اكتب والوطن يحترق.. لعلي أحلم.. أدرك تماما أنه كابوس أسود.. لاهو حقيقة.. ولايجوز أن يكون وهما.. فالدماء قالت كلمتها.. والمصاحف التي يحملها الجنود البسطاء بجوار قلوبهم اختلطت صفحاتها الطاهرة ببقايا الصلبان الخشبية التي رفعت إلي السماء قبل أن تتلون زرقة هذه السماء ساعة الغروب الرائعة الي مسرح لألسنة الدخان المتصاعدة من جوف الغضب الأحمق الذي فرض ارادته علي الزمان والمكان.. من جديد عادت شاشات الفضائيات تحمل عبارة »مباشر من ماسبيرو« انما الفرق هذه المرة ان ملك الموت كان بطلا لهذه الموقعة وكان له دور أكبر من حصد الكثير من الأرواح وهنا تكمن الكارثة فنحن هنا لانتحدث عن حق دستوري أو حق انتخاب انما نحن امام اقدس الحقوق وأهمها.. حق الحياة الذي بدأ هو الآخر يهرب من بين ايدينا. وهنا أجدني أصرخ متسائلا.. كيف وصلنا إلي هذا المنعطف الأسود ولماذا وصلنا.. وهل هناك فرصة لنعود الي الطريق الآمن أم اننا امام طريق واحد ووحيد لا أمل في الحياد عنه؟! وأيا كانت الاجابات فالنتيجة التي لابديل عنها أننا جميعا مسئولون عن الوصول الي هذه الكارثة التي حلت ببلادنا.. بلادنا التي ضحكنا عليها وغنينا لها منذ عدة أشهر »أنا بحبك يابلادي«.. أقول وبكل قوتي وارادتي وأنا في كامل قواي العقلية.. اننا جميعا مسئولون.. من أول المجلس العسكري الذي زاد حلمه عن المطلوب وتعامل مع كل ما وجهنا بنوع من اللين الزائد عن الحد وانقلب الي الضد ولم نسمع عن حكم رادع يطبق المعني الحقيقي لدولة القانون ويردع من تسول له نفسه اللعب بمقدرات البلاد انما ومع الأسف تأكد البلطجية وبقايا النظام السابق يوما تلو الآخر ان الملعب لهم فصالوا وجالوا وتلاعبوا بنا واحرزوا أهدافا في مرمي الاستقرار وكل ما نفعله اننا ننتظر صافرة نهاية المباراة.. ولا أبالغ في التشاؤم اذا قلت ان النتيجة يبدو انها محسومة. هذا هو حال المجلس الأعلي العسكري أما الشرطة فحدث ولاحرج فقد خرجت المسكينة صباح 25 يناير ولم تعد حتي الآن وعلي من يجدها الاتصال بشعب مصر.. اقول كلنا مسئولون.. لاهؤلاء هم الثوار.. ولا هؤلاء هم النخبة السياسية والتي اصبحت »الخيبة السياسية« والتي تفرغ اقطابها الي البحث عن طموحهم الأعمي سواء كانت تلك الأضراب التي لاتسمن ولاتغني من جوع او تلك القوي الكبري التي تتكتل نهارا وتتفرق ليلا ولاعزاء للأخوان والوفد وغيرهم. كلنا مسئولون.. هل هؤلاء هم المسيحيون الذي وقفوا خلف ظهورنا يحمونا ونحن نصلي علي أرض التحرير المقدسة..؟! هل هذا هو الشعب الذي نظف الميدان بعد تنحي المخلوع.. هل قامت الثورة لتسير السيارات عكس الاتجاه ويصعد التوك توك الي كوبري اكتوبر وترتفع البنايات عشرات الطوابق دون ترخيص.. هل الكلمات المرتعشة لرئيس الوزراء ليلة الأحد الدامي تستحق ان يطلق عليها بيان للأمة.. هل هؤلاء هم قادة احلامنا.. لا أعرف ماذا اقول ولا ادري ماذا اكتب. كل ما ادركه الآن اننا جميعا اعطينا الفرصة للمخلوع واتباعه ومريديه ان يفرحوا فينا كما يشاءوا وان تخرج الشماتة من عيونهم سهاما تخترق قلوب كل من حمل روحه وعمره وسار ماشيا الي ميدان العزة والكرامة.. يا ايها المخلوع.. نم قرير العين فقد تحققت النبوءة التي بشرتننا بها.. »إما أنا.. وإما الفوضي..«. افرح.. الوطن يحترق..