أخيرا، بعد مرور "12"عاما، أصبحت الكنيسة "المعلقة" بمصر القديمة، جاهزة للافتتاح أمام الزيارة الدينية، والسياحية، في احتفالية عالمية خلال الأيام القليلة القادمة، بعد أن تم الانتهاء بالكامل من المشروع الشامل لتطويرها، وترميمها، والذي بدأ منذ عام 1998، وتضمن أربع مراحل، بتكلفة إجمالية أكثر من"105" ملايين جنيه. صرح بذلك "للأخبار"، الدكتور" أحمد عيسي"، وزير الدولة لشئون الآثار.. وقال: إن مراحل مشروع ترميم الكنيسة "المعلقة"، هي المرحلة الأولي: وشملت تخفيض، وتثبيت منسوب المياه الجوفية، بحصن "بابليون الروماني"، أسفل الكنيسة، والمتحف القبطي، الذي بلغ ارتفاعه نحو" 200 "متر، أعلي منسوب أرضية حصن "بابليون" والذي كان يهدد الحالة الإنشائية للكنيسة.. وأضاف: كما تضمنت الأعمال أيضا الترميم المعماري لجسم منشأ الكنيسة، والأعمال المدنية الأخري من الإنارة والكهرباء.. والمرحلة الثانية: شملت أعمال الترميم الدقيق، حيث تم استقدام مجموعة من خبراء ترميم" الأيقونات "من دولة روسيا، لاستكمال أعمال الترميم، وهي ترميم الرسوم الجدارية و"الفرسكات" الملونة.. والثالثة : تنسيق الموقع العام "البانوراما " الخلفية، ومدخل الكنيسة، أما المرحلة الرابعة و"الأخيرة": تضمنت أعمال المشروع المتكامل للتأمين الإطفائي للكنيسة، والذي تضمن إنشاء حنفيات لإطفاء الحريق، وأجهزة الإنذار المبكر،للإطفاء التلقائي، وكذلك تزويد الكنيسة بأجهزة تكييف مركزية بخبرة إيطالية. وأشار الدكتور"أحمد عيسي"، الي أن الكنيسة المعلقة، تقع في حي مصر القديمة في منطقة أثرية مهمة هي"مجمع الأديان"، وعلي مقربة من جامع "عمرو بن العاص"، ومعبد" بن عزرا " اليهودي، وكنيسة القديس" مينا" بجوار حصن" بابليون"، و كنيسة الشهيد مرقوريوس "أبو سيفين"، وكنائس عديدة أخري..وسميت بالمعلقة لأنها بنيت علي "برجين "من الأبراج القديمة للحصن الروماني حصن" بابليون"، الذي كان قد بناه الإمبراطور" تراجان "،في القرن الثاني الميلادي، وتعتبر المعلقة هي أقدم الكنائس التي لا تزال باقية في مصر.. تحتضن منطقة مصر القديمة مجمع الأديان السماوية، حيث تزخر بالعديد من الآثاراليهودية، والقبطية، والإسلامية ..وعلي رأسها الكنيسة "المعلقة "، التي تعد درة شارع "مار جرجس"، فهي من أهم الآثار الموجودة بالمنطقة.. وتم تشييدها علي الطراز" البازيليكي"، في القرن السابع الميلادي، وقد بنيت الكنيسة، فوق حصن "بابليون" الروماني علي ارتفاع "13" مترا، ومنذ عام 1998وهي تخضع لمشروع ترميم ضخم بهدف استعادة وجهها الحضاري المشرق. وأكد اللواء دكتور "محمد الشيخة"،رئيس قطاع المشروعات بوزارة الدولة لشئون الآثار، أن الكنيسة المعلقة أثر مهم لكل مصري، وقبطي ولذلك كان الحفاظ عليها واجبا قوميا، حيث مرت بمراحل متتالية من الترميم، من أهمها تخفيض منسوب المياه الجوفية بمنطقة الكنائس، ومنها بالطبع كنيسة "السيدة العذراء" المعلقة، وذلك بالاشتراك مع محافظة القاهرة، وبدأ في عام 1998، وانتهي في عام 2003، بتكلفة"40" مليون جنيه، ثم مشروع آخر بدأ في عام 2004، وشمل الترميم الدقيق للرسومات الجدارية، والأيقونات بالكنيسة وتزويدها بوسائل الاتصال الداخلي والإذاعة الداخلية،، وانتهي في منتصف عام 2006، وتكلف "5" ملايين جنيه، بينما بدأت المرحلة الثالثة في يناير 2004، حتي منتصف عام 2006، وتضمنت تنسيق الموقع العام، والبانوراما الخلفية، بتكلفة بلغت "15" مليون جنيه، وأخيرا المشروع الذي يكمل المنظومة السابقة، ويشمل عدة عناصر، منها تكييف الكنيسة، من خلال غرفة تكييف مركزية خاصة، وقد تم الاستعانة بخبراء إيطاليين، لتحقيق الغرض المنشود نظرا لطبيعة الكنيسة، وحتمية إشعال البخور والشموع بها. بهدف تأمينها ضد الحريق، وبدأ في أغسطس 2008، واستغرق عامين، وتكلف "45" مليون جنيه. واضاف الدكتور "محمد الشيخة" : كما شمل المشروع استكمال مجموعة المدرجات، التي تم إنشاؤها خلال مشروع ترميم الكنيسة السابق، بمواجهة الكنيسة المعلقة، وخلف أبراج حصن "بابليون" عند باب "عمرو بن العاص"، بهدف جعل منطقة حصن "بابليون"، مزارا للسياح، نظرا لأهميتها التاريخية الكبيرة، التي ترجع للعصر الروماني، لاسيما وأن القاهرة لا تملك الكثير من الآثار الرومانية، ولذلك كان من الضروري إعداد هذا المكان كمزار سياحي، وقد ساعد علي ذلك الانتهاء من مشروع ترميم الحصن، ومشروع تخفيض منسوب المياه الجوفية، التي أثرت بشكل كبير علي جدرانه.. هذا إلي جانب إنشاء مدخل وبوابة خاصة للحصن، ونقطة شرطة، ومكتب تذاكر ومكتب للأثريين . وقال الأثري سمارات حافظ، رئيس قطاع الآثار الإسلامية والقبطية: ن الكنيسة المعلقة قد بنيت علي الطراز"البازيلكي"، حيث يوجد بها صفان، من الأعمدة ذات قوائم تيجان فرنسية.. يقسم الكنيسة إلي ثلاثة أروقة، كل منها ينتهي بالجهة الشرقية خلف الأحجبة الخشبية بهيكل خاص لإقامة القداس، وقد تمت إعادة بناء الكنيسة مرة أخري، علي يد "نخلة الباراتي"، في القرن التاسع عشر، والذي يوجد له بيت في مدخل الكنيسة، وتتكون الكنيسة من عناصر فنية مميزة ترجع لعصور قديمة، من أهمها الباب الشمالي للكنيسة، ويتكون من مصراعين علي كل ضلفة حشوات مجمعة تكون أشكال أطباق نجمية، وتمتاز هذه الحشوات بأنها مطعمة بالعاج، ومقصورة "الموناليزا"، والتي يرجع تاريخها للقرن الثامن الميلادي "، علي طراز العصر" العثماني"، وأعيد ترميمها في نهاية القرن التاسع عشر، حيث أضيف إليها الجزء الأوسط الذي يضم لوحة العذراء والمسيح طفلا، وحامل "الأيقونات"،وتمتاز الكنيسة "المعلقة"، بتعدد الهياكل بها سواء في القسم القديم، كنيسة "تكلاهيمانوت "، أو القسم الجديد " كنيسة "نخله الباراتي"، والتي يصل عددها سبعة هياكل، وهذه الأحجبة لها قيمة دينية باعتبارها من أكثر مواضع الكنيسة أهمية، وترجع معظم الاحجبة من حيث طراز الزخرفة والصناعة للعصر المملوكي، ثم أعيد تجديدها في فترات لاحقة، وقباب مذابح الهيكل، وهي من الأخشاب المزخرفة، توجد عليها تصاوير مختلفة مثل" السيد المسيح" وسط القبة، التي ترفرف إلي السماء وتحيط بصورة السيدالمسيح ، رسوم تضم الرسل أصحاب الأناجيل الأربعة المقدسة، ويوجد في الأركان الحاملة للقبة أربعة ملائكة، يحملون قبة السماء، وتشمل الكنيسة أيضا"110" أيقونات، تصور موضوعات دينية، وحياة السيد المسيح، والسيدة مريم، والقديسين، ومن أهم العناصر أيضا بالكنيسة "الأنبل "وهو عبارة عن منبر خاص لوقوف الواعظ..ويتكون من الرخام ويرتكز علي عدد من الأعمدة الرخامية، بها زخارف ترمز للعقيدة المسيحية، كنوع من الوعظ الديني، وأغلب الظن أنه أعيد تركيبه في بناء الكنيسة الجديدة، القرن التاسع عشر .. علي الرغم من أن كثيرا من أجزائه ذات طراز مملوكي ومن المرجح أنها من أعمال التجديد والإضافة التي تمت بالكنيسة القديمة في القرنين 14، 51 الميلادي.