محافظ المنوفية يقدم التهنئة لمدير أمن المنوفية الجديد.. صور    أوقاف شمال سيناء تشارك في ندوة توعوية بعنوان: "معًا بالوعي نحميها"    ميناء دمياط يعلن وصول سفينة القمح الكندية الضخمة    بتخفيضات 30%.. محافظ كفر الشيخ يتفقد سوق «اليوم الواحد» بمطوبس    محافظ المنيا: تخصيص أراضٍ لإنشاء 20 مدرسة جديدة بمختلف المراكز    «مدبولي» يلتقي رئيس شركة «شل العالمية لأنشطة الغاز المتكاملة» (تفاصيل)    إنفوجراف| كلمة الرئيس السيسي حول الأوضاع في غزة    في إطار التحالف الوطني للعمل الأهلي.. «مصر الخير» تستعد لإطلاق قافلة مساعدات غذائية وطبية إلى غزة    إسرائيل هيوم: تقديرات إسرائيلية بأن احتلال غزة بات قريبا    «القاهرة الإخبارية»: غزة تحت نيران القصف.. والمجاعة تحصد أرواح الأطفال    لا مزيد من المجانية| ترامب يفرض على أوروبا معادلة «الحماية مقابل الدفع»    لافروف: سنواصل تنفيذ العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا وسنمنع انضمام كييف للحلف    ماستانتونو يستعد للانضمام لمران ريال مدريد    مران خفيف للاعبي المصري غير المشاركين أمام الترجي.. وتأهيل واستشفاء للمجموعة الأساسية    تراوري ينضم لمعسكر الإسماعيلي اليوم في برج العرب    بعد ضم فيليكس.. لاعب جديد من تشيلسي على أعتاب النصر السعودي    نائب رئيس اتحاد الجوجيتسو ورئيس لجنة الMMA يشهدان بطولة العالم للفنون القتالية المختلطة بالإمارات    زد يعلن انتقال محمد إسماعيل للزمالك    تحرير 119 ألف مخالفة مرورية وإيجابية عينة المخدرات ل 266 سائقًا    اندلاع حريق فى أحد المطاعم بمنطقة المنتزه شرق الإسكندرية    بالأسماء والمجموع.. أوائل الثانوية العامة علمي رياضة في جنوب سيناء    مصرع شخص صدمته سيارة تقودها طفلة وشقيقتها بإمبابة    بعد وفاة مدير أمن الوادي الجديد قبل تسلمه عمله.. نقل جثمان شرطي توفي متأثرا بالإصابة في الحادث    بيروت توّدع زياد الرحباني.. فيروز أمام الوداع الأخير لابنها | فيديو وصور    رئيس حزب الاتحاد: كلمة الرئيس السيسى أكدت أن مصر لم ولن تتأخر عن دعم فلسطين    الأعلى للإعلام: حفظ شكوى نقابة المهن الموسيقية ضد طارق الشناوي وخالد أبو بكر ومفيدة شيحة وسهير جودة    هدى المفتي تكشف: شائعة «البخت» أزعجتني نفسيًا.. ولم أتلقَ عرض زواج حتى الآن    وحدة السكتة الدماغية بمجمع الإسماعيلية الطبي تحصل على اعتماد «WSO»    ضعف المياه بشرق وغرب بسوهاج غدا لأعمال الاحلال والتجديد بالمحطة السطحية    فريق جراحة الأورام بالسنبلاوين ينجح فى استئصال كيس ضخم من حوض مريضة    السيسي: قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الإيام العادية    مهرجان الإسكندرية السينمائي يكرم فردوس عبد الحميد بدورته ال 41    التنظيم والإدارة يتيح الاستعلام عن نتيجة تظلمات مسابقة ألف إمام وخطيب    لمواجهة الكثافة الطلابية.. فصل تعليمي مبتكر لرياض الأطفال بالمنوفية (صور)    حملات الدائري الإقليمي تضبط 18 سائقا متعاطيا للمخدرات و1000 مخالفة مرورية    ينطلق غدا.. تفاصيل الملتقى 22 لشباب المحافظات الحدودية ضمن مشروع "أهل مصر"    وزير الأوقاف: وثِّقوا علاقتكم بأهل الصدق فى المعاملة مع الله    الفنان محمد رياض يودع السودانيين فى محطة مصر قبل عودتهم للسودان    ديمقراطية العصابة..انتخابات مجلس شيوخ السيسي المقاعد موزعة قبل التصويت وأحزاب المعارضة تشارك فى التمثيلية    وزير الصحة: مصر الأولى عالميا في الحصول على التصنيف الذهبي بالقضاء على فيروس سي    كريم رمزي: فيريرا استقر على هذا الثلاثي في تشكيل الزمالك بالموسم الجديد    الشرطة التايلاندية: 4 قتلى في إطلاق نار عشوائي بالعاصمة بانكوك    فرقة الآلات الشعبية وكورال السويس يتألقان في رابع أيام "صيف السويس"    إسرائيل تقرر تجميد خطة "المدينة الإنسانية" في رفح    السّم في العسل.. أمين الفتوى يحذر من "تطبيقات المواعدة" ولو بهدف الحصول على زواج    حكم استمرار الورثة في دفع ثمن شقة بالتقسيط بعد وفاة صاحبها.. المفتي يوضح    مدبولي يستعرض استجابات منظومة الشكاوى الحكومية لعدد من الحالات بقطاعات مختلفة    محافظ المنيا: إزالة 744 حالة تعدٍ على الأراضي الزراعية وأملاك الدولة    الزمالك يدرس التعاقد مع صفقة رومانية.. وعائق وحيد يمنع حسمها    «الصحة» تحذر من الإجهاد الحراري وضربات الشمس وتوجه نصائح وقائية    إطلاق حملة لتعقيم وتطعيم الكلاب الضالة بمدينة العاشر من رمضان (صور)    أمين الفتوى: الصلاة بالبنطلون أو "الفانلة الداخلية" صحيحة بشرط ستر العورة    متحدثة الهلال الأحمر الفلسطيني: 133 ضحية للمجاعة فى غزة بينهم 87 طفلًا    في مستهل زيارته لنيويورك.. وزير الخارجية يلتقي بالجالية المصرية    رئيس جامعة القاهرة يشهد تخريج الدفعة 97 من الطلاب الوافدين بكلية طب الأسنان    توفير السيولة وخلق كوادر شابة مفتاح نهوض شركات المقاولات التابعة للقابضة للتشييد    أحمد الرخ: تغييب العقل بالمخدرات والمسكرات جريمة شرعية ومفتاح لكل الشرور    «تغير المناخ» بالزراعة يزف بشرى سارة بشأن موعد انكسار القبة الحرارية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة ليست مجرد طريقة في الحديث‮ ‬تكشف ‮ ‬عن نظرتنا إلي العالم وطبيعتنا‮ ‬البشرية
ما نفقده في الترجمة

هل اللغات التي نتحدث بها تشكل طريقة تفكيرنا؟ هل تعبر عن الأفكار فقط،‮ ‬أم تقيم هياكل لغوية دون علمنا أو موافقتنا ‮ ‬مشكلة الأفكار ذاتها التي نرغب في التعبير عنها؟
فلنأخذ المثال التالي‮ ‬ هامبتي دامبتي جلس علي‮ ...‬‮ ‬حتي هذا المقطع الصغير المقفي‮ ‬يكشف كم تختلف اللغات من واحدة إلي أخري،‮ ‬في اللغة الإنجليزية نضطر لتحديد زمن الفعل،‮ ‬نقول في هذه الحالة جلس بدلا من ‮ ‬يجلس ‮ ‬في الاندونيسية لست مضطرا لتغيير الفعل حتي تحدد زمنه،‮ ‬في الحقيقة لا‮ ‬يمكنك فعل ذلك‮. ‬في الروسية‮ ‬يجب عليك أن تحدد الزمن،‮ ‬والجنس أيضا،‮ ‬ستغير الفعل إذا كانت مسز دامبتي قامت بالجلوس،‮ ‬وستقرر أيضا إذا ما كان الجلوس حدث وانتهي أم لا،‮ ‬وإذا كان بطلنا جلس علي الحائط معظم الوقت الذي‮ ‬يريده،‮ ‬سيكون شكل الفعل مختلفا عما إن لم‮ ‬يكن‮ ‬يقصد ذلك وسقط سقوطا مريعا‮.‬
أما في اللغة التركية فيجب عليك أن تتضمن في الفعل الطريقة التي حصلت بها علي المعلومة،‮ ‬إذا رأيت صديقك السمين علي الحائط بعينيك،‮ ‬ستستخدم شكلا معينا للفعل،‮ ‬ولكن إذا كنت ببساطة قرأت أو سمعت عن ذلك ستستخدم شكلا مختلفا‮.‬
وفي النهاية هل‮ ‬يحضر متحدثو التركية والروسية والاندونيسية والانجليزية،‮ ‬ويتفاهمون،‮ ‬ويتذكرون تجاربهم بشكل مختلف لأنهم‮ ‬يتحدثون لغة مختلفة؟
هذه الأسئلة تمس كل الخلافات الرئيسة في دراسة العقل،‮ ‬بانعكاساتها الهامة علي السياسات،‮ ‬القانون،‮ ‬الدين،‮ ‬علي الرغم من أن العمل التجريبي علي هذه التساؤلات ليس بكثير حتي وقت قريب‮.‬
والفكرة التي تقول إن اللغة تشكل الفكر اعتبرت لوقت طويل عصية علي الفحص وفي كثير من الأحيان جنونا وخطأ‮. ‬أما الآن أظهرت موجة من البحوث العلمية الجديدة أن اللغة لها تأثير عميق حول الكيفية التي نري بها العالم‮.‬
وتعود الفكرة القائلة بأن اللغات تشكل طريقة تفكيرنا إلي قرون ماضية،‮ ‬حيث أعلن شارلمان‮ »‬‬أن‮ ‬يكون لديك لغة ثانية‮ ‬يعني أنك تمتلك روحا ثانية‮» ‬ولكن هذه الفكرة لم ترق للعلماء عندما اكتسبت نظريات ناعوم تشومسكي في اللغة شعيية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي،‮ ‬اقترح تشومسكي أن هناك قواعد كونية لكل اللغات الإنسانية‮. ‬جوهريا تلك اللغات لا تختلف عن بعضها البعض كثيرا،‮ ‬ولأن اللغات لا تختلف عن بعضها،‮ ‬مرت النظرية،‮ ‬وبات التساؤل حول الاختلافات اللغوية التي تؤدي إلي اختلافات في التفكير بلا معني‮.‬
البحث عن مسلمات لغوية‮ ‬يثمر بيانات مهمة في اللغات،‮ ‬ولكن بعد مرور عقود من العمل لايوجد مقترح أساسي واحد خضع أمام التدقيق،‮ ‬عوضا عن ذلك كشفت اللغويات لغات العالم بشكل أعمق‮ ( ‬7‮ ‬آلاف أو نحو ذلك الرقم فقط جزء مما تم تحليله‮) ‬وبرزت خلافات لا تعد ولا تحصي‮ ‬تستعصي علي التنبؤ‮.‬
بالطبع لا‮ ‬يعني أن الناس تتحدث بشكل مختلف أنهم بالضرورة‮ ‬يفكرون بطريقة مختلفة،‮ ‬لم‮ ‬يبدأ فقط العلماء المطلعين في العشر سنوات الماضية في قياس كيف‮ ‬يتحدث الناس ولكن أيضا كيف‮ ‬يفكرون،‮ ‬وذلك بالتساؤل حول ما إذا ما كان فهمنا للمجالات الأساسية لخبرة مثل الزمان والمكان والسببية‮ ‬يمكن أن تشيده اللغة‮.‬
ولنضرب مثلا علي ذلك البورمبوراو وهو مجتمع السكان الأصليين في أستراليا،‮ ‬لا تستخدم اللغات الأصلية مصطلحات مثل‮ "‬يمين‮" ‬و‮ "‬يسار‮"‬،‮ ‬ولكن كل شيء‮ ‬يتحدثون عنه باتجاهات أساسية مطلقة‮ "‬شمال،‮ ‬جنوب،‮ ‬شرق،‮ ‬غرب‮" ‬وذلك‮ ‬يعني أنك تقول أشياء مثل‮ "‬هناك نملة في جنوب‮ ‬غرب الساق‮" ‬لتقول مرحبا في بورمبوراو،‮ ‬يسأل أحدهم‮: "‬أين تذهب؟‮" ‬قد تكون الإجابة الملائمة‮ "‬الطريق الطويل إلي جنوب وجنوب‮ ‬غرب ماذا عنك‮" ‬إن لم تكن تعرف أي الطريق،‮ ‬لا تستطيع أن تجيب علي كلمة مرحبا‮.‬
حوالي ثلث اللغات في العالم‮ "‬التي‮ ‬يُتحدث فيها في كل أنواع البيئات الطبيعية‮" ‬تعتمد علي الاتجاهات المطلقة للمكان،‮ ‬ونتيجة لهذا التدريب اللغوي المستمر،‮ ‬متحدثو هذه اللغات جيدين بشكل ملحوظ في البقاء في مكان معين والحفاظ علي الطريق الذي سلكوه،‮ ‬حتي في المناظر الطبيعية‮ ‬غير المألوفة‮. ‬ويعتبرهم العلماء‮ ‬يبحرون بطريقة تفوق القدرات الإنسانية،‮ ‬وهذا هو الفارق الكبير،‮ ‬طريقة في تصور المكان مختلفة جذريا،‮ ‬وهم مدربون لغويا‮.‬
الاختلافات حول كيف‮ ‬يفكر الناس بشأن الزمن لا‮ ‬ينتهي عند هذا الحد،‮ ‬الناس تعتمد علي المعرفة المكانية لبناء تمثلات أخري أكثر تعقيدا وتجريدا تشمل الزمان،‮ ‬الأرقام،‮ ‬النغمة الموسيقية،‮ ‬علاقات القرابة،‮ ‬الأخلاق،‮ ‬المشاعر،‮ ‬لذا في حالة‮ ‬ما إذا فكر بورمبوراوانيون بشكل مختلف عن المكان،‮ ‬هل سيفكرون أيضا بشكل مختلف حول أشياء أخري مثل الزمن؟
لنكتشف ذلك،‮ ‬رحلنا أنا وزميلتي أليس جابي إلي أستراليا وأعطينا بورمبوراوانيين مجموعة من الصور أظهرت تعاقبا زمنيا،‮ ‬مثل رجل في عمر مختلف،‮ ‬أو تمساح‮ ‬يكبر،‮ ‬أو موزة تؤكل،‮ ‬ومهمة كل واحد منهم هي ترتيب الصور علي الأرض لإظهار النظام الزمني الصحيح،‮ ‬اختبرنا كل شخص في جلستين منفصلتين،‮ ‬كل زمن نواجه اتجاهات أصلية مختلفة،‮ ‬وعندما سألنا حول هذا الأمر،‮ ‬المتحدثون الانجليز‮ ‬يرتبون الزمن من اليسار إلي اليمين،‮ ‬ومتحدثو العبرية من اليمين إلي اليسار‮ "‬لأن العبرانية مكتوبة من اليمين إلي اليسار‮"‬
ووجدنا أن البورمبوروانيين‮ ‬يرتبون الزمن من الشرق إلي الغرب،‮ ‬هكذا إذن،‮ ‬تم وضع ترتيب الصور الجنوب،‮ ‬والزمن من اليسار إلي اليمين،‮ ‬وعندما واجهنا الشمال كانت ترتيبها من اليمين إلي اليسار،‮ ‬وعندما واجهنا الشرق،‮ ‬باتجاه الجسد وهكذا‮. ‬بالطبع لم نقل لأي المشاركين عن الاتجاه الذي‮ ‬يتجهون إليه،‮ ‬البورمبوراوانيون لم‮ ‬يكونوا‮ ‬يعون ذلك تماما،‮ ‬ولكنهم أيضا بشكل تلقائي استخدموا التوجه المكاني لبناء تماثلاتهم حيال الزمن،‮ ‬وعدة طرق أخري لتنظيم الزمن موجودة في لغات عالمهم،‮ ‬في المندرية المستقبل‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون أسفل،‮ ‬والماضي في الأعلي،‮ ‬وفي آيمارا اللغة المتحدث بها في أمريكا الجنوبية المستقبل في الخلف والماضي في الأمام‮.‬
بالإضافة إلي الزمان والمكان تشكل اللغات أيضا طريقة فهمنا للسببية،‮ ‬الانجليزية علي سبيل المثال تصف الأحداث في مصطلحات وكيلة زتعبر عن الفاعلس تفعل الأشياء،‮ ‬متحدثو الانجليزية‮ ‬يميلون إلي أن‮ ‬يقولوا أشياء مثل‮ "‬جون كسر الإناء‮" ‬حتي ولو علي سبيل الصدفة،‮ ‬متحدثو الإسبانية أو اليابانية‮ ‬يجنحون أكثر للقول‮ "‬الإناء كسر نفسه‮". ‬تثبت هذه الاختلافات بين اللغات أن التعاقب‮ ‬يدل علي كيفية فهم المتحدثين للأحداث،‮ ‬بناء أفكار عن السببية والفاعل وكيل الحدث ،‮ ‬وما‮ ‬يتذكرونه كشهود عيان،‮ ‬ومقدار ما‮ ‬يحملون الآخرين من مسؤولية،‮ ‬ومعاقبتهم‮.‬
في دراسات أجرتها كيتلين فاوسي في جامعة ستانفورد،‮ ‬شاهد متحدثون بالانجليزية والاسبانية واليابانية فيديو لاثنين من الناس قاما بتفجير البالونات،‮ ‬وكسرا البيض،‮ ‬وسكبا المشروبات عن عمد أو‮ ‬غير عمد،‮ ‬بعدها كل شخص كانت له تجبربة ذاكرة مفاجئة لكل حدث هل تستطيع تذكر من فعل ذلك؟ اكتشفت وجود فارق صارخ عبر لغوي في ذاكرة شهود العيان،‮ ‬اليابانيون والاسبانيون لم‮ ‬يتذكروا وكلاء الأحداث العرضية ‮ ‬من قاموا بالفعل ‮. ‬أما إذا نظرنا إلي المتحدثين بالانجليزية،‮ ‬أذكرك أنهم تذكروا فاعلي الأحداث المتعمدة‮ "‬الذي تذكرهم لغاتهم‮" ‬بشكل جيد،‮ ‬ولكن بالنسبة إلي الأحداث العرضية،‮ ‬عندما لا‮ ‬يذكر الشخص بشكل اعتيادي الفاعل في الاسبانية أو اليابانية،‮ ‬فهم لا‮ ‬يرمزون أو‮ ‬يذكرون أصلا الفاعل‮.‬
في دارسة أخري شاهد المتحدثون بالانجليزية فيديو‮ "‬تجريد الخزانة‮" "‬تركيبة رائعة صكت ليقدمها جوستين تيمبرليك إلي اللغة الانجليزة‮"‬،‮ ‬مرفقة بواحدة من تقريرين مكتوبين،‮ ‬التقريران متطابقان ما عدا الجملة الأخيرة حيث استخدمت مرة عبارة الملابس ممزقة‮" ‬بينما تقول الجملة‮ ‬
الأخري‮ "‬الملابس تمزقت‮" ‬علي الرغم من أن الجميع شاهد الفيديو ذاته،‮ ‬وشاهدوا التمزق بأعينهم،‮ ‬ولكن اللغة مهمة‮. ‬ليس فقط من قرأوا‮ "‬الملابس ممزقة‮" ‬ألقوا باللائمة علي تيمبرليك أكثر،‮ ‬إنهم أيضا فرضوا عليه‮ ‬53٪‮ ‬غرامة‮.‬
ما وراء حدود المكان والزمان والسببية الأنماط في اللغة تظهر لتشكل عددا من مجالات الفكر‮. ‬المتحدثون بالروسية الذين‮ ‬يميزون بشكل‮ ‬يفوق‮ ‬غيرهم بين الأزرق الداكن والفاتح في لغتهم،‮ ‬هم الأفضل في القدرة علي التمييز البصري بين درجات الأزرق‮. ‬قبيلة الفيراهة في الأمازون بالبرازيل تتحاشي لغتهم عددا من الكلمات لصالح مصطلحات مثل قليل وعديد،‮ ‬ليست قادرة علي تتبع الكميات بشكل دقيق‮. ‬وشكسبير كما‮ ‬يبدو كان مخطئا حول الزهور،‮ ‬الزهور التي لديها العديد من الأسماء الأخري لا تشم كرائحة حلوة‮.‬
توفر أنماط اللغة نافذة علي أنظمة اللغة وأولوياتها،‮ ‬مثلا بناء الجملة الانجليزية‮ ‬يركز علي الفواعل،‮ ‬وفي نظام العدالة الجنائية الخاصة بنا العدالة تكون ناجزة عندما نعثر علي المتجاوز ومعاقبته أو بشكل متناغم مع العدالة‮ "‬بدلا من العثور علي الضحايا وتعويضهم بشكل ملائم،‮ ‬المقاربة البديلة للعدالة‮" ‬لذا هل اللغة تشكل القيم الثقافية،‮ ‬أم‮ ‬يذهب التأثير في اتجاه آخر،‮ ‬أم كلاهما؟‮.‬
اللغة هي إبداعات إنسانية بالطبع،‮ ‬أدوات اخترعناها وصقلناها لتناسب احتياجاتنا‮. ‬وببساطة إظهار المتحدثين بلغات مختلفة‮ ‬يفكرون بشكل مختلف لا‮ ‬يخبرنا ما إذا كانت اللغة تشكل الفكر أم العكس‮. ‬إننا نحتاج إلي دراسات تتلاعب بشكل مباشر مع اللغة وتنظر إلي تأثيرها علي الإدراك لندلل علي الدور السببي للغة‮.‬
إحدي التطورات الرئيسة في السنوات الاخيرة إظهار بدقة هذه العلاقة السببية،‮ ‬إنها أظهرت إذا‮ ‬غيرت طريقة حديث الناس فأنت تغير تفكيرهم،‮ ‬إذا تعلم الناس لغة أخري فإنهم‮ ‬يتعلمون أيضا وبدون قصد طريقة جديدة في النظر إلي العالم،‮ ‬عندما‮ ‬يغير الذين‮ ‬يعرفون لغتين كلامهم‮ ‬من لغة إلي أخري،‮ ‬يبدأون في التفكير بشكل مختلف أيضا،‮ ‬وإذا سلبت الناس القدرة علي استخدام اللغة في مهمة تفترض أن تكون بسيطة‮ ‬غير لغوية فإن أداءهم سيتغير بشكل هائل،‮ ‬أحيانا تجعلهم لا‮ ‬يبدون أذكي من الفئران أو الأطفال الرضع‮. "‬علي سبيل المثال في الدراسات الحديثة عرض علي الطلاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا نقاطا علي الشاشة وسُئلوا عن الإجابة علي سؤال حول عددهم،‮ ‬إذا سمح لهم بالعد بشكل طبيعي،‮ ‬تكون النتيجة عظيمة،‮ ‬أما إذا قاموا بها بطريقة‮ ‬غير لغوية مثل قرعها كالإيقاعات لايزالون‮ ‬يحسبونها بشكل رائع،‮ ‬ولكن إذا نطقوا بها عندما تُعرض لهم النقاط،‮ ‬كأن‮ ‬يكرروا‮ ‬الكلمات نطقا في تقرير عدهم،‮ ‬بعبارة أخري إنهم‮ ‬يحتاجون إلي مهاراتهم اللغوية ليحسبوا‮.‬
كل هذه الأبحاث الحديثة تبين لنا أن اللغات التي نتحدث بها ليست فقط تعكس التعبير عن أفكارنا،‮ ‬ولكنها أيضا تشكل الأفكار التي نرغب في التعبير عنها‮. ‬الهياكل التي وجدت في لغاتنا تشكل بشكل عميق كيفية بنائنا للواقع،‮ ‬وتساعدنا أن نكون أذكياء ومتطورين كما نحن عليه‮.‬
اللغة هي هدية إنسانية فريدة،‮ ‬وعندما ندرس اللغة نكشف جزئيا ما‮ ‬يجعلنا بشرا،‮ ‬نلقي نظرة خاطفة علي طبيعة الطبيعة البشرية،‮ ‬كما نكشف كيف أن اللغات ومتحدثيهم‮ ‬يختلف بعضهم عن بعض،‮ ‬نكتشف أن الطبائع البشرية أيضا‮ ‬يمكن أن تختلف بشكل هائل،‮ ‬معتمدة علي اللغات التي نتحدث بها‮. ‬الخطوات القادمة لفهم الآليات التي تساعدنا اللغة من خلالها علي بناء نظم معرفية معقدة بشكل لا‮ ‬يمكن تصديقه وهو ما لدينا‮. ‬إن فهم كيفية بناء اللغة سيتيح لنا خلق أفكار تتجاوز ما‮ ‬يمكن تصوره حاليا‮. ‬
هذه الأبحاث تختزل لأسئلة أساسية نسألها كلنا لأنفسنا،‮ ‬كيف جئنا بالطريقة التي نحن عليها؟ كيف نفكر بالطريقة التي نفكر بها؟ والجزء المهم من الإجابة،‮ ‬كما‮ ‬يتبين،‮ ‬في اللغة التي نتحدث بها‮.‬
عن مقال في‮ "‬وول ستريت جورنال‮"‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.