هبت الزوجة الفاتنة.. من مقعدها داخل قاعة محكمة الأحوال الشخصية كما لو كانت عاصفة فوجيء بها الناس في جو ربيعى! قالت للمحكمة: - سيدي القاضي.. أرجو أن يتسع لي صدر العدالة فليس أصعب على النفس من أن يسكن الخراب بيوتا كانت عامرة.. وليس أصعب على المرأة من أن تمضي حياتها مع رجل فقدت فيه ثقتها.. ولو كانا يعيشان في قصر من قصور النعيم!.. إنني يا سيدي القاضي كنت أحرص على بيتي أكثر مما تحرص نساء كثيرات ا، لأن بيتي هو مملكتي، يستحق مني أن اغفر مرة ومرات وأن أتسامح مرة ومرات.. لكن لا أحد فوق الأرض يملك الغفران والسماح إلى الأبد، لأننا بشر، لنا قدرات محدودة تختلف عن قدرات الخالق الغفور الرحيم. سيدي القاضي.. اسمح لي أن اعبر عن مأساتي من نفس المفردات التي كنت استخدمها أنا وزوجي في عملنا كمهندسين بأحد أحياء القاهرة الراقية.. لقد أحببته يا سيدي حبا رميت له كل ما أملك من مشاعر ووجدان لبناء أساس قوي لحياة سعيدة ومسلحة بالحب والممزوج بالتضحيات.. وقفت إلى جواره في أكبر عملية "تعلية" لرجل كانت حياته لا تزيد على طابق واحد هو مؤهله الجامعي.. ساعدني ابي المليونير في إضافة كل الطوابق التي جعلت منه "برجا" آدميا متحركا لا ينقصه مال ولا أناقة ولا رأسمال لمشروع.. لكني فوجئت به بعد ستة أعوام من الزواج يصدر أقسى وأعنف وأبشع قرار ضد امرأة.. نعم. أصدر زوجي قرار بإزالتي من حياته.. طلقني من أجل حسناء لحست عقله وسرقت تركيزه وأفسدت عواطفه نحوي.. وأنا اعترف أنها كانت إحدى مؤسسات الجمال المتحركة فوق الأرض!!.. اشتعلت نيران الغضب في صدري حينما وصلتني أنباء غرامه بها، وقفت مثل أي امرأة تحب زوجها أطالبه أن يختار بيني وبينها، خرج غاضبا ولم يعد ثم أرسل لي بعد أيام ورقة الطلاق. احتملت وتحملت، صبرت على جرحي الكبير، ابتلعت همومي وأحزاني وواصلت عملي بكل التحدي والإصرار على التفوق.. وبعد عامين فقط جاءني منكس الرأس، محطم الخطوات، تهزه أنفاسه، ارتمي على مقعد مواجه لمقعدي وبكي.. اعترف لي انه وقع ضحية امرأة من بنات الشيطان.. لم تكن مجرد امرأة وإنما عصابة منظمة في شخص امرأة. أساءت إليه وكادت تفضحه وتلوث اسمه وسمعته وسيرته.. اعترف لي انه طلقها بعد أن شجعه قلبي الكبير على أن يرجع لي نادما فأصفح عنه.. !!.. وبعد تفكير عميق منحته فرصة عمره.. اشترطت ان اكون صاحبة العصمة فى عقد زواجنا الجديد وان يتضمن العقد شرطا يجعل امرى بيدى ودون الرجوع اليه وأن أطلق نفسي وقتما وكيفما أشاء !! .. نعم تصرفت بحكمة لأن من سامحت مثلي في مثل خطيئته لا يمكن أن تخرب بيتها بيدها وهي التي أعادت تعميره بإرادتها.! سيدي القاضي.. عشنا في سعادة ثلاثة أعوام أخرى.. لم أجعله يشعر يوما أنني صاحبة فضل عليه في إعادته إلى عش الزوجية.. بل تفننت في أن أعامله كزوجة وعشيقة وصديقة وأخت وأم وفقا لحالته المزاجية ودون تفكير في تأثير هذا كله على أعصابي.. لكنه عاد كما تعود ريما لعادتها القديمة ضبطته متلبسا بغرام فتاة تصغره بتسع سنوات.. ضبطته راكعا على ركبتيه أمامها.. يداه ترتعشان وهي تمضي فوق قميص نومها الحريري.. لقد ضبطته في جناية عقوبتها عند كل النساء هي الإعدام.. إعدام الحب وإعدام البيت والاستقرار والهدوء، طلقته بالشرط الذي وافق عليه .. طلقته طلاقا شرعيا بلا شبهة .. واحدة أو بمعنى أدق طلقت نفسي منه بيدي مثلما دفعني إلى أن أخرب بيتي بيدي أيضا !.. وبدلا من أن يخجل من نفسه ويحترم صبري عليه كل هذا الوقت.. إذا به لا ينتظر حتى تنتهي عدتي وجاء يطلب مراجعتي واستردادي وعودتي لعصمته.. رفضت في إباء فطلب دخولي في طاعته باعتباري مطلقة رجعية وان الطلاق الذى وقع هو الثانى .. ولم أجد أمامي سوي إثبات طلاقي البائن ورفض دعواه فقد اخبرته اننى طلقت نفسى طلاقا بائنا وقد انتهت عدتى وانا على وشك الزواج من اخر فكيف يطلبنى فى طاعته ؟.. و لا يمكن أن تكون حقوقي كزوجة أقل من حقوق لاعب الكرة الذي يتخذ قرارا باعتزال معشوقته الكرة وهو في قمة عطائه!.. لقد اعتزلت أنا هذا النوع من الرجال وهذا الموديل من الغرام رغم أني - أيضا - في قمة عطائى.! وقال الزوج للمحكمة: - نعم وافقت على ان تكون العصمة بيدهاوعلى حقها في أن تطلق نفسها وقتما وكيفما تشاء لكنه طلاق معلق ومن سمات الطلاق المعلق انه طلاق رجعي يتيح لي أن أراجع زوجتي وقتما أشاء.. أنها مازالت زوجتي لأنه لو وقع طلاقها الثاني فإن عري الزوجة لم تنفصم بعد .. ولى حق ان اطلبها فى الطاعة والا كانت ناشزا ! (( حكمت المحكمة )) وجاء حكم المحكمة مفاجأة للزوج بعد ان قدمت الزوجة مستنداتها التى تثبت انها طلقت نفسها طلقة بائنة وبالتالى لا يحق لطليقها ان يعيدها الى عصمته الا بعقد ومهر جديدين ,, كما انه بانقضاء العدة يحق للمطلقة ان تتزوج ممن تختار .. وهكذا صدر الحكم برفض دعوى الزوج .. بينما خرجت صاحبة العصمة منتشية ليس للحكم بقدر ما كادت زوجها باعلانها انها تتأهب للزواج من رجل اخر .. ولسان حالها يقول لطليقها : جرب نار الغيرة .. ولو مرة واحدة !! ابنة الوزير! حنان.. والدها وزير سابق! أحبت زميلها مجدي في الجامعة أيام كان والدها وزيرا ملء السمع والبصر.. تقدم إليها مجدي حينما كان طالبا بالسنة الثالثة بكلية التجارة بإحدى الجامعات الخاصة.. بينما كانت هي طالبة بالسنة الثانية.. مجدي كان أول الدفعة باستمرار وكان معروفا بثرائه الواضح أيضا.. لكن معالي الوزير رفض العريس لمجرد أن والده كان فلاحا وان كان يمتلك عشرات الأفدنة المزروعة حدائق فاكهة.. ولم تيأس حنان.. وعدت والدها بألا تسبب له إحراجا وألا تعترض على قراره أو تتصرف بطريقة لا تليق بمنصبه.. وبمنتهى الأدب أقسمت أمام والدها بألا تتزوج من أي عريس آخر حتى لو عاشت بقية عمرها راهبة!.. وفي نفس الوقت طلبت حنان من مجدي أن يصبر فهناك أنباء قوية عن قرب خروج والدها من الوزارة وإقالة الحكومة التي ينتسب إليها!! ويبدو أن حنان كانت كالمكشوف عنها الحجاب فلم يمض عام واحد حتى كان خبر إقالة الحكومة فوق كل لسان.. و بالفعل غادر أبوها مقعده الوثير وسط زفة إعلامية تبارك هذا الخروج الذي كان مطلبا شعبيا!!.. انكسر معالي الوزير السابق وتحينت حنان الفرصة وطلبت من مجدي أن يطلب يدها للمرة الثانية بعد أن هيأت له الأجواء!.. وبالفعل لم يستطع الوزير السابق الذي فقد هيبته وأذلته الصحافة أن يعترض على زواج ابنته من ابن المزارع الثري! تخرجت حنان وتم الزفاف.. وظن الجميع أن السعادة سوف ترفرف على عش الزوجية الذي جمع بين أشهر حبيبين في الجامعة.. ومضى عام وراء عام حتى كان العام الثالث حينما اضطرت الزوجة الحسناء الى العودة الى بيت أبيها في صمت.. ولم يفلح مخلوق واحد في أن يتوصل الى سر الخلاف الغامض ولماذا يعيش كل من الزوجين بعيدا عن الآخر.. وفجأة.. ذهب مجدي الى المحكمة يطلب زوجته في بيت الطاعة بعد أن مضى عام كامل على هجرها لبيت الزوجية وراح يفند أمام المحكمة أسبابا ومبررات دفعت كثيرين الى التعاطف معه.. قال للمحكمة: سيدي القاضي.. تحملت الكثير في حياتي مع هذه السيدة لأني أحبها.. ولازلت.. وسوف أظل أحبها.. هي لازالت تعيش دور ابنة الوزير وتعاملني على أنني ابن الفلاح العصامي.. تأمر وتنهي وتشخط وتحدثني من طرف أنفها وكلما فتح أحد معها حوارا راحت تتباهى بأمجاد والدها الذي كان من المقربين الى رئيس الدولة.. حاولت كثيرا أن أعيدها الى صوابها.. وألا تنسى أننا جميعا أولاد آدم وحواء.. لكن بلا جدوى.. إنني أستخدم حقي الشرعي في أن أطلبها في بيت الطاعة طالما أنني لم أقصر في أي حق من حقوقها فالمال تحت يدها.. تقود أحدث سيارة.. تسكن في شقة تمتلكها بأرقى أحياء القاهرة.. ملابسها من أرقى دور الأزياء.. مصروفها بلا حد أقصى.. تنفق من الفيزا كارت دون رقيب أو حسيب.. فماذا تريد بعد هذا كله! دون مقدمات هبت حنان من مقعدها بعد أن احتفظت بأعصابها طويلا.. تقدمت من المنصة ووضعت حافظة مستندات أمام القاضي ثم قالت: سيدي القاضي.. لم أكن أنتوي التعليق.. ولكنه استفزني.. أعلم أنه واثق من أنني لن أذكر السبب الحقيقي لترك بيت الزوجية اعتمادا على أخلاقي الرفيعة والبيت الكبير الذي تربيت فيه.. لكنني لا أستطيع أن أساعده على أن يخدع نفسه ويخدعني ويخدع المحكمة.. لابد له أن يفيق ويواجه الحقيقة.. أنا لا أنكر أنه منحني كل الحقوق المادية التي تحدث عنه.. ما عدا حقا واحدا تجاهله عمدا مع سبق الإصرار والترصد.. وهو الحق الذي تهون أمامه كل كنوز الدنيا.. لقد اكتشفت منذ ليلة زواجنا الأولى أن زوجي يعاني من عيب خلقي يجعله غير قادر على معاشرة النساء بأي حال من الأحوال.. في البداية تعاطفت معه وذهبنا الى الأطباء فقرروا أنه يحتاج الى جراحة غير مضمونة العواقب أو النجاح.. الغريب أنه رفض الجراحة خوفا من نتائجها.. والنتيجة أنني أصبحت أعيش مع رجل غير قادر على الإنجاب وتحقيق حلمي في الأمومة.. لو كان الأمر قاصرا على نفسي وخوفي من الفتنة ربما تحملت حتى آخر العمر.. لكن من سيعوضني عن الأمومة؟! .. هذا هو السر الذي أخفاه عنكم وظن أنني سوف أتحرج من الحديث فيه وراح يكيل لي الاتهامات بأنني مغرورة بمنصب أبي وبأنني لم أقدر سلوكه معي بالمال الذي وضعه تحت تصرفي.. المستندات أمامكم ورأي كبار أساتذة الطب في حالته.. لم يحتمل مجدي صوت حنان وهي تكمل كشف السر الذي أخفاه.. قفز من مقعده وصفعها بقوة أمام المحكمة فأسرع القاضي يأمر حرس المحكمة بالقبض عليه وحبسه لاعتدائه على حرمة العدالة كما أمر النيابة العامة بالتحقيق معه في واقعة اعتدائه على زوجته أمام هيئة المحكمة.. وفي نهاية الجلسة قضت المحكمة بتطليق حنان لتأكد المحكمة من استحالة الحياة الزوجية بينها وبين زوجها!.. لكنها لم تفرح بالحكم فى تلك اللحظة فقد كانت لا زالت تبكى من الصفعة التى تركت علامة واضحة فوق وجهها !!