بشهر رمضان عدة طقوس تميز الاحتفالات الشعبية والاجتماعية في الشارع، ليترك الشهر الفضيل بهجته علي الجميع، ما يجعل لرمضان طابعه الخاص المميز في مصر عن غيرها من البلدان العربية والإسلامية، بل إن هذه العادات والطقوس تم تصديرها من مصر إلي العالم الإسلامي كله، وباتت من مكونات الشهر واحتفالاته في كل مكان، "دين ودنيا"، يستعرض أبرز معالم الاحتفال بالشهر الكريم. ارتبط الفانوس بشهر رمضان، فمجرد أن تري شوادر الفوانيس في الشوارع حتي تعلم أن الشهر الكريم قد اقترب، فالفانوس بات العنوان الأبرز لاحتفال الأطفال ومعهم الكبار بشهر الصيام، وباتت العادة الشعبية متجذرة في المجتمع بصورة غير قابلة للفصل بين الشهر والفانوس، لكن البعض لا يعلم أن عادة استخدام الفوانيس بكثافة في شهر رمضان تعود إلي نحو ألف سنة، بحسب الدكتور عطية القوصي، أستاذ التاريخ الإسلامي بجامعة القاهرة، الذي أكد أن ارتباط الفانوس باحتفال شهر رمضان يعود إلي العصر الفاطمي. وأشار إلي أن ظهور الفانوس في شهر رمضان يعود إلي العام 362 هجريا / 972 ميلادياً، عندما قرر الخليفة الفاطمي المعز لدين الله الانتقال من مقر حكمه في إفريقية (تونس الحالية)، إلي مصر والاستقرار في عاصمته الجديدة القاهرة التي بناها له قائده جوهر الصقلي، وعندما علم أهالي القاهرة بقرب وصول الخليفة الفاطمي، ولما كان الوقت ليلا في السابع من رمضان من السنة المذكورة، فقد خرج الناس ومعهم الفوانيس لتنير لهم طريقهم، ومن هنا ظهر الفانوس لأول مرة في احتفالات المصريين، خاصة أن الفاطميين كانوا من المهتمين باستخدام الفوانيس في عدد من احتفالاتهم خاصة ما يعرف باسم ليالي الوقد الأربعة. وطوال العصور الإسلامية التالية تجذرت عادة ارتباط الفانوس بشهر رمضان حتي صارت عادة، ومع الزمن تطورت صناعة الفانوس الذي يحرص علي اقتنائه الأطفال والكبار علي حد سواء، وفانوس رمضان يمتاز هذه السنة بأنه يرتدي زي الخيامية حيث انتشر هذا النوع من الفوانيس. كنافة معاوية لا تكتمل جلسات ما بعد الإفطار في ليالي رمضان إلا بحضور طبق الكنافة والقطايف، فهما معنا علي رأس قائمة الحلويات في مائدة رمضان العامرة، لكن المفاجأة أن عادة تناول الكنافة والقطايف في شهر الصوم، تعود إلي زمن بعيد، بل إنهما ظهرتا في القرن الأول من الهجرة، لتحتل الكنافة والقطايف صدارة مائدة رمضان لنحو 14 قرنا. الكنافة كانت الأسبق إلي الوجود، وتعود بحسب الدكتور القوصي إلي رغبة الخليفة الأموي معاوية بن أبي سفيان في سد شعوره بالجوع في ساعات الصيام، فأشار عليه طبيبه الخاص بالاعتماد علي أطعمة من المعجنات، حتي تقلل شعوره بالجوع، لكن الخليفة الذي جرب كل المعجنات المتاحة في عصره شعر بالملل سريعا وطلب أصنافاً جديدة، فجاء طباخ القصر واخترع شكلا جديدا من المعجنات عرفت ب"الكنافة"، والتي أعجبت الخليفة الأموي فقرر اعتمادها كأحد الحلويات المقدمة طوال شهر رمضان في القصر الأموي بدمشق ومن هناك انتشرت في العالم كله. أغنية رمضان "وحوي يا وحوي" هي إحدي أشهر أغاني شهر رمضان، والتي يرددها الأطفال في الشوارع ليلا وفي أيديهم الفوانيس، هذه الأغنية الفريدة في مطلعها الافتتاحي، يعود بجذوره إلي الماضي القديم لمصر الفرعونية، فالأغنية تعبير أصيل عن الروح المصرية الضاربة في عمق التاريخ. وتعود أصل الأغنية بكلماتها الفرعونية إلي الاحتفال القديم بمولد هلال الشهور القمرية، إذ تعني "وحوي" في المصرية القديمة "أهلا"، و"إياح" هو اسم القمر في الفرعونية، فتعني كلمات الأغنية الشهيرة أهلا أهلا يا قمر، احتفالا بميلاد الشهر القمري. ويبدو أن الكلمات الفرعونية والتي دخلت اللغة القبطية عرفت طريقها كأغنية شعبية بامتياز منذ العصر الفاطمي، إذ تعود بعض أقدم الروايات التاريخية إلي أن الأغنية ظهرت في عصر الخليفة الفاطمي الحاكم بأمر الله، والذي عرف بغرابة أفعاله، وكان من ضمنها الأمر بعدم خروج النساء من منازلهن، وجعل عقوبة مخالفة هذا الأمر هو الإعدام، لذلك عندما كان يري الفتية أي سيدة أو فتاة كانوا يغنون من حولها "وحوييا وحوي إياها.. بنت السلطان لابسة قفطان بجلاجيلة يلا نجيله"، ومن هنا دخلت الأغنية التراث الشعبي قبل أن ترتبط بشهر رمضان. جولة الخيامية دبت الحياة بشارع الخيامية، الذي يسكنه هدوء نسبي طيلة أيام العام فأصبح فجأة مزدحما بالبشر، فالجميع يبحث عن السعادة بأسعار مخفضة ليدخلها بيته حيث تتوافر فيه كافة أنواع الديكورات الرمضانية المزينة بقماش الخيامية الذي تصدر أولي وجهات المحلات للتعبير عن بهجة رمضان بالزي الإسلامي. فما إن تطأ قدمك شارع الخيامية - الذي يمتد عمره لأكثر من 500 عام - إلا وتجده يجسد لوحة جمالية فالمحلات تفترش بقماش "الخيامية" الذي يزين الجدران وموائد الإفطار وفروع الزينة والوسادات فمزج صناع الخيامية الماضي بالحاضر، عن طريق التشكيلات المختلفة لبكار وبوجي وطمطم التي تزين الوسائد فيما غلبت الزخرفة الإسلامية والفرعونية علي مختلف منتجات الشارع الشهير. ووسط هذا الزحام، قال محمد عبد التواب "بائع بشارع الخيامية" إن للزينة الرمضانية جمهورها الدائم، والذي يعتبرها جزءا أصيلا من عاداته، خاصة أن أسعارها مخفضة، إذ إن سعر الوسادات الخيامية 25 جنيها، وتبلغ فروع النجوم 7 جنيهات، ويبدأ سعر الفانوس المزين بقماش الخيامية من 40 جنيها بينما يبدأ سعر فانوس الكاروكيت من 70 جنيها.