حضر الحفل الأمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب ،شيخ الأزهر رئيس مجلس إدارة الرابطة العالمية لخريجي الأزهر ، حيث ألقي كلمة تكريم للوافدين أوضح لهم أن الأزهر الشريف ينتهج وسطية الإسلام الداعية إلي المحافظة علي الأخلاق العامة والآداب ، الداعية إلي الوسطية والاعتدال ، ورفض العنف والإرهاب ، موضحا للوافدين أهمية إظهار صورة الإسلام المعتدل الذي يحافظ علي تنمية الروابط الاجتماعية بين الأفراد مما يشكل صماما قويا يدفع الخوف والمخاطر عن المجتمعات ، فالرسول صلي الله عليه وسلم رسم صورة المسلم بأنه الذي سلم الناس من لسانه ويده، وأوضح صورة المهاجر بأنه من هجر ما نهي الله عنه، واعتبر الرسول المؤمن من يأمنه الناس علي أموالهم وأعراضهم ، وارتفع بقيمة الثقة الإنسانية بين الناس قائلا: التقوى هاهنا مشيرا إلي قلبه ، ورفض العدوان علي النفس الإنسانية ولو بشطر كلمة مما يسمي تحريضا ، حيث أخبر صلي الله عليه وسلم أن من أعان علي قتل مسلم ولو بشطر كلمة لقي الله تعالي ومكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله ،مما ساعد علي نشر السلم المجتمعي في وقت كانت الحضارة الإنسانية بعيدة عن معالم الرقي والتقدم الذي نشهده خلال عصرنا الحاضر طالب شيخ الأزهر الأئمة بأن يكونوا أدوات في تبليغ دعوة الله إلي الناس كافة ، بالموعظة الحسنة والحكمة ، وأن يكون الجدال قائما علي مبدأ اللين والبعد عن الغلظة قال تعالي : « ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك «، وضرب الرسول صلي الله عليه وسلم أعظم الأمثلة في اللين والرحمة والبعد عن العنف والتطرف الفكري ، واعتبر أن من أخلاقيات المسلم العفو عمن ظلمه ، ووصل من قطعه وإعطاء من حرمه ، وبذلك دخل الناس في دين الله أفواجا ، بما حمله الإسلام من قيم ومبادئ إنسانية ترفض الأزدواجية في التعامل مع الناس وإقرار ميثاق عالمي لحقوق الإنسان لا فرق فيه بين عربي وعجمي إلا بما يقدمه من مساعدة لنفع البشرية وسيادة الأساليب الحضارية ، وجاء نصه صلي الله عليه وسلم في خطبة الوداع قاطعا بقوله : كلكم لآدم وآدم من تراب ، ومتي التزم الداعية تلك الأسس والمبادئ في السير علي طريق الله تعالي تحققت مناهج النفع البشرية في أرقي مناهجها. من جانبه أوضح الدكتور محمد عبد الفضيل القوصي ، نائب رئيس الرابطة للشئون العلمية أن مؤسسة الأزهر أسهمت في إثراء الحياة الثقافية و الاجتماعية في مصر والعالم باعتباره أكبر مؤسسة دينية إسلامية تحرص علي سيادة مبادئ وسطية الإسلام و اعتداله الناتجة عن صحيح الدين رغبة في ترسيخ الفهم الواعي لمبادئ وقيم الإسلام، واحترام التعددية الفكرية، ودعم التعايش السلمي بين الشعوب ، وتعميق أسس ومبادئ المواطنة والتعاون بين الناس جميعا ، واحترام الآخر ونشر المحبة و المودة بين الشعوب، فمؤسسة الأزهر تعد المؤسسة العلمية الوحيدة في العالم التي ظلت طوال عشرة قرون تواصل رسالتها في جماعة المسلمين دون التفات أو تأثر بالطائفية أو المذهبية أو التشدد رافعا راية منهجه التي يدعمها علماؤه بالفكر المعتدل بلا إفراط أو تفريط ، رافعين شعار نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضا فيما اختلفنا فيه، استلهاما من قوله تعالي لرسوله : « أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين « وقوله : «من شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر « وإذا استطاع الدعاة ترجمة تلك القيم والمبادئ الي واقع أخلاقي وعملي ملموس انتشر الإسلام بقوة الدفع الذاتي . أشار أسامة ياسين نائب رئيس الرابطة للشئون الإدارية إلي أن الرابطة العالمية لخريجي الأزهر تعد نافذة مضيئة علي العالم تدعوا للتسامح وترسيخ الوسطية والاعتدال بالبعد عن التشدد و الغلو والتطرف ، بعدما انتشرت خلال الفترة الماضية إلصاق التهم بالإسلام من خلال تصرفات بعض المسلمين الذين تأثروا بالأفكار الدخيلة علي الإسلام ، لذلك فإن الأزهر يسعي إلي إعادة رسم الصورة المعتدلة عن الإسلام التي يحمل الأزهر لواءها منذ آلاف السنين ، ومع إرسال الأزهر بعثات خارجية إلا أن الاعتماد علي تلك البعثات بشكل كامل لن يجدي في تحقيق الغرض الشامل الذي يحرص عليه الأزهر ، لذلك لا بد من تحمل مسلمي الغرب والشرق دورهم في تلك الرسالة البالغة الأهمية بنشر معالم الاعتدال الوسطي ، ورفض المذهبية والعنصرية الحوارية ، قال تعالي : « قل يا أهل الكتاب تعالوا إلي كلمة سواء بيننا وبينكم ألا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئا ولا يتخذ بعضنا بعضا أربابا من دون الله فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون» ، لذلك تأتي هذه الدورات من قبيل تجديد دماء الفكر لدي أبناء الأزهر من المقيمين بالغرب والشرق علي السواء.
قال حسن محيي الدين القادري من باكستان إن رابطة خريجي الأزهر أصبحت بمثابة همزة الوصل التي تربط بين الخريجين والدعاة في الغرب والشرق حيث تمثل لنا تلك الدورات التي تنظمها الرابطة إضافة لأفكار ومناهج الدعاة في التعرف علي أساليب الدعوة الوسطية من خلال الالتقاء بكبار المفكرين الإسلاميين الذين يشرحون مناهج الفكر الإسلامي الراقي بأساليب غاية في السهولة والبساطة بما يساعد علي تزكية روح الفهم والمعرفة لدينا كدعاة وأئمة نتحمل لأجل كشف الغيم عن صورة الإسلام الكثير مما لا يحتمل في ظل هجوم متتابع بلا انقطاع. أما الداعية حافظ نذير أحمد خان من هولندا قال لقد إلتفت الأزهر إلي أهمية تنمية العلاقات التبادلية بيننا وبين المركز الرئيسي بالقاهرة حيث تخرجنا منذ سنوات طويلة والحصول علي كتب المعرفة الدينية الوسطية السمحة أمر غاية في الصعوبة لذلك كانت اللقاءات الفكرية التدريبية التي نظمتها الرابطة بمثابة تنقية الفكر من الشوائب خلال الفترات الماضية وتزويدنا بالمؤلفات والمناهج العلمية التي يحتاجها أبناء المسلمين في هولندا الذين يقيمون في أجواء تمتلئ بالعنصرية والكراهية للإسلام. الداعية محمد رمضان القادري من بريطانيا أكد أن الإسلام بدأ غريبا وسيعود غريبا كما بدأ وأن الغرباء هم المسلمون الذين يحملون اليوم مكافحة حمي الهجوم علي الإسلام في العالم المعاصر الرافض لفتح منهجية الحوار التبادلي المعرفي، والذي يأخذ الحوار من جانب واحد دون طرح القضايا علي طاولة النقاش بنا يحقق مصالح الجميع في نقطة التقاء نهاية الأمر ، ومع ذلك يثبت الإسلام قدرته علي التمدد والانتشار الذاتي المدعم بالأدلة. الداعية حافظ محمد إقبال أعظم من فرنسا طالب التوسع في زيادة عدد المشاركين بدورات الرابطة التدريبية وفتح المزيد من عدد فروع الرابطة بكافة دول العالم رغبة في الوصول إلي المسلمين المتعطشين شوقا إلي مبادئ وعلوم الإسلام ومعارفه ، فلا شك أن الإسلام يحتاجه العالم في العصر المادي الحالي الذي طغت فيه نظريات المنفعة والمصالح علي لغة القيم والمبادئ مما أسهم في نشر الاحتكار والاستغلال