الإيجار القديم.. محمود فوزي: تسوية أوضاع الفئات الأولى بالرعاية قبل تحرير العلاقة الإيجارية    كامل الوزير: الانتهاء من إنتاج جميع أنواع حافلات وسيارات النصر في عيد العمال المقبل    الأونروا: مخطط تهجير غير مسبوق في غزة سيخلق تسونامي إنساني    مصدر عسكري إيراني: طهران تخطط لضرب قواعد أمريكية في دول غير خليجية    ترتيب الدوري المصري بعد فوز الزمالك على مودرن سبورت    نجم الزمالك السابق يهاجم كولر بسبب عمر الساعي    نجم الزمالك السابق: ألفينا يذكرني ب دوجلاس كوستا لاعب يوفنتوس السابق    قبل هروبهم بأسلحة ومخدرات، مقتل 4 عناصر إجرامية في تبادل إطلاق نار مع الأمن بالمنوفية    علي الحجار ينسج حكايات الشجن.. وهاني حسن يرقص للحياة على أنغام السيمفوني في محكي القلعة    في ليلة لا تنسى، تامر عاشور وبهاء سلطان يشعلان مهرجان صيف بنغازي (صور)    هانا تيتيه: قدمت لمجلس الأمن خارطة طريق تقود نحو الانتخابات وتوحيد المؤسسات    إيران: الجزء الرئيسي من المناورات لم يبدأ بعد ونطلب من المواطنين التزام الهدوء    نائب: العلاقات المصرية السعودية تاريخية وزيارة الرئيس تؤكد قوتها    فلكيًا.. موعد إجازة المولد النبوي 2025 في مصر و9 أيام عطلة للموظفين في سبتمبر (تفاصيل)    حرق الكنائس.. جريمة طائفية ودعوة للتدخل الأجنبي    انخفاض جديد في عيار 21 بالمصنعية.. أسعار الذهب والسبائك اليوم الجمعة بالصاغة محليا وعالميا    نجم الأهلي السابق: «ديانج» لا يجلس احتياطيًا.. و«ألفينا» صفقة بارزة للزمالك    فصل التيار الكهربائي عن بعض المناطق بكفر الشيخ    تنفيذ حكم الإعدام بحق مغتصب سيدة أمام زوجها بمقابر الإسماعيلية    بيان «المحامين» يكشف الحقيقة في اجتماعات المحامين العرب بتونس    تكريم حفظة القرآن والموهوبين من الأطفال ضمن البرنامج الصيفي بدمياط    صفات برج الأسد الخفية .. يجمع بين القوه والدراما    محمد رمضان يستفز جمهوره في مصر ب فيديو جديد: «غيرانين وأنا عاذرهم»    إذاعة القرآن الكريم| هاجر سعد الدين أول سيدة بمتحف الأصوات الخالدة    هل يمكن تحديد ساعة استجابة دعاء يوم الجمعة ؟ دار الإفتاء توضح    «خير يوم طلعت عليه الشمس».. تعرف على فضل يوم الجمعة والأعمال المستحبة فيه    قناة «هي» تعلن عن برنامج سياسي جديد بعنوان «السياسة أسرار»    آدم كايد يعرب عن سعادته بفوز الزمالك على مودرن سبورت    كيف تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي مع فوز الزمالك على مودرن سبورت بالدوري؟ (كوميك)    اليوم انطلاق مباريات دوري المحترفين بإقامة 3 مباريات    تعليم الجيزة تواصل أعمال الصيانة والتجديد استعدادا للعام الدراسي الجديد    اختيار رئيس المصرية للاتصالات وأورانج ضمن أقوى 20 قائدا للبنية التحتية الرقمية في إفريقيا    غرق طالب طب بروسيا خلال إجازته الصيفية في مطروح    روسيا تفرض على مواطنيها تطبيق منافس لتطبيق واتساب.. ما القصة؟    نصر وشاكر ضمن قائمة أقوى قيادات البنية التحتية الرقمية في إفريقيا    إعلام فلسطيني: استشهاد طفل بقصف إسرائيلي على مخيم النصيرات وسط غزة    نتنياهو يوجه ببدء مفاوضات لإطلاق الرهائن وإنهاء الحرب في غزة    تقارير إسرائيلية: 83% من ضحايا حرب غزة من المدنيين    رسميا بعد إلغاء الاشتراطات.. خطوات استخراج رخصة بناء جديدة وعدد الأدوار المسموح بها    تعرف على العروض الأجنبية المشاركة في الدورة ال32 لمهرجان المسرح التجريبي    سعر طن الحديد الاستثماري وعز والأسمنت بسوق مواد البناء اليوم الجمعة 22 أغسطس 2025    قبل انطلاق النسخة الثالثة.. صفقات أندية دوري المحترفين موسم 2025-2026    جولة مفاجئة لوكيل مستشفى الفيوم العام لضمان جودة الخدمات الطبية.. صور    مش هتشتريه تاني.. طريقة عمل السردين المخلل في البيت    طريقة عمل السينابون بالقرفة بسهولة في المنزل    «هتسد شهيتك وتحرق دهونك».. 4 مشروبات طبيعية تساعد على التخسيس    تظهر على أصابعك- 3 علامات تخبرك بأن كبدك مريض.. أعراض أمراض الكبد على الأصابع    أزمة وتعدى.. صابر الرباعى يوجه رسالة لأنغام عبر تليفزيون اليوم السابع    الدوري المصري – موعد مباراة الزمالك المقبلة ضد فاركو والقناة الناقلة    مصرع شابين غرقا بنهر النيل فى دار السلام بسوهاج    جمصة تحذر من ارتفاع الأمواج اليوم وتطالب بالالتزام بتعليمات فرق الإنقاذ    «إزاي قبلت الإهانة».. تفاعل مع فيديو لعريس يركل عروسه ويسقطها في حمام السباحة    جمعوا 100 مليون دولار.. غانا تسلم أمريكا "النصابين الثلاثة".. ما القصة    3 ظواهر جوية تضرب البلاد .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    منتدى المنظمات الأهلية ب"القومى للمرأة" يعقد اجتماعه الدورى    خالد الجندي: الدفاع عن الوطن وحماية مصالحه من تعاليم الإسلام    هل يستجاب دعاء الأم على أولادها وقت الغضب؟.. أمين الفتوى يجيب    رئيس المعاهد الأزهرية يتفقد المشروع الصيفي للقرآن الكريم بأسوان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اللغة ليست مجرد طريقة في الحديث‮ ‬تكشف ‮ ‬عن نظرتنا إلي العالم وطبيعتنا‮ ‬البشرية
ما نفقده في الترجمة

هل اللغات التي نتحدث بها تشكل طريقة تفكيرنا؟ هل تعبر عن الأفكار فقط،‮ ‬أم تقيم هياكل لغوية دون علمنا أو موافقتنا ‮ ‬مشكلة الأفكار ذاتها التي نرغب في التعبير عنها؟
فلنأخذ المثال التالي‮ ‬ هامبتي دامبتي جلس علي‮ ...‬‮ ‬حتي هذا المقطع الصغير المقفي‮ ‬يكشف كم تختلف اللغات من واحدة إلي أخري،‮ ‬في اللغة الإنجليزية نضطر لتحديد زمن الفعل،‮ ‬نقول في هذه الحالة جلس بدلا من ‮ ‬يجلس ‮ ‬في الاندونيسية لست مضطرا لتغيير الفعل حتي تحدد زمنه،‮ ‬في الحقيقة لا‮ ‬يمكنك فعل ذلك‮. ‬في الروسية‮ ‬يجب عليك أن تحدد الزمن،‮ ‬والجنس أيضا،‮ ‬ستغير الفعل إذا كانت مسز دامبتي قامت بالجلوس،‮ ‬وستقرر أيضا إذا ما كان الجلوس حدث وانتهي أم لا،‮ ‬وإذا كان بطلنا جلس علي الحائط معظم الوقت الذي‮ ‬يريده،‮ ‬سيكون شكل الفعل مختلفا عما إن لم‮ ‬يكن‮ ‬يقصد ذلك وسقط سقوطا مريعا‮.‬
أما في اللغة التركية فيجب عليك أن تتضمن في الفعل الطريقة التي حصلت بها علي المعلومة،‮ ‬إذا رأيت صديقك السمين علي الحائط بعينيك،‮ ‬ستستخدم شكلا معينا للفعل،‮ ‬ولكن إذا كنت ببساطة قرأت أو سمعت عن ذلك ستستخدم شكلا مختلفا‮.‬
وفي النهاية هل‮ ‬يحضر متحدثو التركية والروسية والاندونيسية والانجليزية،‮ ‬ويتفاهمون،‮ ‬ويتذكرون تجاربهم بشكل مختلف لأنهم‮ ‬يتحدثون لغة مختلفة؟
هذه الأسئلة تمس كل الخلافات الرئيسة في دراسة العقل،‮ ‬بانعكاساتها الهامة علي السياسات،‮ ‬القانون،‮ ‬الدين،‮ ‬علي الرغم من أن العمل التجريبي علي هذه التساؤلات ليس بكثير حتي وقت قريب‮.‬
والفكرة التي تقول إن اللغة تشكل الفكر اعتبرت لوقت طويل عصية علي الفحص وفي كثير من الأحيان جنونا وخطأ‮. ‬أما الآن أظهرت موجة من البحوث العلمية الجديدة أن اللغة لها تأثير عميق حول الكيفية التي نري بها العالم‮.‬
وتعود الفكرة القائلة بأن اللغات تشكل طريقة تفكيرنا إلي قرون ماضية،‮ ‬حيث أعلن شارلمان‮ »‬‬أن‮ ‬يكون لديك لغة ثانية‮ ‬يعني أنك تمتلك روحا ثانية‮» ‬ولكن هذه الفكرة لم ترق للعلماء عندما اكتسبت نظريات ناعوم تشومسكي في اللغة شعيية في الستينات والسبعينات من القرن الماضي،‮ ‬اقترح تشومسكي أن هناك قواعد كونية لكل اللغات الإنسانية‮. ‬جوهريا تلك اللغات لا تختلف عن بعضها البعض كثيرا،‮ ‬ولأن اللغات لا تختلف عن بعضها،‮ ‬مرت النظرية،‮ ‬وبات التساؤل حول الاختلافات اللغوية التي تؤدي إلي اختلافات في التفكير بلا معني‮.‬
البحث عن مسلمات لغوية‮ ‬يثمر بيانات مهمة في اللغات،‮ ‬ولكن بعد مرور عقود من العمل لايوجد مقترح أساسي واحد خضع أمام التدقيق،‮ ‬عوضا عن ذلك كشفت اللغويات لغات العالم بشكل أعمق‮ ( ‬7‮ ‬آلاف أو نحو ذلك الرقم فقط جزء مما تم تحليله‮) ‬وبرزت خلافات لا تعد ولا تحصي‮ ‬تستعصي علي التنبؤ‮.‬
بالطبع لا‮ ‬يعني أن الناس تتحدث بشكل مختلف أنهم بالضرورة‮ ‬يفكرون بطريقة مختلفة،‮ ‬لم‮ ‬يبدأ فقط العلماء المطلعين في العشر سنوات الماضية في قياس كيف‮ ‬يتحدث الناس ولكن أيضا كيف‮ ‬يفكرون،‮ ‬وذلك بالتساؤل حول ما إذا ما كان فهمنا للمجالات الأساسية لخبرة مثل الزمان والمكان والسببية‮ ‬يمكن أن تشيده اللغة‮.‬
ولنضرب مثلا علي ذلك البورمبوراو وهو مجتمع السكان الأصليين في أستراليا،‮ ‬لا تستخدم اللغات الأصلية مصطلحات مثل‮ "‬يمين‮" ‬و‮ "‬يسار‮"‬،‮ ‬ولكن كل شيء‮ ‬يتحدثون عنه باتجاهات أساسية مطلقة‮ "‬شمال،‮ ‬جنوب،‮ ‬شرق،‮ ‬غرب‮" ‬وذلك‮ ‬يعني أنك تقول أشياء مثل‮ "‬هناك نملة في جنوب‮ ‬غرب الساق‮" ‬لتقول مرحبا في بورمبوراو،‮ ‬يسأل أحدهم‮: "‬أين تذهب؟‮" ‬قد تكون الإجابة الملائمة‮ "‬الطريق الطويل إلي جنوب وجنوب‮ ‬غرب ماذا عنك‮" ‬إن لم تكن تعرف أي الطريق،‮ ‬لا تستطيع أن تجيب علي كلمة مرحبا‮.‬
حوالي ثلث اللغات في العالم‮ "‬التي‮ ‬يُتحدث فيها في كل أنواع البيئات الطبيعية‮" ‬تعتمد علي الاتجاهات المطلقة للمكان،‮ ‬ونتيجة لهذا التدريب اللغوي المستمر،‮ ‬متحدثو هذه اللغات جيدين بشكل ملحوظ في البقاء في مكان معين والحفاظ علي الطريق الذي سلكوه،‮ ‬حتي في المناظر الطبيعية‮ ‬غير المألوفة‮. ‬ويعتبرهم العلماء‮ ‬يبحرون بطريقة تفوق القدرات الإنسانية،‮ ‬وهذا هو الفارق الكبير،‮ ‬طريقة في تصور المكان مختلفة جذريا،‮ ‬وهم مدربون لغويا‮.‬
الاختلافات حول كيف‮ ‬يفكر الناس بشأن الزمن لا‮ ‬ينتهي عند هذا الحد،‮ ‬الناس تعتمد علي المعرفة المكانية لبناء تمثلات أخري أكثر تعقيدا وتجريدا تشمل الزمان،‮ ‬الأرقام،‮ ‬النغمة الموسيقية،‮ ‬علاقات القرابة،‮ ‬الأخلاق،‮ ‬المشاعر،‮ ‬لذا في حالة‮ ‬ما إذا فكر بورمبوراوانيون بشكل مختلف عن المكان،‮ ‬هل سيفكرون أيضا بشكل مختلف حول أشياء أخري مثل الزمن؟
لنكتشف ذلك،‮ ‬رحلنا أنا وزميلتي أليس جابي إلي أستراليا وأعطينا بورمبوراوانيين مجموعة من الصور أظهرت تعاقبا زمنيا،‮ ‬مثل رجل في عمر مختلف،‮ ‬أو تمساح‮ ‬يكبر،‮ ‬أو موزة تؤكل،‮ ‬ومهمة كل واحد منهم هي ترتيب الصور علي الأرض لإظهار النظام الزمني الصحيح،‮ ‬اختبرنا كل شخص في جلستين منفصلتين،‮ ‬كل زمن نواجه اتجاهات أصلية مختلفة،‮ ‬وعندما سألنا حول هذا الأمر،‮ ‬المتحدثون الانجليز‮ ‬يرتبون الزمن من اليسار إلي اليمين،‮ ‬ومتحدثو العبرية من اليمين إلي اليسار‮ "‬لأن العبرانية مكتوبة من اليمين إلي اليسار‮"‬
ووجدنا أن البورمبوروانيين‮ ‬يرتبون الزمن من الشرق إلي الغرب،‮ ‬هكذا إذن،‮ ‬تم وضع ترتيب الصور الجنوب،‮ ‬والزمن من اليسار إلي اليمين،‮ ‬وعندما واجهنا الشمال كانت ترتيبها من اليمين إلي اليسار،‮ ‬وعندما واجهنا الشرق،‮ ‬باتجاه الجسد وهكذا‮. ‬بالطبع لم نقل لأي المشاركين عن الاتجاه الذي‮ ‬يتجهون إليه،‮ ‬البورمبوراوانيون لم‮ ‬يكونوا‮ ‬يعون ذلك تماما،‮ ‬ولكنهم أيضا بشكل تلقائي استخدموا التوجه المكاني لبناء تماثلاتهم حيال الزمن،‮ ‬وعدة طرق أخري لتنظيم الزمن موجودة في لغات عالمهم،‮ ‬في المندرية المستقبل‮ ‬يمكن أن‮ ‬يكون أسفل،‮ ‬والماضي في الأعلي،‮ ‬وفي آيمارا اللغة المتحدث بها في أمريكا الجنوبية المستقبل في الخلف والماضي في الأمام‮.‬
بالإضافة إلي الزمان والمكان تشكل اللغات أيضا طريقة فهمنا للسببية،‮ ‬الانجليزية علي سبيل المثال تصف الأحداث في مصطلحات وكيلة زتعبر عن الفاعلس تفعل الأشياء،‮ ‬متحدثو الانجليزية‮ ‬يميلون إلي أن‮ ‬يقولوا أشياء مثل‮ "‬جون كسر الإناء‮" ‬حتي ولو علي سبيل الصدفة،‮ ‬متحدثو الإسبانية أو اليابانية‮ ‬يجنحون أكثر للقول‮ "‬الإناء كسر نفسه‮". ‬تثبت هذه الاختلافات بين اللغات أن التعاقب‮ ‬يدل علي كيفية فهم المتحدثين للأحداث،‮ ‬بناء أفكار عن السببية والفاعل وكيل الحدث ،‮ ‬وما‮ ‬يتذكرونه كشهود عيان،‮ ‬ومقدار ما‮ ‬يحملون الآخرين من مسؤولية،‮ ‬ومعاقبتهم‮.‬
في دراسات أجرتها كيتلين فاوسي في جامعة ستانفورد،‮ ‬شاهد متحدثون بالانجليزية والاسبانية واليابانية فيديو لاثنين من الناس قاما بتفجير البالونات،‮ ‬وكسرا البيض،‮ ‬وسكبا المشروبات عن عمد أو‮ ‬غير عمد،‮ ‬بعدها كل شخص كانت له تجبربة ذاكرة مفاجئة لكل حدث هل تستطيع تذكر من فعل ذلك؟ اكتشفت وجود فارق صارخ عبر لغوي في ذاكرة شهود العيان،‮ ‬اليابانيون والاسبانيون لم‮ ‬يتذكروا وكلاء الأحداث العرضية ‮ ‬من قاموا بالفعل ‮. ‬أما إذا نظرنا إلي المتحدثين بالانجليزية،‮ ‬أذكرك أنهم تذكروا فاعلي الأحداث المتعمدة‮ "‬الذي تذكرهم لغاتهم‮" ‬بشكل جيد،‮ ‬ولكن بالنسبة إلي الأحداث العرضية،‮ ‬عندما لا‮ ‬يذكر الشخص بشكل اعتيادي الفاعل في الاسبانية أو اليابانية،‮ ‬فهم لا‮ ‬يرمزون أو‮ ‬يذكرون أصلا الفاعل‮.‬
في دارسة أخري شاهد المتحدثون بالانجليزية فيديو‮ "‬تجريد الخزانة‮" "‬تركيبة رائعة صكت ليقدمها جوستين تيمبرليك إلي اللغة الانجليزة‮"‬،‮ ‬مرفقة بواحدة من تقريرين مكتوبين،‮ ‬التقريران متطابقان ما عدا الجملة الأخيرة حيث استخدمت مرة عبارة الملابس ممزقة‮" ‬بينما تقول الجملة‮ ‬
الأخري‮ "‬الملابس تمزقت‮" ‬علي الرغم من أن الجميع شاهد الفيديو ذاته،‮ ‬وشاهدوا التمزق بأعينهم،‮ ‬ولكن اللغة مهمة‮. ‬ليس فقط من قرأوا‮ "‬الملابس ممزقة‮" ‬ألقوا باللائمة علي تيمبرليك أكثر،‮ ‬إنهم أيضا فرضوا عليه‮ ‬53٪‮ ‬غرامة‮.‬
ما وراء حدود المكان والزمان والسببية الأنماط في اللغة تظهر لتشكل عددا من مجالات الفكر‮. ‬المتحدثون بالروسية الذين‮ ‬يميزون بشكل‮ ‬يفوق‮ ‬غيرهم بين الأزرق الداكن والفاتح في لغتهم،‮ ‬هم الأفضل في القدرة علي التمييز البصري بين درجات الأزرق‮. ‬قبيلة الفيراهة في الأمازون بالبرازيل تتحاشي لغتهم عددا من الكلمات لصالح مصطلحات مثل قليل وعديد،‮ ‬ليست قادرة علي تتبع الكميات بشكل دقيق‮. ‬وشكسبير كما‮ ‬يبدو كان مخطئا حول الزهور،‮ ‬الزهور التي لديها العديد من الأسماء الأخري لا تشم كرائحة حلوة‮.‬
توفر أنماط اللغة نافذة علي أنظمة اللغة وأولوياتها،‮ ‬مثلا بناء الجملة الانجليزية‮ ‬يركز علي الفواعل،‮ ‬وفي نظام العدالة الجنائية الخاصة بنا العدالة تكون ناجزة عندما نعثر علي المتجاوز ومعاقبته أو بشكل متناغم مع العدالة‮ "‬بدلا من العثور علي الضحايا وتعويضهم بشكل ملائم،‮ ‬المقاربة البديلة للعدالة‮" ‬لذا هل اللغة تشكل القيم الثقافية،‮ ‬أم‮ ‬يذهب التأثير في اتجاه آخر،‮ ‬أم كلاهما؟‮.‬
اللغة هي إبداعات إنسانية بالطبع،‮ ‬أدوات اخترعناها وصقلناها لتناسب احتياجاتنا‮. ‬وببساطة إظهار المتحدثين بلغات مختلفة‮ ‬يفكرون بشكل مختلف لا‮ ‬يخبرنا ما إذا كانت اللغة تشكل الفكر أم العكس‮. ‬إننا نحتاج إلي دراسات تتلاعب بشكل مباشر مع اللغة وتنظر إلي تأثيرها علي الإدراك لندلل علي الدور السببي للغة‮.‬
إحدي التطورات الرئيسة في السنوات الاخيرة إظهار بدقة هذه العلاقة السببية،‮ ‬إنها أظهرت إذا‮ ‬غيرت طريقة حديث الناس فأنت تغير تفكيرهم،‮ ‬إذا تعلم الناس لغة أخري فإنهم‮ ‬يتعلمون أيضا وبدون قصد طريقة جديدة في النظر إلي العالم،‮ ‬عندما‮ ‬يغير الذين‮ ‬يعرفون لغتين كلامهم‮ ‬من لغة إلي أخري،‮ ‬يبدأون في التفكير بشكل مختلف أيضا،‮ ‬وإذا سلبت الناس القدرة علي استخدام اللغة في مهمة تفترض أن تكون بسيطة‮ ‬غير لغوية فإن أداءهم سيتغير بشكل هائل،‮ ‬أحيانا تجعلهم لا‮ ‬يبدون أذكي من الفئران أو الأطفال الرضع‮. "‬علي سبيل المثال في الدراسات الحديثة عرض علي الطلاب في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا نقاطا علي الشاشة وسُئلوا عن الإجابة علي سؤال حول عددهم،‮ ‬إذا سمح لهم بالعد بشكل طبيعي،‮ ‬تكون النتيجة عظيمة،‮ ‬أما إذا قاموا بها بطريقة‮ ‬غير لغوية مثل قرعها كالإيقاعات لايزالون‮ ‬يحسبونها بشكل رائع،‮ ‬ولكن إذا نطقوا بها عندما تُعرض لهم النقاط،‮ ‬كأن‮ ‬يكرروا‮ ‬الكلمات نطقا في تقرير عدهم،‮ ‬بعبارة أخري إنهم‮ ‬يحتاجون إلي مهاراتهم اللغوية ليحسبوا‮.‬
كل هذه الأبحاث الحديثة تبين لنا أن اللغات التي نتحدث بها ليست فقط تعكس التعبير عن أفكارنا،‮ ‬ولكنها أيضا تشكل الأفكار التي نرغب في التعبير عنها‮. ‬الهياكل التي وجدت في لغاتنا تشكل بشكل عميق كيفية بنائنا للواقع،‮ ‬وتساعدنا أن نكون أذكياء ومتطورين كما نحن عليه‮.‬
اللغة هي هدية إنسانية فريدة،‮ ‬وعندما ندرس اللغة نكشف جزئيا ما‮ ‬يجعلنا بشرا،‮ ‬نلقي نظرة خاطفة علي طبيعة الطبيعة البشرية،‮ ‬كما نكشف كيف أن اللغات ومتحدثيهم‮ ‬يختلف بعضهم عن بعض،‮ ‬نكتشف أن الطبائع البشرية أيضا‮ ‬يمكن أن تختلف بشكل هائل،‮ ‬معتمدة علي اللغات التي نتحدث بها‮. ‬الخطوات القادمة لفهم الآليات التي تساعدنا اللغة من خلالها علي بناء نظم معرفية معقدة بشكل لا‮ ‬يمكن تصديقه وهو ما لدينا‮. ‬إن فهم كيفية بناء اللغة سيتيح لنا خلق أفكار تتجاوز ما‮ ‬يمكن تصوره حاليا‮. ‬
هذه الأبحاث تختزل لأسئلة أساسية نسألها كلنا لأنفسنا،‮ ‬كيف جئنا بالطريقة التي نحن عليها؟ كيف نفكر بالطريقة التي نفكر بها؟ والجزء المهم من الإجابة،‮ ‬كما‮ ‬يتبين،‮ ‬في اللغة التي نتحدث بها‮.‬
عن مقال في‮ "‬وول ستريت جورنال‮"‬


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.