هناك شبه اتفاق علي أن مسلسل أفراح القبة، هو درة تاج مسلسلات هذا العام، نعم المستوي واضح أنه فوق التوقعات بعد أن تصور البعض أن الدراما المصرية تترنح، فإذا بها في عز توهجها وألقها وتستطيع أن تحصي هذا العام مايزيد عن خمس أو ست مسلسلات يمكن أن يحصل أي منهم علي تقدير جيد جدا، غير أن أفراح القبة لايمكن وضعه إلا في خانة مميزة، المسلسل معالجة لرواية نجيب محفوظ التي تحمل نفس الاسم، ولكن هل هذا سبب كافٍ للنجاح؟ إطلاقا فكثير من الأعمال الفنية المأخوذة عن روايات لنجيب محفوظ أو لغيره ظهرت في صورة مذرية، ولكن يأتي الإبداع من المعالجة الدرامية والسيناريو ورسم الشخصيات وتضفيرها بعناية مع تقلبات الزمن، ويمنح كل هذا إلي مخرج له رؤية وإحساس بملامح كل شخصية وكل تفصيلة ويستطيع أن يعيد زمن الأحداث علي الشاشة بمعاونة فريق من المبدعين، مصمم ديكورات المسرح الذي تدور فيه الأحداث، وكواليسه وغرف الممثلين وغرف الملابس وكل التفاصيل الدقيقة والبسيطة، منزل تحية »مني زكي» ومنزل عباس »محمد الشرنوبي»وأسرته، مع مدير تصوير عبقري منح الصورة لونا خاصا بين الأصفر والبني وكأننا أمام صورة منزوعة من ألبوم قديم شخصياته كانت تعيش في القبة من خمسين عاما أو يزيد! موسيقي هشام نزيه لها سحر خاص يساهم في الولوج إلي أعماق أي شخصية وطرح ما في داخلها! أما من حيث الأداء فأنت تشاهد أروع مباراة في فن الأداء وكأن عصا سحرية قد مرت علي بعض الشخصيات فمنحتها ألقا من نور، مني زكي لم تصل في تاريخها الفني إلي تلك المرحلة من النضج والإبداع، صبا مبارك مذهلة ومخيفة في آن واحد، وإياد نصار الإبداع في أنقي صوره، سوسن بدر وصبري فواز، ورانيا يوسف، والمفاجأة التي يقدمها المسلسل محمد الشرنوبي، نحن لانزال في الأسبوع الأول ومازالت المفاجآت التي يطرحها المسلسل مستمرة! من مفاجأت هذا العام أيضاً ماتقدمه يسرا من أداء في مسلسل فوق مستوي الشبهات للمخرج هاني خليفة، والحكاية لايمكن حصرها في أنها تقدم لأول مرة دور امرأة بلا قلب وشريرة، يمكن أن تقتل بدم بارد أو تدبر مصيبة لصديق أو صديقة بكل اتقان ولامبالاة، وتستمتع وهي تتابع من تتصورهم خصومها يتساقطون، كذباب ، ولاتفكر فيما يمكن أن ينتهي إليه أمرها المهم أن تحقق فوزا في الوقت الراهن، يسرا قدمت الدور بمهارة شديدة واتقان وفهم لكل التغييرات التي تمر بها الشخصية! أما جراند أوتيل فهو دراما مختلفة، تعود بالزمن إلي مرحلة ماقبل ثورة يوليه، وفي مدينة يندر أن تقتحمها المسلسلات المصرية وهي أسوان، حيث يقع الفندق السياحي الشهير الذي يرتاده الوجهاء وأبناء الطبقات الارستقراطية، وتحدث فيه جريمة تعقبها جريمة أخري، ويصبح الموضوع كيفية الإيقاع بالقاتل، المسلسل يزخر بمجموعة من الموهوبين علي رأسهم محمد ممدوح في دور أمين الشخص مفرط الطيبة الذي يعشق لدرجة الجنون فتاة لاتبادله الحب بل تزدريه، وتسيء معاملته ولكنه لايتوقف عن حبها، والتضحية من أجلها، ويشارك في المسلسل كل من أنوشكا في شخصية صاحبة الأوتيل وسوسن بدر رئيسة الخدم، وأحمد داوود في شخصية مراد الشرير الوسيم، الذي يدير الفندق بصفته خطيب نازلي »أمينة خليل»ابنة صاحبة الأوتيل، ومعهم عمرو يوسف الشاب المغامر الذي جاء للأوتيل بحثا عن شقيقته التي اختفت فجأه، وأصبح مصيرها مجهولا! جراند أوتيل هو النسخة المصرية للمسلسل الإسباني الذي يحمل نفس الاسم وقد وضع له المعالجة والسيناريو والحوار تامر حبيب! لتترات المسلسلات عمل فني مستقل بذاته، يقوم بتصميمه شخص المفروض أن لديه رؤية وقدرة علي الإبداع، ولكنها أيضاً ليست مستقلة تماما حيث لابد لها أن تناسب طبيعة الموضوع المطروح، من خلال المسلسل، وتُهيئ المتفرج للمشاهدة وتوقظ لديه قدرا من الاهتمام والتشويق، وزمان كانت التترات عملاً تقليدياً جداً، لايزيد عن اختيار مجموعة من اللقطات التي تم تصويرها، بحيث يظهر فيها الأبطال حسب ترتيبهم وأهميتهم التسويقية، وكان من المحتم استخدام أغنية للتتر تعبر بشكل ما عن أحداثه وتحمل بعض الصعبانيات، وقد تكون الأغنية في حد ذاتها من عوامل الجذب، مثل أغنية مسلسل ليالي الحلمية التي كان يؤديها محمد الحلو من الحان ميشيل المصري، أو أغنية تتر بوابة الحلواني التي كان يؤديها علي الحجار، ولكن حدثت طفرة في تقديم التترات بدأها جمال عبد الحميد لمسلسل رأفت الهجان ولم يستعن إلا بالقليل جدا من المقاطع المصورة من المسلسل، ولعبت موسيقي عمار الشريعي دورا بارزا في نجاح التترات، وبعدها تحول جمال عبد الحميد إلي مخرج تليفزيوني، بعد أن كان مصمم تترات، بعدها قدم عمر خيرت موسيقي تترات ضمير أبلة حكمت ثم وجه القمر وكل منهما اكتفي بالموسيقي بدون غناء، علي اعتبار أن الغناء يسحب من قيمة التترات بدليل انك لا تجد مسلسلا أجنبيا له أغنية تتر أبدا، وهذا العام يتميز مسلسل أفراح القبة بشياكة وروعة التترات، هذا طبعا غير المسلسل كاملا كعمل فني، وقد ظهرت التترات بدون وجوه ممثلين، ولكن تتجول الكاميرا في كواليس المسرح، وغرفة الملابس والماكياج، والآلة الكاتبة التي هي سلاح عباس المؤلف الشاب وأحد أهم عناصر الصراع في المسلسل، طبعا موسيقي هشام نزيه تلعب دورا مميزا جدا وتضيف سحرا للتترات وللمسلسل، ويأتي في موقع قريب تتر ونوس الذي قام بوضع موسيقاه أمين بوحافة، ويحتل وجه ونوس جزءا كبيرا من الكادر بنظرته التي تحمل معاني شتي أما الخلفية فهي للملاهي المهجورة! وفي المرتبة الثالثة يأتي تتر مسلسل سقوط حر وهو أيضا بلاغناء وقد وضع ألحانه رعد خلف ! وتم تصميمه بحيث يبدو وكأن شخصياته يصارعون الأمواج ويلفهم حالة من الغموض تناسب طبيعة العمل وموضوعه.