالجيد من الأدوية والأدوات التي تحتاجها. وإذا كان ذلك وكان من أهداف إنشاء هذا القسم المسئول عنه علاج الفقراء والمساكين الذين تعجز مواردهم عن تحمل نفقات العلاج المتخصص ولم يوجد قسم آخر يقوم بعلاج المسنين ويسعهم ولم توجد ميزانية خاصة من الدولة لاقامة مثل هذه الأقسام أصبح إنشاء هذا القسم ومستلزماته من المصالح العامة التي تدخل في وجوه الخير والتي ليست موجهة لفرد بذاته وإنما لعمل عام بالإضافة إلي توافر صفة الفقر أو المسكنة فيمن ينتفعون بالعلاج فيه بالمجان في الأعم الأغلب. لما كان ذلك فإنه يجوز للمسلمين الذين وجب في أموالهم حق للسائل والمحروم ان يدفعوا جزءاً من زكاة هذه الأموال للمعاونة في اقامة هذا القسم للعلاج ومكافحة الأمراض والإرشاد إلي طرق الوقاية منها. وهذا متي كانت غايته دفع شرور الأمراض عن المسلمين ولا سيما الفقراء والمساكين منهم.