هل جسدت السينما الملحمة التي خاضها الجيش في حرب أكتوبر للأجيال الجديدة لتلهب بها حماسهم وتخلق بداخلهم الشعور بالفخر الذي يمنحهم الأمل في مواجهة صعوبات وتحديات المستقبل؟ وإن لم تكن فما هي العقبات أمام انتاج فيلم يليق بملحمة العبور؟ وكيف يمكن التغلب علي هذه العقبات؟ في البداية سألنا الدكتور صابر عرب وزير الثقافة: يري البعض أن السينما المصرية لم تقدم فيلما يليق بنصر أكتوبر العظيم فما رأيك؟ أجاب " أتفق مع هذا الرأي فعلي الرغم من أهمية بعض الأفلام التي قدمتها السينما المصرية عن الحرب إلا أنه لم ينتج حتي الآن فيلم يعبر بصدق عن المعني الفني والدرامي والإجتماعي للحرب، ونحن نرجو في السنوات القادمة أن يكون هناك فيلم عظيم عن أكتوبر، فيلم تكون بدايته قصة عظيمة وسيناريو عظيم وأعتقد أن مصر مليئة بالكتاب والمبدعين، فيلم تتعاون فيه الجهات القومية مع منتجيه، وعلي الرغم من أنني واحد ممن يؤمنون بأن الفن يصنعه المجتمع، لكن ليست هناك مشكلة في أن تدعم الدولة الأفلام الجيدة، وعن نفسي أتمني أن ينتج هذا الفيلم مجموعة من المنتجين الوطنيين الذين يمكن أن تساندهم الشئون المعنوية ووزارة الثقافة". الفنانة والمنتجة إسعاد يونس أكدت أنه لم ينتج فيلم بعد، وقالت "أعتقد أن إنتاج فيلم يليق بحرب أكتوبر يحتاج لميزانية ضخمة وأننا لكي ننتج فيلما يليق بالنصر فإنه علي الدولة أن تسانده بقوة، لأن عملا كبيرا كهذا لابد أن تتعاون فيه القوات المسلحة والثقافة لأن مثل هذا العمل العظيم يحتاج إلي إمكانات مادية وبشرية كبيرة كما أنه يحتاج لوقت كبير ولا أعتقد أنه يمكن أن تكون هناك شركة إنتاج قادرة وحدها علي تمويل مثل هذا العمل العظيم". أما الفنان الكبير محمود يس فقد جاء رأيه مخالفا فقال "لا أتفق مع من يقولون إن السينما المصرية قصرت في التعبير عن حرب أكتوبر فالسينما المصرية قدمت الكثير من الأفلام الجيدة عبر تاريخها العريق،وقدمت أفلاما فيها معني عميق عبرت من خلاله عن قيم مصر الحضارية والفكرية وجسدت الكثير من قصص نضال هذا الشعب الذي واجه المحتلون يوما بعد يوم وانتصر عليهم في النهاية". أما الفنان محمود الجندي الذي كان واحدا ممن شاركوا في صنع النصر فقد قال "لا السينما ولا الشعب قد أعطي نصر أكتوبر حقه، وفي رأيي أن الأفلام التي أنتجتها السينما في هذا المجال كانت تجارية بحتة وأنا أري أن وزارة الثقافة والقوات المسلحة لم يتعاونوا من أجل التعبير عن حرب أكتوبر سينمائيا ولاسيما القوات المسلحة التي كانت تعرض معداتها بمبالغ قد تكون كبيرة علي صناع الأفلام وربما لو كانت الأسعار أقل لاستطعنا تقديم شيء أفضل وأنا أتمني أن نتدارك هذا في المستقبل". أما الناقد كمال رمزي فقد رأي أن "ما أنتجته السينما المصرية عن أكتوبر هو رثاء للحرب وليس تعبيرا عنها، فما حدث بعد الحرب هو أن الآمال التي كانت لدي المصريين بعد الحرب مباشرة لم تتحقق، وتراجعت أحلام الحرية والعدالة والتعليم كثيرا إلي الوراء، لقد ظننا بعد النصر أن مستوي التعليم سيرتفع وأنه ستكون هناك ديموقراطية نوعا ما ولكن كل هذه الظنون خابت في نهاية المطاف، وكانت هناك مسافة شاسعة مابين الصمود في أكتوبر وبين ماحدث بعد ذلك حيث جاءت سياسة الانفتاح ،وتدهور القطاع العام،وجرفت الأرض الزراعية لبناء المنازل عليها وغيرها من الأمور التي أصابت أحلامنا في مقتل،ولهذا فأنا أري أن عشرات الأفلام التي تم إنتاجها عن أكتوبر مثل بيت القاضي وسواق الأوتوبيس وغيرها كانت تداعيات لأكتوبر أكثر منها تعبير عنها". واختتم الأسباب المخرج الكبير داوود عبدالسيد فقال "بكل ثقة لم تنتج السينما المصرية مثل هذا الفيلم وأعتقد أن هناك سببين قد منعا ذلك أولا أكتوبر كان معركة حربية بين جيوش ومادامت كذلك فمن المفروض أن يقدم الجيش كل الإمكانات وثانيا: حينما نصنع فيلماً عن الحرب فينبغي أن تكون لدينا المعلومات الموثقة والدقيقة.. ومثل تلك المعلومات إلي الآن ممنوعة وحينما يتم الإفراج عنها سيكون بوسعنا عمل مثل ذلك الفيلم العظيم".