هل.. هذه هي طبيعة المجتمع المصري الذي تفرزه الدراما علي شاشات الفضائيات في رمضان.. وهل.. إلي هذه الدرجة يصل السادة المبدعون إلي أن الشارع أصبح خالياً من قدوة يقدمونها.. أو نموذجاً يحتذي.. أو حتي مجرد بطل في الخيال يجذب إليه الأنظار. لا أزعم أنني أتابع كل المسلسلات، ولكني حتماً أمر علي معظمها.. ولا أتوقف أمامها لأن الشخصيات التي أراها لا تمت إلي الواقع الذي يعيشه المواطن العادي المهموم بمشاكل لا علاقة لها بما يطرحه هذا المسلسل أو ذاك. وحتي لا اتهم بالتخلف، أقول معظم الأعمال وليس كلها، علي اعتبار أن من سوء حظي هو أن ما لم أره.. هو الأفضل وهو الأكثر مشاهدة.. حظي! نحن أمام قضية في غاية الخطورة، وتهدد الأمن الاجتماعي في البلاد.. الفن له رسالة غاية في الأهمية.. تدعو إلي البناء من خلال تغذية وجدان الإنسان ومشاعره بكل ما يعينه علي أداء دوره في التنمية كأفضل ما يكون. وما يراه الناس علي الشاشات غير ذلك تماماً.. إنهم يرون قصصاً وروايات لا هدف منها.. ربما تسلي، ولكنها للأسف لا تعلم.. وعادة ما يخرج منها المشاهد ناسياً أحداثها.. تماماً مثل أغاني »الهلس» التي يقدمها هؤلاء الأقزام الذين تحولوا إلي عمالقة لأن الذوق أصيب في مقتل، ومع أي كلام مع »شوية دربكة».. يبقي الباشا مطرب وفنان. يجب أن تعود الدولة لتقول كلمتها في العملية الفنية بكل ألوانها، لأن العمل الفني الهابط لا يختلف كثيراً عن توجه »سافل» علي »الفيس بوك» للترويج لكارثة أو مصيبة علي المجتمع. والمرعب.. أن ما يتم إنفاقه علي هذه المسلسلات يقدر بالمليارات.. وكم يصاب المرء بالدهشة عندما يقرأ أن سعادة »البيه» الفنان الفلاني حصل علي 40 مليون جنيه، وآخر علي 30 مليوناً، و»الست هانم الفلانية» 25 مليوناً.. والآنسة الفلانية 23 مليوناً.. والفنان العادي 20 مليوناً.. والنص نص مهم 15 مليوناً. هو.. فيه إيه؟ لو أن حضراتهم »يهبروا» كل هذه الأموال.. ويقدما عملاً جميلاً يضيف.. أهلاً وسهلاً.. ولكن مع هذا المستوي الأقل من الهزيل، يصبح ما يتم إنفاقه إهداراً للقيم والمباديء التي يقوم عليها أي مجتمع يتطلع إلي الأفضل. أري.. أن ما يقدم علي الشاشات في رمضات، لا يدعو إلي التوعية أو التنوير، وإنما يدعو إلي مزيداً من المعاناة، لأن من لم يقدم توعية، ومن لم يرتفع بمستوي الذوق يتحول إلي مغرض. و»كله كوم» وبرامج المقالب »إياها» كوم آخر.. يذهب الباشا الفنان إلي السيد مقدم الحلقة، وهو يعلم مسبقاً أنه »رايح» لمقلب.. وهو وجدعنته.. كل ما يخاف أكثر، ويصاب بالذعر »حبتين» يبقي محترم. والمصيبة السوداء.. أن مجموعة »المخضوضين».. خوفً من نار تحرقه، أو أسد يأكله.. أو أي »هلس» من هذا القبيل.. هم أنفسهم الذين خاضوا نفس التجارب بفكرة أخري في المواسم الماضية. ويا لها من ملايين.. أو مليارات تنفق في هذا المجال العجيب.. وأيضاً دون أن يستفيد منها المشاهد إلا القليل.. لأنه يدرك بينه وبين نفسه أن ما يقدم له مجرد تمثيل! معقولة يا عالم!! أغلب الظن.. إن لم يكن المؤكد.. هو أنه إما أن أصول اللعبة الفنية أصيبت بالدمار.. أو أن المتلقي، أو المشاهد »اللي هو أنا».. لا يفهم و»معندهوش فكرة»! واضح أن العيب في أمثالي.. لذلك التمس منكم واعذروني.. فهذه كلها تخاريف صيام! أطرف ما يمكن.. أن يؤمن البعض أو يؤمن آخرين أن مسألة التصنيف للمنتخب تخضع للواسطة.. وأن حلم الدخول ضمن المصنفين الأوائل قبل قرعة تصفيات كأس العالم ضاع لأن هاني أبوريدة لم يتدخل لدي الفيفا لإقناعهم بأن »يعملوا له حساب»، ويضعوا الفراعنة ضمن الخمسة الكبار. هذا.. هو التفكير »اللي بيجيب ورا». في أوربا والدول المتقدمة . يخططون لمستقبلهم ومن بين استراتيجيتهم الاستعانة »بشوية واسطة»! الدورة الأوليمبية أصبحت علي الأبواب، ومع ذلك مايزال الشارع الرياضي مشغولاً بقضايا ومشاكل »هايفة».. والمفروض أن يتحول الاهتمام للنجوم الذين »عملوا كل شيء».. ولم يأخذوا علي الأقل حقهم الإعلامي. الانضباط والالتزام.. هما الطريق لأي استقرار، وما الحرب التي يشنها المستشار مرتضي منصور علي »المتدلعين» في الفريق الكروي، أو الفرق الرياضية، إلا بحثاً عن هذا الانضباط الذي يفتح كل الأبواب للنجاح. من غير اللائق هذه المرة، أن يلعب الأهلي والزمالك في دور الثمانية بدوري أبطال افريقيا بدون جمهور.. »خلاص».