كان من المفترض ان يكون من ملائكة الرحمة، يقدم الدواء ويحارب الداء، يساعد المريض، لكنه للاسف فضل ان يخفي الشيطان الذى كان بداخله فى ملامحه وجهة البريئة. نعم تحول "ملاك الرحمة" فجأة الى شيطان، يحارب ما يصفهم بالاعداء، رافعاً شعارات الإرهاب، ليفتك بالاجساد، ويحاول بكل ما يملك إسقاط العديد من الضحايا، فى مسيرات يطلق عليها السلمية، لكنها فى الحقيقة تنطلق من اجل إزهاق الارواح، وتمزيق الاجساد، وإغراق البلاد ببحور من الدم. لكن، كيف تحول الشاب احمد السعيد، خريج كلية الصيدلة من ملاك برىء الى شيطان يقتل، وينسف، ويمزق الاجساد، هذا ما سنتعرف عليه من خلال السطور المقبلة ... كالعادة، كان الهدوء يخيم على شارع على شعراوى، المتفرع مش شارع مصر والسودان، بمنطقة حدائق القبة، وبنفس الهدوء كان يجلس خريج الصديلة داخل شقته يصنع المتفجرات والعبوات الناسفة، لإستخدامها ضد قوات الشرطة التى تشترك فى فض مظاهرات الجماعة الإرهابية، او حتى القائها على المواطنين الرافضين لجرائم الجماعة الإرهابية والمؤيدين لثورة الثلاثين من يونيو. خبرة خريج الصيدلة وذكائه، جلعته يفكر فى إبتكار اساليب جديدة للفتك باعدائه حسب ما يصفهم، ولتحقيق اكبر خسائر فى صفوف القوات الشرطية، او المعادين لجرائم الجماعة الإرهابية بشكل عام، الا ان الصدفة تخلت عنه فى هذه الليلة. ففى السادسة والنصف من مساء الخميس الماضى، وقبل إندلاع مظاهرات الجماعة الإرهابية بساعات، كان سكان منطقة الحدائق على ميعاد مع صوت إنفجار هائل، صادر من شقة الدكتور احمد حسب ما يلقبونه، وفى لحظات كان سكان شارع على شعراوى يهرولون الى الشارع والخوف والذعر يحتل قلوبهم. لحظات اخرى، وكانت فرق من رجال الشرطة، سواء كانت من الحماية المدنية، او رجال البحث الجنائى، والامن العام، والامن الوطنى، ورجال المفرقعات ايضاً يصلون الى شارع على شعراوى، وبسرعه تمكنوا من دخول الشقة التى صدر منها الانفجار، هذا حسبما اشار السكان. صناعة الموت! كانت الاوامر الصادرة من العميد اشرف عز العرب، مدير قطاع شمال القاهرة، هو التعامل بحذر اثناء دخول الشقة، خاصة وان الاصوات الصادرة منها تؤكد ان قنابل بداخلها قد إنفجرت، وكان على رأس القوات التى تمكنت بالفعل من إقتحام الشقة، العميد معتز عمر مأمور قسم الحدائق، ونائبه العقيد هشام والى، والرائد محمد برعى رئيس نقطة الحدائق، والنقيب مصطفى الديب رئيس الدورية. كما إنتقل المقدم محمد راسخ رئيس مباحث الحدائق، ومعاونيه الرائد حسن بكرى، والرائد تامر عبد الفتاح، والرائد وسام السحار، والرائد احمد تيسير معاون ضبط القسم. وحسب ما اشارت له التحقيقات الرسمية ان رجال الشرطة وجدوا داخل الشقة شاب يدعى احمد احمد سعيد حسن جودة، 28 سنة، خريج كلية صديلة، والذى اشار فى بداية حديثة، انه لا يعلم مصدر الصوت، نافياً تماماً ان تكون الشقة تحتوى على اى قنابل او مفرقعات، الا انه بتفتيش الشقة عثرت القوات على كمية كبيرة من المفرقعات، وكان منها الغريب والمثير. كور التنس! لحظات قليلة وكانت قوات الشرطة تقوم بإعداد احصائية المواد المتفجرة التى عثر عليها داخل شقة خريج الصيدلة، او الطبيب حسبما يفضل جيرانه مناداته، وهى عبارة عن ( 6 ) فرد خرطوش عيار 16مم، و ( 5 ) سلاح نارى عبارة عن " كباس"، و( 50 ) طلقة خرطوش عيار 16مم، و ( 50 ) طلقة نارية عيار، و 7,62×39مم، و عدد كبير من النبال، و ( 5 ) قنابل "مونة"، وكميات كبيرة من المسامير والبلى وشفرات الحلاقة تستخدم فى تصنيع العبوات الناسفة، وكمية من مادة نترات البوتاسيوم وزنت ( 5 كيلو جرام)، و كرات تنس بداخلها بارود ومعدات تفجير وأسلاك، وعدد من جراكن البنزين، وعدد كبير من المنشورات والشعارات الخاصة بتنظيم الإخوان الإرهابى، وميزان حساس، ومسورة قطرها 4 بوصه لإطلاق الشماريخ والألعاب النارية، وعدد كبير من الشماريخ، و( 20 ) جواز سفر بأسماء مختلفة، وعدد من الأقنعة السوداء. وحسبما اشار مصدر امنى، ان المتهم ابتكر طريقة جديدة مستغلاً ذكائه فى الإعتداء على القوات والمواطنين، بإنه يقوم بإدخال كميات من البارود والمسامير، فى كرات التنس من اجل إلقائها على القوات والمواطنين لإحداث اكبر قدر من الخسائر. ايضاً اشار المصدر ان المتهم إعتمد على وضع المسامير داخل القنابل، وهو ما يؤدى الى الموت المحقق وليس الاصابات كما يشير البعض، خاصة وان تلك المسامير والادوات الصلبة ف حالة تطايرها من القنبلة، واصابة رجال الشرطة فى منطاق معينة مثل الرقبة او الرأس، فمن الممكن ان تؤدى فوراً الى قتلهم. ثلاجة جهنم! على الفور امر اللواء اسامة الصغير مدير امن القاهرة، بتطوير مناقشة المتهم، كما تم إخطار النيابة العامة لتتولى التحقيق فى الواقعة، والتى حضرت على الفور ايضاً الى مسرح الحادث. المثير ان المتهم الذى انكر صلته او معرفته بمصدر صوت القنابل، اعترف بعد ان عثرت القوات على ما كان يحوزه من الاسلحة والقنابل، بإنه ينتمى الى الجماعة الإرهابية، مشيراً الى انه تمكن من توفير بعض الاموال عن طريق بعض شركائه، لشراء كمية من الاسلحة والبارود والمسامير ولترات من البنزين والمواسير، ليقوم بإستغلال خبرته كخريج صديلة فى تصنيع القنابل وتوزيعها على شركائه، للإعتداء على القوات الشرطية او المواطنين فى حالة تصديهم لهم. كما فجر المتهم خلال إعترافاته مفاجأة من العيار الثقيل، قائلاً، كنت اقوم ايضاً بوضع بعض القنابل فى الثلاجة الخاصة بالشقة، خاصة تلك التى تنفجر مع حرارة الجو، حتى لا تنفجر فى الشقة وينكشف امرى، الا ان احدى تلك القنابل إنفجرت منى قبل وضعها فى الثلاجة. الامن الوطنى والجنائى! وفى نفس الوقت كانت النيابة العامة تعاين مسرح الجريمة، وتطلع على الاحراز الخاصة بالمتهم، ليأمر المستشار رئيس نيابة حدائق القبة، بسرعة إجراء التحريات من قبل جهاز الامن الوطنى، كما تم تكليف إدراة البحث الجنائى بإعداد التحريات الخاصة بها ايضاً، كما كلفهم بسرعة إلقاء القبض على المتهمين الاخرين الذين شاركوا المتهم الرئيسى فى توفير المال، وتصنيع القنابل، للإعتداء على القوات الشرطية والمواطنين، فى خلال مسيراتهم. ومن جانبة اكد مصدر امنى لأخبار الحوادث، ان إدارة البحث الجنائى تمكنت بالفعل من تحديد من تحديد المتهمين المشاركين للمتهم الرئيسى فى جريمته، وانه يتم العمل حالياً للقبض عليهم باقصى سرعة، قبل ان يشاركوا مع عناصر اخرى فى عمليات إرهابية اخرى، مشيراً الى ان عملية القبض عليهم ستكون خلال ايام قليلة على الاكثر. واضاف المصدر، ان المتهم الرئيسى فى تلك الجريمة ليس من المسجلين جنائياً، الا انه اتخذ المسار والفكر الإرهابى بعد إندلاع ثورة الثلاثين من يونيو، خاصة بعد ان تم إستقطابه من قبل بعض زملائه المنتيمن لتلك الجماعة، والذين قرروا إستغلال خبرته كخريج كلية صيدلة فى تصنيع المتفجرات والإعتداء على القوات. وإختتم المصدر الامنى كلامه قائلاً، القوات الشرطية تمكنت من القبض على المتهم من إحباط احدى العمليات الإرهابية القذرة، التى كان من الممكن ان يروح ضحيتها عدداً من رجال الشرطة والمواطنين من خلال العناصر الإرهابية المشاركة فى مسيرة انصار الجماعة فى منطقة حدائق القبة، وانه لولا وصول القوات الشرطية الى مكان الحادث بسرعة لكان المتهم تمكن من الهروب.