٫تلقيت دعوة للسفر إلي العاصمة المغربية الرباط للمشاركة في ندوة تعقد يومي 03 ، 13 مايو الحالي في رحاب جامعة محمد الخامس لمناقشة ما تم إنجازه في معجم "البابطين للشعراء العرب المعاصرين"، ومعجم "البابطين لشعراء العربية في القرنين التاسع عشر والعشرين"، وتتسع هذه الندوة لتقييم إبداع الشاعر عبدالعزيز سعود البابطين ممثلاً في ديوانيه: "بوح البوادي"، و"مسافر في القفار". ويشترك في هذه الندوة أكاديميون وباحثون من مختلف أقطار الوطن العربي، بمحاضرات يتناولون من خلالها أهمية المعاجم وكتب الطبقات في توثيق ما شهدته الساحة الشعرية العربية من نشاط وإبداع، ومن خلال المدارس والجماعات الشعرية المختلفة التي منحت القصيدة العربية الأصيلة تجددها، وذلك عبر رصد هذه المعاجم لألوف الشعراء الراحلين في مختلف البيئات العربية علي امتداد القرنين الماضيين، ومن هم لايزالون يبدعون بيننا، وتوثيق أعمالهم وسيرهم الشعرية، مع دراسة الملامح الخاصة بكل بيئة شعرية عربية. وتضم صفحات هذين المعجمين أيضًا معلومات عمن كتبوا القصيدة بالعربية من غير العرب.وقد كان لي، قبل ربع قرن، شرف الإسهام في تأسيس "معجم البابطين للشعراء العرب المعاصرين" مع مجموعة من العلماء الكبار أذكر منهم الدكاترة: يوسف خليف، ومحمود علي مكي، ومحمد مصطفي هدارة، ومحمد زكي العشماوي، وسليمان الشطي، وأحمد مختار عمر، فضلاً عن الأمين العام عبدالعزيز السُريع، والرئيس عبدالعزيز البابطين.ولكم أسعدني أن تتيح لي فضائية "البوادي" فرصة لقاء جمهورها من خلال برنامج "حوار فكري" الذي يعده الشاعر السكندري أحمد فضل شبلول، ويخرجه عبداللطيف زكي، فعلي مدي أسبوعين نجحت المذيعة سلوي محمود في أن تجعلني أوثق أمام الكاميرا أسرار ميلاد أول معجم للشعراء العرب المعاصرين في رحاب تأسيس هذه الجائزة العربية التي اختار مانحها أن يدشنها في القاهرة في مثل هذا الشهر من عام 1989 وهو يقول: "إن إقامة هذا المهرجان الأدبي بالقاهرة يعتبر تحية ود وإخاء من الكويت وأهل الكويت وفاءً لكنانة العرب وعرفانًا بالجميل لأدباء مصر ومثقفيها ومعلميها الذين قدموا للكويت وللخليج العربي، منذ نصف قرن، ليسهموا في دفع عجلة التعليم في ظل ظروف معيشية كانت صعبة، بينما القاهرة، عروس الشرق، والعيش بها رغدًا.وقفتي هذه بينكم كانت حلمًا يدغدغ مشاعري منذ صباي، فيشهد الله بأن لكم في نفسي وملء جوانحي، ولمن سبقوكم من الأدباء الأفاضل كل الإجلال والتقدير.إذ كنت أمني النفس فعلاً ومنذ صغري، وأنا أقرأ للزيات والعقاد والرصافي والمازني وفهد العسكر والبارودي والمنفلوطي والأخطل الصغير والشابي وغيرهم، بأن أقف بينهم لأسهم بوضع لبنة علي مرأي منهم ليرتفع صرح الأدب عاليًا في وقت انحسر فيه المد الأدبي، للأسف، إلي أدني مستوياته.ولعل هذا الانحسار هو الذي جعلني أقارن بين حاضرنا الذي يؤكد جهلنا التام بتراثنا العظيم وتجاهلنا المحزن له، وما كان يحدث منذ عهد قريب.ففي بداية القرن العشرين كانت القاهرة تعج بمنتديات الأدب والثقافة؛ وتحدثنا مجلة "الهلال" بأن رقاع -بطاقة- الدعوة وزعت لحضور حفل إلقاء القصيدة العُمَرية للشاعر حافظ إبراهيم، فكان عدد الواقفين أكثر من عدد الجالسين! كان هذا عام 1917 علي الرغم من انشغال الناس- آنذاك - بمعرفة نتائج الحرب العالمية الأولي.هذا ما جعلني أفكر في هذا الإسهام المتواضع من خلال هذه الجائزة لعلنا نعيد بجهدنا بعض أمجاد الأدب العربي.وأتمني أن يكون للمبادرات الخيرة التي يقوم بها بعض أفراد أو هيئات ثقافية، علي قلتها، أثر في رفع مستوي الأدب العربي إلي ما كان عليه في سالف الأزمان، كما أتمني مخلصًا أن تكون مثل هذه المبادرات نهجًا يتبعه القادرون ماديًا ممن أفاء الله عليهم بفيض للعمل علي النهوض بأدبنا العربي من عثرته التي يعيشها اليوم.وإلي اللقاء في مثل هذا اليوم من العام القادم إن شاء الله".نحو ربع القرن مضي علي تلك اللحظة، ومنذ أيام، وتحديداً في الخامس عشر من مايو الحالي أطلقت "البوادي" أولي حلقاتها التي تحول هذا المعجم من نسخة ورقية إلي حلقات تليفزيونية تصل إلي ثلاثة آلاف حلقة، تتراوح مدة كل منها ما بين ثماني دقائق واثنتي عشرة دقيقة. يسرد فيها شبلول سيرة شاعر، وتُقرأ قصائده المثبتة بالمعجم. ولكم أتمني أن تتسع احتفالية الرباط للتعريف بهذا المشروع الجديد الذي يمكن المشاهد العربي من التواصل عبر الفضائيات مع فن العربية الأول عبر تقنيات العصر.