يزخرالتاريخ المصري الحديث والقديم بمئات الوقائع والأحداث الغامضة التي لم تنكشف عنها ستائر الغموض رغم مرور سنوات وسنوات عليها ، وفي هذا تجنيا غريبا علي حق المواطن المصري أن يعرف كل شيئ عن تاريخ وطنه بدون مواربة أو التباس. ومن هذه الوقائع الغامضة التي تحتاج الى تفسير وتدقيق تاريخي وفاة الملك فاروق ،فرغم مرور نصف قرن إلا أن الغموض مازال يحيط بمصيرالرجل الذي حكم مصر لمدة 18 عاما ولم يعرف أحد هل مات آخر ملوك مصر مقتولا بجرعة سم كما يتردد أم مات بشكل طبيعي بعد أن عجزت معدته عن هضم الوجبة الدسمة التي تناولها في أشهر مطاعم روما؟ الواقعة الثابتة تاريخيا ولا يختلف عليها أحد أن الملك فاروق توجه في ليلة 18 مارس 1965 الي المطعم الشهير" ايل دي فرانس" بروما وجلس علي الطاولة بمفرده وتناول عشاء دسم عبارة عن دستة من المحار وجراد البحر وشريحتين من لحم العجل مع بطاطس محمرة وكمية كبيرة من الكعك المحشو بالمربي والفاكهة، شعر بعدها بضيق في التنفس واحمرار في الوجه ووضع يده في حلقه، وحملته سيارة الإسعاف إلى المستشفى وهناك فارق الحياة وعليه قرر الاطباء بصورة مبدئية ان الطعام هو من تسبب بمقتله كون الملك بدينا ويعاني من ارتفاع ضغط الدم ومشاكل في القلب. ولكن هناك واقعة أخرى مختلف عليها ويؤكدها الدكتور ماجد فرج المؤرخ المعروف والمتخصص في تاريخ الاسرة العلوية وهي ان الملك فاروق اغتاله ابراهيم البغدادي المخابراتي التابع لنظام جمال عبد الناصر،وكان يعمل بذات المطعم الذي اعتاد الملك فاروق الذهاب اليه واستخدم "البغدادي" سم الاكوانتين وعندما عاد تمت مكافأته بمنصب محافظ القاهرة. ويتابع د." فرج " بان هذا السم تم تركيبه في مصر بمعرفة الدكتور صلاح عبدالتواب استاذ الفارماكولجي بكلية الطب وقتها، وبه تخلص البغدادي ونظام جمال عبد الناصر من الملك فاروق الي الابد، واستخدم ذات السم في عدد من الاغتيالات السياسية من رجال عبد الناصر من لمعارضيه ومن بينهم الدكتور انور المفتي. وبرحيل الملك انتهي ما يعرف بالثورة المضاده وفزاعة عودة النظام الملكي اذ كان وقتها تجري مقارنات عن وضع مصر في الملكيه والجمهورية، ووقتها كانت المقارنة لصالح الملكية. وبغض النظر عن صحة هذه الرواية أو عدم دقتها فالقضية تستحق الاهتمام من كل الاطراف للوصول الى الحقيقة ، فإذا كان نظام الرئيس الراحل جمال عبد الناصر بريئا من دم الملك فاروق فليعلن هذا بكل وضوح لأن البراءة لن تصب في خانة عبد الناصر فقط وانما ستبرئ ثورة يوليو كلها وستؤكد انها كانت فعلا ثورة بيضاء استهدفت العدالة الاجتماعية والحرية والكرامة ولم تسع للانتقام والتصفية الجسدية. وفاة حاكم مصر لمدة 18 عاما تستحق التحقيق ياسادة وتستحق تشكيل لجنة محايدة ونزيهة واعلان نتائج التحقيق أيا كانت على الشعب المصري لأن التاريخ لن يرحم كل من تخاذل عن كشف الحقيقة للشعب