دخلت الأزمة الأوكرانية منعطفاً خطيراً أمس وسط ازدياد موجة الإدانات الدولية لأعمال العنف، حيث لقي 25 شخصاً علي الأقل مصرعهم بينهم تسعة من رجال الشرطة وصحفي، وأصيب 241 آخرون بينهم 79 رجل شرطة وخمسة صحفيين، فيما وصفته وكالة الأنباء الفرنسية بأنه "أكثر الأيام دموية" منذ استقلال الجمهورية السوفيتية السابقة. وبعد ليلة من المواجهات الدامية، تدفق متظاهرون أوكرانيون علي ميدان "الاستقلال" بوسط العاصمة "كييف" استعداداَ لمواجهة الشرطة من جديد، وبعد ساعات من الاشتباكات، شنت قوات مكافحة الشغب فجر أمس هجوماً جديداً علي الميدان الذي يحتله متظاهرون منذ ثلاثة أشهر، وذلك بعدما طلبت عبر مكبرات الصوت من النساء والأطفال مغادرة الميدان منذرة بشن "عملية لمكافحة الإرهاب" لكن آلاف المتظاهرين رفضوا الخروج من الميدان ورددوا النشيد الوطني. وألقت عناصر الشرطة وابلاً من القنابل المسيلة للدموع والقنابل الصوتية في الميدان وسيطرت علي نحو ثلث الميدان، حيث اشتعلت النيران في الخيم المنصوبة به واحدة تلو الاخري. كما اشتعلت النيران في مبني مطل علي الميدان تحول إلي مقر للمتظاهرين. ورد المتظاهرون بإلقاء الحجارة والإحتماء خلف "جدار" من النيران المشتعلة حاملين عصي ودروعاً معدنية ومعتمرين خوذات. وصاح أحد المعارضين "وسط كييف، قلب أوكرانيا يشتعل! توقفوا!" موجها كلماته الي رجال الشرطة. وقال أحد قادة المعارضة فيتالي كليتشكو مخاطباً الحشد في الميدان "الشرطة شنت حرباً علي شعبها". من جانب آخر، استولي نحو خمسة آلاف متظاهر علي مخازن للأسلحة تابعة لوحدة عسكرية في منطقة "لفيف" غرب البلاد وذلك بعد مواجهات بالقنابل اليدوية. وهاجم متظاهرون آخرون عدة مبان حكومية في عدة مدن في غرب البلاد. في الوقت نفسه، هدد الرئيس الأوكراني فيكتور يانوكوفيتش أمس خصومه بأنه قد ينشر قوات الجيش في مواجهتهم واتهم المعارضة، بمحاولة الاستيلاء علي السلطة بالقوة، دون حصولها علي تفويض من الشعب، معتبراً أن ذلك انتهاك للدستور وهدد بملاحقة زعماء المعارضة. وقال بعد لقائه مع قادة من المعارضة إن هؤلاء السياسيين لجأوا إلي المذابح وأعمال القتل والحرق العمد، إنهم تجاهلوا مبدأ الديمقراطية وتخطوا الحدود بدعوتهم الناس الي حمل السلاح. وأوضح أنه قام بعدة محاولات للتوصل لتسوية وامتنع عن اللجوء إلي العنف. وأضاف: "لم يتأخر الوقت بعد لننصت لبعضنا البعض. لم يتأخر الوقت لوقف هذا الصراع". وأعرب مجددا عن استعداده لتنظيم انتخابات جديدة وأن يذعن للنتيجة. وأعلن الرئيس ان اليوم الخميس يوم حداد رسمي علي أرواح الضحايا. وتوالت ردود الفعل الدولية علي الأحداث في أوكرانيا لليوم الثاني علي التوالي، إذ نددت روسيا بالاحتجاجات واعتبرتها "محاولة انقلاب" وقال الكرملين إن روسيا متمسكة بسياسة عدم التدخل. في حين أعلنت الخارجية الروسية عزمها استخدام نفوذها لإحلال الهدوء. وألقت باللائمة عل الغرب في تصاعد العنف. وأعلنت وزيرة خارجية الاتحاد الأوروبي كاثرين آشتون أن الاتحاد يدرس فرض عقوبات علي "المسئولين عن القمع". ودعت إلي اجتماع اليوم لسفراء دول الاتحاد المكلفين بالشئون الأمنية لبحث " كل الخيارات". من جانبه، حث نائب الرئيس الأمريكي جو بايدن الرئيس الأوكراني علي سحب قوات الحكومة والتحلي بأقصي درجات ضبط النفس. وأبلغه بأن "الحكومة تتحمل مسئولية خاصة لتهدئة الوضع" وأكد الحاجة الماسة إلي حوار فوري. وكانت الاحتجاجات بدأت في أوكرانيا قبل ثلاثة أشهر بعدما تراجع الرئيس عن توقيع اتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي مفضلاً توثيق العلاقات مع روسيا.