قبل حادث «نيس» بأسابيع، صفع مواطن فرنسي مسلم عاملة في مقهي بالمدينة، لأنها قدمت مشروبا لأحد الزبائن في نهار رمضان، والحادثة لم تمر مرور الكرام بل استغلها اليمين المتطرف كذريعة لمحاربته للمتطرفين، ووصل الأمر لمطالبة السلطات الفرنسية بطرد مثل هؤلاء ومصادرة أموالهم وأملاكهم، وبعد الحادثة بأيام قليلة نشرت الصحف تصريحات صدرت من أحد قادة داعش، يدعو فيها كل مسلمي العالم، وبالأخص مسلمو أوروبا، بأن يستخدموا كل الوسائل وحتي القتل في الطرقات بالسكاكين والآلات الحادة، ضد كل من هو غير مسلم وكافر؟ واعتبر المتطرفون الفرنسيون ذلك دعوة للجهاد من نوع جديد وأساليب لم تكن معروفة من قبل، وبعد الحادث الأخير في »نيس«، اختار غالبية مسلمي فرنسا عدم الذهاب لصلاة الجمعة خوفا من تهديدات تلقوها بالانتقام منهم لما حدث في »نيس«، وبعد أن توجهت إليهم كل أصابع الاتهام بعد وقوع الحادث بدقائق قليلة دون تحقيق أو دليل. وبالطبع فإن تلك المخاوف لها أسبابها الوجيهة، ولكن في فرنسا كانت التساؤلات كما تقول صحيفة »الجارديان البريطانية» محددة ومعروفة بعد كل حادث تتعرض له البلاد منذ أوائل يناير من العام الماضي، وبعد حادثة صحيفة »شارلي إبدو» الشهيرة وما تلاها من أحداث في قلب باريس أو ضواحيها أو مطارها أو حتي في.. بلجيكا المجاورة.. فهناك: التساؤل حول لماذا مدينة نيس بالذات؟ والإجابة أنها مدينة سياحية عالمية تمثل جزءا كبيرا من الريفيرا الفرنسية في جنوب شرق فرنسا وهي مقصد للملايين سنويا من كل العالم ومن بينهم عرب ومسلمون.. ثم إنها تضم فوق ذلك جالية عربية مسلمة مستقرة منذ عشرات السنين وأغلبها جاء من الشمال الأفريقي، ولماذا 14يوليو بالذات؟ لأنه عيد الاستقلال الفرنسي والضرب فيه هو ضرب في الكرامة الفرنسية كلها، وهو ما دعا بريطانيا لمراجعة خططها الاحتفالية خلال الأسبوع الحالي وقامت بإلغاء معظمها، وقررت بلجيكا إلغاء كل احتفالاتها بالعيد القومي خلال هذا الشهر. والحادثة الأخيرة كما تقول الBB» شهدت نوعا جديدا من الإرهاب أيا كان منفذة سواء تابعا لجماعة أو لدوافع شخصية، فلم تعد العمليات مقصورة علي استخدام القنابل أو العمليات الانتحارية أو حتي الآلات الحادة كالسكاكين، ولكن تم استخدام السيارات للدهس هذه المرة كأسلوب جديد، وهنا يبرز السؤال حول هوية المنفذ الفعلية وهل كان هدفه شخصيا أم مخططا له خاصة أنه جاء في يوم الاستقلال الفرنسي وبعد ضربات قاتلة لتنظيم داعش ودولة الخلافة.. كما يسمونها.. في مدينتي: الرقة السورية والموصل العراقية.. بالإضافة لتحرير مدينة الفلوجة العراقية بالكامل، من قبضة التنظيم، ومقتل أحد أركان التنظيم وهو أبوبكر الشيشاني مما اعتبره البعض انتقاما لموته في هذا الحادث. أم أن الأمر كان حلقة في سلسلة ما يعرف ب»الذئاب المنفردة«، وهي مجموعات متنافرة من البشر: أناثا وذكورا ومنتشرة في أوروبا، وتدين بالولاء ظاهريا وعقائديا لمفهوم دولة الخلافة ومحاربة الصليبيين في بلاد الفرنجة، وهي لا تعرف دولة ولا وطنا ولا علما ولا عملة، وهي خلايا نائمة تعمل منفردة وهدفها بث الرعب في أوروبا والانتقام لقتلي المسلمين.. علي حد قولهم. مخاوف فرنسية مشروعة أخري من العائدين من سوريا والعراق.. وهؤلاء يقدر عددهم بالآلاف من فرنسا، وبعشرات الآلاف من القارة العجوز »أوروبا» وحسب البوليس الدولي »الإنتربول» علي صفحته علي الإنترنت، فإن عدد من ذهبوا للجهاد بجانب داعش في سوريا مثلا من بلدة »نيس» فقط، بلغ 031 فرنسيا مسلما.. يشكلون قنابل موقوتة، حال عودتهم مرة أخري لفرنسا، كما يشكلون خلايا نائمة وذئابا منفردة، جاهزة للعمل في أي لحظة، وعند تلقي إشارة بذلك.