ما يجب ان ننتبه إليه جيدا وننزعج بشأنه جدا في قضية سد النهضة الذي بدأت إثيوبيا في الإجراءات التنفيذية لإقامته علي مجري النيل الأزرق، ليس فقط قدر المخاطر والأضرار الكبيرة التي ستلحق بمصر وتصيبها جراء بناء السد، سواء كانت هذه الأضرار تتصل بنقص متوقع في حصة مصر من المياه، أو انخفاض في قدرة السد العالي علي توليد الكهرباء، أو الاضرار الناجمة عن انهيار السد نتيجة عدم استقرار منطقة الإنشاء بفعل الزلازل. بل هناك بالإضافة إلي هذه المخاطر المادية الواضحة قدر كبير وهام من المخاطر المعنوية لابد من الالتفات إليها والاهتمام بها والتعامل معها بايجابية ووضوح سعيا للوقاية منها وعلاجها، قبل ان تستعصي علي العلاج، بعد استفحالها وتضخمها. والمقصود بالمخاطر المعنوية هنا، هي الصورة الذهنية التي أصبحت سائدة ومنتشرة عن مصر في القارة الإفريقية، ولدي دول وشعوب القارة، وهي في مجملها للأسف صورة سلبية، وتعطي انطباعا سيئاعن مصر، وتضعها في موضع المتعالي علي الأفارقة، وغير المهتم بتقوية ودعم المصالح والعلاقات الأخوية مع الدول والشعوب الإفريقية. ولمن لا يعرفون افريقيا وأهلها نقول ان هذه قضية مهمة بالنسبة إليهم، وانها مسألة مؤثرة جدا في علاقاتهم مع الشعوب والدول، حيث انهم يعطون للمشاعر الإنسانية الودودة والدافئة معني كبيرا وأهمية بالغة، كما انهم يحترمون ويقدرون من يساعدهم ويتفهم مصالحهم ويتعاون معهم، وهم بالتالي يقفون معه ويساندونه ولا يتخلون عنه وقت الشدة. من هنا تأتي أهمية الصورة الذهنية لمصر عند الأخوة الأفارقة الآن، وخطورة كونها للأسف حاليا صورة سلبية، أو علي الأقل ليست صورة ايجابية بالقدر الكافي،..، وذلك يتطلب عملا سريعا وعاجلا، وجهدا مكثفا لتعديل هذه الصورة، وان يكون ذلك في إطار خطة مدروسة وعمل منظم ببرامج تنمية محددة، ومشروعات مشتركة بيننا وبينهم تضع المصالح المشتركة موضع الاعتبار، وتعيد لمصر المكانة الرائعة والصورة المشرفة التي كانت لها في عيون وعقول وقلوب كل الافارقة منذ سنوات ليست بالبعيدة. فهل نفعل ذلك، أم نظل فيما نحن فيه من غفوة وعشوائية؟!