قال لي صديق من بلد عربي ذات يوم : إنكم يا مصريون أغني أغنياء العرب فابتسمت له مستفسرا عن ذلك فأجاب : يكفي عليك يا مصري أنك تستيقظ صباحا وتفتح الصنبور لتأتيك مياه نهر النيل العذبة الكافية للاستحمام والوضوء أما نحن رغم أننا ملوك البترول فأننا نعاني من قلة وجود المياه العذبة والتي نقدر قيمة قطرات منها بأغلي من برميل البترول .. يومها عرفت قيمة نهر النيل وروافده وحتي الترع والقناطر التي تجري في أراضينا وتروي زراعاتنا وحمدت الله كثيرا علي نعمة سريان نهر النيل في مصر التي هي بحق هبة النيل ..ولذا فان ما يحدث من مؤامرات علي طول مجري النيل وخاصة عند منابعه الأفريقية يحزننا جميعا لأننا نجد أخوة لنا بدأوا بل اتفقوا علي سرقة النيل وحرماننا من النصيب المائي الذي وهبه الله لهذا القارة السمراء وكرمه الكبير في غزارة الأمطار علي منابع النهر وبحيرة فيكتوريا وهضبة الحبشة وجريان المياه بلا توقف منذ هطولها متخذة الطريق المعتاد الذي تقطعه منذ ملايين السنين من المنبع الي المصب عند البحر الأبيض المتوسط وهذا المجري المائي تشاركت فيه كل دول حوض النيل واتفق منذ زمن بعيد علي أن تكون لكل منها حصتها المائية التي تكفيها طوال العام لتغطية احتياجاتها المعيشية والحياتية والزراعية ولم نسمع لسنوات بعيدة عن أي أطماع أفريقية في مياة النيل الي أن ظهرت اليد الطولي لاسرائيل والتي بدأت تعبث وتحرك وتسيطر علي ضمائر الأفارقة في دول منابع النيل بهدف ازعاج مصر وجعلها تدخل في مواجهة مائية مع هذه الدول خاصة أن مصر رفضت تحويل رافد من النيل الي اسرائيل كما أن دول المنابع والحوض بدأت تفكر في إنتاج الكهرباء وبيعها عالميا فلم تجد أمامها سوي اقامة العديد من السدود علي مجري النيل غير مهتمة بما سيحدث من تأثيرات سلبية علي الحصص المائية لدول المصب وأهمهم مصر والسودان ووجدنا أن هناك اتفاقية مائية بين دول المنبع لاقامة 5 سدود دون الاتفاق الفني أوالهندسي مع مصر والسودان وفي وقت ما كانت معهما أثيوبيا ولكن بعد ثورة يناير المجيدة بدأت مصر التحرك الايجابي سياسيا وشعبيا في محاولة أخيرة لحسم الخلاف المائي وتقدير الموقف في حالة اقامة هذه السدود ولكن فوجئ العالم وأولهم مصر ببدء إنشاء سد النهضة في أثيوبيا منذ أسبوعين والذي تقرر بموجبه تحويل مجري نهر النيل الأزرق بهدف انشاء خزان يتسع ل 73مليار متر مكعب من المياه وهذا يعني التأثير الخطير علي الحصص المائية لمصر والسودان وهنا كانت الغضبة المصرية خاصة أن التقارير الفنية للجنة الثلاثية لكبار الخبراء المائيين بين مصر والسودان وأثيوبيا أجمعت علي أن هناك 4سنوات عجاف تنتظر النيل حتي يمتليء خزان سد النهضة وأنه لا قدر الله - اذا حدث انهيار لهذا السد في أي وقت فانه سيغرق السودان بأكملها وتغمر مياهه معظم الأراضي المصرية بل ومن المؤكد علي المدي الطويل تأثيره علي حصص المياة السودانية والمصرية أيضا وأن مصر كانت تطالب برفع حصتها المائية الي مابين 65و75 مليار متر مكعب حتي تتجاوز حزام الفقر المائي التي تعيش فيه الان ..كم يحزنني كمصري أن أسمع حاليا عن قيام أوغندا وتنزانيا بالبدء في بناء سدين آخرين علي مجري النيل عند بحيرة فيكتوريا بهدف انتاج الأولي للطاقة الكهربائية لبيعها عالميا وقيام الثانية بتنمية وزراعة ألف قرية في أراضيها ..الموقف خطير وجاد ولا يتم حله بالمهاترات أو الكلمات بل علينا أن نجمع كل أوراق هذه السرقة العلنية والذهاب بها الي المحافل القضائية الدولية المختصة وإلا سنموت عطشاً .