لم تتقرر الولاية علي المرأة في التشريع الإسلامي لنقص في أهليتها. أو انتقاص لمهمتها. ولكنها شرعت لمقاصد بعيدة عن تلك الاعتبارات السلبية.. ولتحقيق مقاصد تشريعية أسمي من ذلك التفكير المتواضع وأعظم وأجل. ويمكن القول أن للولاية علي المرأة في عقد النكاح مقصدين أساسيين: أولهما: تحقيق الرضا المتكافئ في الزواج ولولا تدخل الولي لكان الرضا في عقد الزواج مختلا غير متكافئ.. حيث سيمضي الزوج فيه شروطه وتسكت الزوجة جريا علي عادتها في الحياء الذي فطرها الله عليه. وبخاصة في هذا العقد الذي تنفذ اثاره علي بدنها ويسمح لهذا الذي يعدد أمامها شروطه في العقد هي صامتة خجلي أن يمس بمواطن العفة والحياء من جسمها. ولا تقدر علي الامتناع حتي لا تكون عاصية لربها. وناشزة عن حق زوجها. ولو لم يشرع تدخل الولي في العقد لكان العقد مختلا لا تسمع فيه إلا حقوق الزوج. ولا تعلو في مجلسه إلا كلمته وشروطه ولذلك شرع الإسلام وجود الولي في عقد النكاح لذلك وحتي يعبر عن حقوق الزوجة فيه بعيدا عن الحياء والخجل فيكون القبول مكافئا للايجاب ويكون الرضا الذي طلبه الله في عقد النكاح متوازنا ومتعادلا في قوة القبول مع الايجاب ولان من مقاصد الشرع أن يحمي حقوق الزوجة وأن يحمي مقابل حيائها وخجلها تشجيعا منه لخلق الحياء لانه لا يأتي إلا بخير كما جاء في الحديث الصحيح وحتي لا يترسخ في أعماق الزوج انه قد وصل إليها وحصل علي الزواج منها بعيدا عن أهلها فلا يظل احترامه لها مستمرا في كل وقت. وقد يفترس ذلك الاحترام إذا لم يجد خلف زوجته ظهرا يحميها من الأهل والأولياء فينتهي الأمر بالفشل السريع. ولاشك ان وجود الولي يقلل من تلك النتائج السيئة علي نظام الأسرة إن لم يمنعها. فجعل الإسلام الولي شرطا لانعقاد الزواج وصحته. بحديث النبي صلي الله عليه وسلم "لا نكاح إلا بولي". ووجود الولي ضرورة عندما تكون الزوجة صغيرة أو ليست كاملة النضج أو العقل حيث تثبت الولاية عليها جبرا لأنها لا تقدر مصلحتها ويمارس الولاية عنها أبوها ثم جدها وعند أبي حنيفة تجب هذه الولاية علي الصغيرة لكل قريب عند عدم وجود الأب حتي ولو كان من ذوي أرحامها لان مدارها علي مصلحة الصغيرة فتناط بمن يقوم بها من الأقارب وألا يكون السلطان ولي من لا ولي له ولايري أبوحنيفة ضرورة الولاية علي المرأة البالغة العاقلة. لكنه في الولاية علي الصغيرة والمجنونة والتي تسمي ولاية "الإجبار" أي التي تثبت جبرا علي الصغيرة بتقدير الشارع وليس لأنها تجبر علي الزواج بمن لا تريده يتفق مع جمهور الفقهاء في لزومها وضرورتها لصحة النكاح. ثانيهما: ان الولاية حق لأقارب الزوجة وعصباتها حيث انهم بالزواج يصبحون أقارب من جهة المصاهرة لعائلة الزوج ولهذا كان من حقهم أن يبرزوا في العقد الذي جعله الشارع سببا لتلك القرابة ويكون لهم حضور فاعل فيه باعلاء شأن شروط الزوجة والتمسك بحقوقها المالية والأدبية حتي لا تضار بناتهم إذا ما تم الزواج بمقابل بخس لا يرقي لمهر المثل فإن ذلك الحد البخس سوف يكون هو منتهي آمال بناتهم فيما بعد. وذلك ضرر مادي وأدبي يجعل تدخلهم بالشروط في العقد مبررا ولانهم أصحاب حقوق في تلك العلاقة الجديدة ومن حقهم أن يدافعوا عنها والذين يتحدثون في الولاية علي المرأة في عقد النكاح ويظنون انها ضد أهلية المرأة او انتقاصا منها لم يراعوا تلك المراكز الحقوقية الناشئة عن عقد الزواج للأولياء ولهذا يهرفون بما لا يعلمون ان دين الله جميل ولكنه يحتاج إلي عقول علي مستوي هذا الجمال الفقهي العظيم.