بعد نجاح الافلام المصرية التي عرضت خلال هذا الموسم بدور العرض فى الخليج لابد من اعادة النظر فى سياسة عرض الافلام المصرية التى تخسر نحو800مليون جنيه سنويا زاد عدد دور العرض فى دول الخليج بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، وخاصة فى الإمارات التى وصل عدد صالات السينما بها إلى 222 ومن المتوقع زيادتها نهاية عام 2014 لتصل إلى 550 صالة، وهو عدد يفوق صالات السينما فى مصر مهما حدث من توسعات، أصبح سوق عرض الأفلام فى منطقة الخليج يشكل رقما مهما فى سوق التوزيع العالمى وبالذات الأفلام الأميركية، التى حصدت العام الماضى أكثر من 445 مليون درهم من صالات السينما الإماراتية فقط، بل إن بعض الأفلام التى عانت هبوطا فى الإيرادات مثل فيلم زجون كارترس الذى حقق كارثة مالية لشركة ديزني، استطاع أن يحتل صدارة شباك التذاكر الخليجى ويحصد 20 مليون دولار، ومن ثم فإن شركات التوزيع العالمية تحرص على عرض أفلامها داخل هذا السوق فى نفس توقيت عرضها عالمياً بل وأحياناً قبل عرضها فى الولاياتالمتحدة الأميركية بسبب أن الأفلام الجديدة تطلق للعرض فى عطلة نهاية الأسبوع التى تبدأ عربياً يوم الخميس، وأميركياً الجمعة، وتعتمد كذلك على احصاءاته اليومية والأسبوعية والشهرية والسنوية فى برمجة اجمالى الايرادات العامة لأفلامها حول العالم، لثقتها فى التكنولوجيا المستخدمة والتى لا تقبل الشك ولدقة المتابعة التى تمنع أى محاولات للقرصنة. غياب مصرى وفى المقابل كان ولايزال أكثر ما يثير دهشة واستياء الجمهور الخليجى أن الأفلام المصرية الأقرب إلى ذوقه والأكثر جاذبية يتأخر عرضها بالشهور والتى كانت تبلغ العام فى بعض الأحيان قبل ثورة 25 يناير، وكان السؤال الدائم للمشاهدين من رواد دور العرض: لماذا تنجح الشركات التى تدير دور العرض فى الخليج فى جلب الأفلام العالمية فى التوقيتات الصحيحة، وتفشل فى انجاز نفس الشيء مع السينما المصرية؟، والحقيقة التى لا يمكن التغاضى عنها أن الشركة العربية للتوزيع التى تديرها اسعاد يونس، كانت تتعاون مع زجلف فيلمس وهى شركة تملك نسبة كبيرة فى صالات السينما بالخليج وكان يمتلكها ويديرها سليم راميا قبل أن تباع كاملا لقطر ميديا نهاية العام الماضي، حيث كانت الأولى تقوم بمنح الأفلام المصرية للعرض فى الخليج مقابل عرض الثانية بعض الأفلام الأميركية فى مصر، وبالتالى فإن زالشركة العربيةس كانت تستنفذ استهلاك الأفلام أولا فى السوق المصرية المحلية وعرضها فضائيا، قبل طرحها خليجيا، ولا يفلت من هذا الحصار الغامض سوى أفلام تعد على اصابع اليد الواحدة، لعادل امام واحمد حلمى ومحمد سعد. ورغم المحاولات التى قامت بها بعض شركات توزيع الأفلام لحل هذه المشكلة إلا أن الأمر استمر على ما هو عليه، بل وزاد تفاقماً بشكل واضح فى السنوات الخمس الاخيرة وامتدت آثاره لتشمل معظم دول الخليج، ولاحظ الجمهور ان عدداً كبيراً جداً من الأفلام المصرية المهمة التى شاهدها تعرض أو شاهد إعلاناتها فى العواصم العربية غير الخليجية لم يظهر لها أثر لا فى الإمارات أو قطر ولا فى البحرين أو الكويت أو عُمان، ما دفع بالشركة الكويتية للسينما التى يمتلكها هشام الغانم لعقد اتفاق تعاون مع شركة زفرونت روس بدبي، وقاما بإنشاء شركة انتاج فى مصر للتعاون مع الفنانين الكبار للدخول إلى السوق الخليجى بقوة، كما دفع انهيار السوق المصرى المحلى الذى انشغل جمهوره بأوضاع بلدهم السياسية، إلى لجوء المنتجين والموزعين لتعويض خسارتهم من الخليج، ولم يكن من المستغرب أن يتم عرض أفلام مثل زعلى جثتيس، زالحفلةس، زسمير أبو النيلس، وستتحس، فى نفس توقيت عرضها بمصر، وأن يحاول البعض التأقلم مع منظومة السوق الخليجى التى يمكن أن يحقق من خلالها الفيلم المصرى ايرادات توازى إن لم تتفوق مستقبلا على ارباحه من التوزيع المحلي، ولكن يبقى السر وراء ظاهرة تأخر الأفلام المصرية فى الخليج، أمر يجب توضيحه، لوضع النقاط فوق الحروف حول هذا اللغز. البيع القطعى ويكمن السبب الأساسى فى هذه الظاهرة فى تخلف أسلوب وآليات التوزيع السينمائى المصرى التى يجب أن تتغير، وتديرها عقول شابه تفهم وتستوعب التكنولوجيا، وتملك خبرة أساسيات فتح أسواق جديدة، ففى حين ان كبريات شركات السينما العالمية تتبع أسلوب التوزيع على أساس الحصول على حصة من إيراد الأفلام تتراوح بين 40% و50% تصر شركات الإنتاج والتوزيع المصرية على اتباع أسلوب البيع القطعى لأفلامها أى بيع الفيلم مقابل مبلغ مقطوع بغض النظر عن إيراداته الحقيقية، والتى يمكن متابعتها ساعة وراء الأخرى، وهى للأسف تفعل ذلك لتحمى حقوقها التى تعتقد انها قد لا تحصل عليها كاملة نتيجة الخوف من الوقوع فى فخ أشكال التلاعب فى الإيرادات الحقيقية لهذه الأفلام فى دول الخليج، وهو اعتقاد أقل ما يوصف به أنه ساذج ومتخلف عن آليات العصر، فمعظم.. إن لم تكن كل دور العرض فى الخليج تتبع أسلوب بيع التذاكر عن طريق الكمبيوتر الذى يسجل بشكل فورى عدد التذاكر المباعة لكل فيلم، والتى تظهر على الفور على مواقع الشركات صاحبة دور العرض دون أى تلاعب أو تأخير. كما أن كل شركات دور العرض فى الخليج هى شركات مساهمة وليست شركات أفراد وهى بالتالى خاضعة لنظم تدقيق محاسبى مشددة لا يسمح لها حتى لو أرادت ان تغير من الإيرادات أو عدد التذاكر المباعة، فقد جرى العرف ان يرسل به تقرير يومى عن طريق البريد الإلكترونى إلى الشركات صاحبة هذه الأفلام. مساومات بلا طائل وبسبب الأسلوب المتخلف فى التوزيع والإصرار على البيع القطعى بالجملة لمجموعة من الأفلام لمجمل دول منطقة الخليج، كانت تدخل شركات التوزيع المصرية فى مساومات عقيمة مع من يرغب فى شراء هذه البيعة، وتكون النتيجة بالطبع هى فوات الوقت وضياع المواسم المهمة، وتأخير عرض الأفلام وعدم الاستفادة من الحملات الإعلانية التى تسبق وتواكب عرض هذه الأفلام. فالطرف الذى يشترى هذه الأفلام للخليج يهمه ان يحصل عليها بسعر مناسب، بعد ان يكون قد اطلع على مدى نجاحها الجماهيرى فى السوق المصري، ويعتبر أن عملية التأخير فى الشراء تمثل عامل ضغط على أصحاب هذه الأفلام، قد يدفعهم للقبول بالسعر الذى يعرضه خوفاً من تسرب هذه الأفلام على اسطوانات ال D»D. وكانت شركات التوزيع المصرية مالكة هذه الأفلام تعتبر ان التأخير فى عرضها خليجيا، لا يسبب أى ضرر لمصالحها حيث انها لا تهتم إلا بالحصول على السعر الذى حددته لهذه الأفلام بغض النظر عن تحقيقها لإيرادات جيدة من عدمه، وهكذا يتم التضحية بمبلغ يقدر بحوالى 800 مليون جنيه مصرى سنوياً نتيجة للتأخير وضياع المواسم، كما ان بيع مجموعة مهمة من الأفلام لشركة توزيع واحدة يدفع هذه الشركات للتعنت فى أسعار وشروط إعادة توزيع هذه الأفلام على دول الخليج، والدخول فى سلسلة جديدة من المساومات العقيمة التى تضيع مزيداً من الوقت وتتسبب فى زيادة التأخير. ويبدو أن عام 2014 سيشهد جملة تغييرات فى سياسة عرض الأفلام المصرية فى صالات سينما السوق الخليجي، خصوصا بعد موسم 2013 الذى بدأت مؤشرات ايرادات الأفلام المصرية ترتفع فيه بقوة، وتتفوق على أرباح السوق المصرى الذى لا يزال يترنح تحت قرصنة بعض الأفلام فى نفس يوم عرضها، وويخشى كثير من المحللين والنقاد من بامكانية عودته إلى قوته مرة أخرى.